قراءة جديدة في نداء الامام الخامنئي الى حجاج بيت الله الحرام
الامام الخامنئي سلط الضوء في بيانه الاخير على جملة من القضايا ذات الاهمية على الصعيدين العبادي والسياسي على الساحتين الاسلامية والدولية نستعرضها وفق النقاط التالية:
1-تأثيرات الحج: وصف الامام الخامنئي موسم الحج بأنه من بواعث عزة وعظمة وازدهار العالم الاسلامي حيث لاينبغي حصر هذه الفريضة بمجموعة من الشعائر والطقوس الدينية كما يحاول النظام السعودي وبعض الانظمة الرجعية الحليفة اختزالها وتقليص دورها الواسع وبالتالي تحجيم تأثيراتها الايجابية على المسلمين.
ونوه الى حرمان المسلمين من الحج خلال العام الجاري بسبب تفشي جائحة كورونا داعياً الى معرفة قدر نعمته العظيمة وديموميته وعدّ المطلوب من اداء هذه الفريضة مراجعة جميع الجوانب الدينية الفردية والاجتماعية والارضية والسماوية والتاريخية والعالمية ودورها في رد كيد الاعداء واصفا الحج بمثابة مناورات تبلور الاقتدار في مواجهة المستكبرين من خلال الحرب الناعمة.
ومن هنا نلاحظ ان سماحته لايرى الحج مجرد شعائر وطقوس عبادية فردية وانما منظومة متكاملة تمنح المسلمين القوة في مواجهة الاعداء وتحقق لهم العيش الكريم وتربطهم بأواصر الاخوة.
2- مواجهة الاعداء: ركز سماحته في جزء كبير من بيانه على العدو الرئيسي للامة الاسلامية وهو اميركا لافتا الى ان حكومتها التي لاتشعر بالمسؤولية تجاه شعبها وتتعامل بعنصرية مع شرائحه على خلفية العرق واللون ينبغي ان يكسب الدروس لحكام الامة الاسلامية حيال سلوكها مع الشعوب المستضعفة، واصفا ممارساتها بمثابة صورة أوسع شمولية لسلوك الشرطي الذي خنق الشخص الملون بركبته.
ووصف سماحته سلوك اميركا بأنه منبثق عن الجاهلية الحديثة ولايتحدد بتصرفات مرحلية عابرة بل هو فكر و نهج ثابت ينبغي مواجهته من هذا المنطلق كما واجه المسلمون في صدر الاسلام الجاهلية الاولى.
ونوه سماحته الى ان الحج الابراهيمي هو ظاهرة مجيدة للاسلام ضد هذه الجاهلية وفي هذه اشارة لطيفة الى مواجهة النبي ابراهيم عليه السلام لطاغوت زمانه وماترتب عليها لاحقا من شعائر يؤديها الحجاج في رمي الشياطين وهو الرمز الذي ينبغي الشعور به على صعيد مواجهة شياطين العصر بشكل موحد ومن منطلق الشعور بالاخوة بين المؤمنين وتجنب الصراعات والنزاعات التي تحاول القوى الشيطانية والاستكبارية تأجيجها بين صفوف الامة الاسلامية.
إذن يرى سماحته أن الحج ينبغي ان يشكل مدرسة لبناء مجتمع متكامل تقوم على الاخوة ونبذ الخلافات من اجل تعزيز القدرات وتعبئة الطاقات في مواجهة الاعداء وفق محورية التوحيد الخالص نظريا وعملياً.
3- النموذج العملي: استعرض سماحة الامام الخامنئي النجاحات التي حققها الشعب الايراني بفضل ثورته الاسلامية بقيادة قائدها الكبير الامام الخميني الذي بنى اسسا عريقة للحضارة الاسلامية الحديثة حول محور التوحيد وفق مدرسة وتوجيهات القرآن الكريم، وأكد سماحته على الرؤية الاخوية التي تبلورت بين مختلف أطياف الشعب الايراني فضلا عن شعوره بالاخوة مع اشقائه المسلمين بل معاملته لغير المسلمين بلطف وعدل ايضا مالم يدخلوا في العداء وكذلك توجهات الشعب في دعم اشقائه المضطهدين في فلسطين واليمن وغيرها.
4- النصائح: وجّه الامام الخامنئي النصائح الى حكام المسلمين بالاعتماد على اشقائهم وعدم مد اليد الى الصهاينة أعداء الامة الاسلامية والارتماء في احضانهم وحذرهم من مغبة التنازل عن كرامة شعوبهم واستقلالها بهدف تحقيق مكاسب شخصية لايام معدودة مايوصمهم بالمذلة والعار الابدي، لافتا الى ان وجود اميركا العدو الاول للمسلمين في غرب آسيا مضر بشعوبه.
والنتيجة أن سماحة الامام الخامنئي أراد، من خلال بيانه الاخير، النظر الى شعائر الحج باعتبارها منظومة كاملة تساهم في دفع المسلمين نحو بناء حضارة اسلامية متكاملة تقوم على قواعد الاخوة والتضامن من منطلق التوحيد الخالص بهدف ايجاد حلول لمشاكل العالم الاسلامي السياسية والاقتصادية وغيرها واكتسابهم العزيمة في مواجهة شياطين العصر من أجل دعم الشعوب المضطهدة ورد كيد الاعداء وطردهم من اراضي المسلمين.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق