أهداف دعوة ترامب لتأجيل الانتخابات الرئاسية
يأخذ العديد من المراقبين السياسيين إمكانية نشوب حرب أهلية في أمريكا على محمل الجد ، وقد طلبوا مرارًا وتكرارًا من أعضاء الكونغرس التفكير في اتخاذ تدابير لليوم الذي يلي اليوم الثالث من نوفمبر، لأنهم يدركون بأن ترامب ليس مستعدًا بسهولة للتنازل عن البيت الأبيض، ومن المحتمل أنه يأمر ترامب نفسه أنصاره بالتمرد.
بعد أن تبقى فقط أقل من 100 يوم على موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في 3 نوفمبر من هذا العام، ظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا ببيان غريب دعا فيه إلى تأجيل الانتخابات. وقال ترامب في 30 يوليو 2020، في تغريدة له على منصة تويتر أنه “يعتقد أن هناك احتمالية كبيرة للتزوير في ظل نظام التصويت الأمريكي الحالي”. ووفقًا للرئيس الأمريكي “بالتصويت العام عبر البريد ستكون 2020 الانتخابات الأقل دقة والأكثر تزويرا في التاريخ وستشكل احراجا كبيرا للولايات المتحدة”..
في الواقع، الانتقاد الرئيس الذي واجهه دونالد ترامب كان فيما يتعلق بإجراء انتخابات عبر البريد. وتفيد التقارير الحالية أن ست ولايات، وهي كاليفورنيا ويوتا وهاواي وكولورادو وواشنطن وأوريغون، ترغب بإجراء انتخابات رئاسية عبر البريد. وفي هذه الولايات، يتم إرسال بطاقات الاقتراع إلى الناخبين المسجلين، ويجب عليهم إرسال بطاقات الاقتراع بالبريد أو إلى مركز الاقتراع يوم الانتخابات. ومع ذلك، ستكون عملية التصويت التقليدية متوافرة ولكن بشكل محدود جدّا. بالإضافة إلى ذلك، ستسمح نصف الولايات لموطنيها بالتصويت عن طريق البريد إذا لزم الأمر.
تأتي مطالبة ترامب في تأجيل الانتخابات في الوقت الذي يفتقد فيه الرئيس الى الأهلية القانونية لتأجيل الانتخابات. وبموجب قانون تم تمريره عام 1845، يجب إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية كل أربع سنوات يوم الثلاثاء الذي يلي يوم الاثنين الأول من شهر نوفمبر – الذي يصادف هذا العام 3 نوفمبر 2020. ويتطلب تغيير القانون موافقة الكونغرس الأمريكي، ما يعني أن على كل من مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديمقراطيون ومجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الجمهوريون التصويت لمصلحة المقترح.
وعلى الرغم من أن دونالد ترامب عدل مواقفه في التغريدات التالية بسبب معارضة زعماء كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، فالسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو لماذا طالب ترامب بتأجيل الانتخابات في ظل الظروف الحالية. وفيما يتعلق بهذا السؤال، يمكننا الإشارة إلى ثلاثة أهداف مهمة.
مساعي ترامب لدفع الديمقراطيين لسحب التصويت البريدي
مما لا شك فيه، يمكن تقييم نية دونالد ترامب الأولية لتأجيل الانتخابات وإثارة قضية التزوير، هو فيما يتعلق بمسألة إلغاء أو إنهاء التصويت البريدي. وفي الواقع، بسبب تفشي فيروس كورونا بشكل واسع في الولايات المتحدة في بعض الولايات التي يسيطر عليها الديمقراطيون، تم اقتراح خيار المشاركة في الاقتراع عن طريق البريد.
وفي الوقت الحالي طرح ترامب حججًا وأسبابًا لاحتمال حدوث تزوير من خلال التصويت البريدي. ويرى ترامب، أنه أثناء عملية إرسال بطاقات الاقتراع، من الممكن أن يفقد مكتب البريد، بطاقات الاقتراع أو عدم تسليمها في الوقت المحدد وبالتالي اختلاط بطاقات الاقتراع. ومن المحتمل أن يتسبب ذلك في أن تستغرق نتيجة الانتخابات بضعة أيام، على عكس الماضي.
لكن قلق ترامب الحقيقي يمكن حصره في حقيقةِ مفادها أنه يدرك جيدا أن العديد من الأمريكيين غير راضين عنه، وحتى وفقًا لآخر استطلاعات الرأي، فإن ثلثي الشعب الأمريكي مستاء من أدائه. وفي ظل هذه الظروف، يعرف ترامب أنه لن تكون لديه فرصة للفوز إذا لم يشارك الجمهوريون في الولايات الجمهورية في الانتخابات بسبب خوفهم من الإصابة بكورونا. وبشكل عام ، تبدو تصريحات ترامب الجديدة أكثر من مجرد أداة ضغط على الديمقراطيين لإجبارهم على التراجع عن إجراء انتخابات بريدية، ولكن لا يبدو أن لا الديمقراطيون على استعداد للتراجع، ولا أن ترامب يرغب بالموافقة على إجراء الانتخابات عبر البريد.
مساعي ترامب لتشجيع الناس على التصويت من خلال إظهار المظلومية
يمكن اعتبار أحد أهداف ترامب الأخرى في الدعوة إلى تأجيل الانتخابات هو فيما يتعلق بإثارة مشاعر المواطنين الأمريكيين، وخاصة الجمهوريين، لضمان مشاركة أكبر نسبة ناخبين وإعادة انتخاب ترامب رئيسا لأمريكا. وأثار ترامب مؤخرًا أسئلة مثل “لماذا لا أحد يحبني؟” ، و”ربما يفوز بايدن “النعسان” في الانتخابات” ، و”الديمقراطيون ينوون الغش” ، “التصويت البريدي غير عادل” و “يجب تأجيل الانتخابات بسبب كورونا” ، وكلها تهدف إلى كسب نوع من التعاطف مع المواطنين والرأي العام. وفي الواقع، أصبحت “إظهار المظلومية” استراتيجية ترامب الجديدة لمنع الهزيمة في الانتخابات.
إرساء الأسس لرفض نتائج الانتخابات وإمكانية نشوب حرب أهلية
على صعيد آخر، فإن أحد أهداف ترامب، التي أخافت الديمقراطيين ولفتت أنظار المراقبين السياسيين، هو دوافع ترامب لرفض نتائج الانتخابات وربما خلق أزمة أمنية كبيرة في أمريكا. وحقيقة الأمر هي أنه في الوقت الحاضر أصبح المجتمع الأمريكي ثنائي القطب بشكل كبير ويمكن تقييم الوضع المستقبلي كمستودع للبارود يحتمل الانفجار. ويعتقد العديد من الجمهوريين المتعصبين وأنصار ترامب المتطرفين، أن الأخير رسول مرسل من الله وأنهم مستعدون لفعل أي شيء للدفاع عن الرئيس.
وأصبح حديث الشارع في الوقت الحالي هو ما إذا كان ترامب وأنصاره المتطرفون سيقبلون نتيجة الانتخابات أو أنهم سيتجهون للسلاح إذا ما فشلوا في الفوز بالانتخابات. وفي الوقت الحاضر، يأخذ العديد من المراقبين السياسيين إمكانية نشوب حرب أهلية في أمريكا على محمل الجد ، وقد طلبوا مرارًا وتكرارًا من أعضاء الكونغرس التفكير في اتخاذ تدابير لليوم الذي يلي اليوم الثالث من نوفمبر، لأنهم يدركون بأن ترامب ليس مستعدًا بسهولة للتنازل عن البيت الأبيض، ومن المحتمل أنه يأمر ترامب نفسه أنصاره بالتمرد.
المصدر/ الوقت