نتنياهو يبدأ تنفيذ مشاريع الضّم.. والعالم لا حول له ولا قوّة
هزيمة تتلوها هزيمة، وهروبٌ يتبعه هُروب، نتنياهو المُحاصر داخليّاً وخارجياً لم يجد غير ضمِّ أراضِي الفلسطينيين المُحتلة يستقوي عليها بآلته العسكريّة علّه يُحقق إنجازاً يحفظ به ماء وجهه، ويُجنِّبه محاكمةً ستقضي على مُستقبله السياسي، ورُبّما تُحقق له أملاً آخراً بإجراء انتخاباتٍ مُبكرةٍ تُخوِّله تشكيلَ حكومةٍ ينفردُ بحكمها، غير التي يرأسها الآن ويتشارك مع حزب أبيض أزرق ورئيسه بيني غانتس في الحكومة ويتعاقبان على رئاستها.
مُعتمداً على الدّعم الأمريكي؛ كان يعتقد نتنياهو أنّ صفقة القرن ستمرُّ وتُكون القشة التي ستُنقذه من الغرق؛ غير أنّ الرياح الأمريكيّة لم تسر بما تشتهيه سُفنُ نتنياهو، إذ آثر الأمريكيون أن ينتظر الكيان الإسرائيلي ورئيس حكومته حتى إجراء الانتخابات الأمريكية المُزمع إجراءها في نوفمبر المُقبل، إذ يُريد ترامب التأكد من حصوله على أصوات اليهود الأمريكيين ليُطبق صفقة القرن.
الأخبار الواردة من البيت الأبيض نزلت كالصاعقة على رأس نتنياهو، ليُقرر البدء بقضم الأراضي الفلسطينيّة على الرّغم من علمه أنّ تنفيذ مشروعٍ كهذا سيُشعل نار حرب مع الفلسطينيين حيث أنّ ضم المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية وغور الأردن إلى الكيان الإسرائيلي، يُشكل إعلان حربٍ من طرف الكيان، ورُبّما هو بالضبط ما يُريده نتنياهو الذي يبحث عن حربٍ تُنجيه من المحاكمة كما ذكرنا وتفتح له آفاق حكومة جديدة.
المسؤولون الفلسطينيون أكدوا أن الكيان الإسرائيلي بدأ وبشكلٍ سِّري تنفيذ خطّته لتطبيق السيادة على أجزاء من الضفة الغربية، مستندين في ذلك على تصريحات نتنياهو نفسه الذي أكّد خطة الضم “لم يتم استبعادها من جدول الأعمال”، وتقول الأخبار الواردة من الأراضي المُحتلة إنّ حكومة الكيان بدأت ببناء أكثر من ألف حدة سكنيّة في مستوطنات “جفعات هاماتوس” الواقعة داخل حدود بلدية القدس، بالإضافة إلى 3412 وحدة سكنية ضمن مخطط الـ (E1) الذي يهدف إلى ربط القدس الشريف بعدد من مُستوطنات الكيان الإسرائيلي الواقعة شرق المدينة في الضفة الغربيّة مثل مُستوطنة معالي أدوميم، ويؤكد الفلسطينيون أنّ البناء ضمن مُخطط الـ E1 سيجعل من المستحيل عليهم إقامة دولة متصلة.
البناء في المُخطط E1 يمثل وبما لا يدع مجالاً للشك بداية تنفيذ رؤية ترامب “صفقة القرن” كما انّ الشروع في بناء هذه المُستوطنات علامة واضحة على أن خطة الضم قيد التنفيذ، ومن جهةٍ أخرى فإنّ الأنشطة العامة للكيان الإسرائيلي المُتضمنة التوسع الاستيطاني وبالإضافة لتصعيد الاعتقالات وهدم المنازل ناهيك عن الهجمات على المسجد الأقصى جميعها تسير في اتجاه واحد، وهو البدء بعمليات ضم المُستوطنات وتهويد المسجد الأقصى والأراضي الفلسطينية المُحتلة.
سياسة الأمر الواقع
على قدمٍ وساق؛ يسير الكيان الإسرائيلي بسياسة الأمر الواقع، وبالنظر إلى عدد المنازل التي هدمت في أنحاء الضفة الغربية بسبب “قضايا تراخيص البناء” و”الإجراءات العقابية” آخذ في الازدياد منذ إطلاق صفقة القرن المشؤومة.
فمنذ إطلاق تلك الصفقة بدأ الكيان باستخدام ذريعة “الأمن” لهدم منازل الفلسطينيين، ومصادرة أراضيهم واتباع سياسة توسيع المستوطنات على طول الطرق التي تربطها، الأمر الذي يمنع وبشكلٍ قاطع إنشاء دولة فلسطينية.
الفلسطينيين في القدس الشرقية ونتيجة التضييق عليهم من قبل حكومة الكيان لم يبقَ لهم من خيار سوى البناء بدون تصاريح بناء الأمر الذي أتى كنتيجة مباشرة لسياسات الكيان الإسرائيلي التي جعلت من المستحيل على الفلسطينيين الحصول على تصاريح للبناء، حيث يستخدم الكيان الإسرائيلي هذه السياسة من أجل تعزيز يهودية القدس وتكريس أغلبية يهودية يمكن الاستفادة منها في أي استفتاء شعبي مُستقبلي لضم القدس إلى الكيان، ومن أجل هذه الغاية يسعى الكيان لجعل حياة الفلسطينيين في المدينة لا تطاق، الأمر الذي سيدفعهم في النهاية وبحسب ما يعتقد ساسة الكيان إلى مغادرة منازلهم، وبالطبع سيقول أولئك الساسة أنّ الأمر تمّ بإرادة الفلسطينيين!.
وفي النهاية؛ من الواضح أنّ الفلسطينيين سيبقون وحيدين أمام آلة الكيان الحربيّة، فلا الاتحاد الأوروبي الذي عوّل عليه الفلسطينيون سيُقدم لهم شيئاً سوى التنديدات الفارغة التي أسكتها وزير خارجية الكيان غابي أشكنازي مُدعياً أنّ الأمر مُرتبطٌ بأمن الكيان الإسرائيلي، وأنّه غير قابل للتفاوض حتى مع الاتحاد الأوروبي، الذي ردّ على تصريح أشكنازي بأنّه –أي الاتحاد الأوروبي- يتطلع إلى مواصلة العمل مع حكومة الكيان الإسرائيلية بطريقة بناءة وشاملة، وهذا يعني فيما يعنيه أنّ هذا الاتحاد سيوافق على مشاريع الضم وسيكون إلى جانب الكيان إذا أراد بناء المزيد من المستوطنات تحت حُجّة الحفاظ على الأمن.
أما الدّول العربيّة؛ فلا حول لها اليوم ولا قوّة، بل أسوء من ذلك باتت تتعامل مع الكيان دون خجلٍ أو خوف، إذ يؤكد أشكنازي أنّ مشاريع الضّم والبناء هذه تتم بالتنسيق مع عدد من الدول العربيّة!.
المصدر/ الوقت