التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

انضمام “برايان هوك” إلى أوراق “ترامب” المحترقة والمناهضة لإيران 

كانت استقالة “برايان هوك”، المبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران ورئيس مجموعة العمل الإيرانية في وزارة الخارجية الأمريكية، مساء الخميس الماضي علامة بارزة لاعتراف البيت الأبيض بفشل سياساته في ممارسة أقصى قدر من الضغط على إيران وخاصة عقب انسحاب الولايات المتحدة غير المشروع من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT) في عام 2018 بهدف جعل إيران تجثو على ركبتيها والخضوع لجميع مطالب البيت الأبيض غير المشروعة من خلال فرض عقوبات قاسية وواسعة النطاق على طهران ولكن هذه الاخيرة لم تخضع ولم تستسلم للأطماع الأمريكية الخبيثة، بل إنها أستمرت في المضي قدما في تحقيق العديد من الإنجازات في مختلف المجالات العسكرية والاقتصادية وغيرها من المجالات.

تساقط أوراق “ترامب” المحترقة ضد طهران

أعلن وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” يوم الخميس الماضي أن “برايان هوك” العضو الجمهوري الذي يعد من بين أقوى الشخصيات في الخارجية الأمريكية، قرر الاستقالة والعودة إلى العمل في القطاع الخاص. ويأتي التنحي المفاجئ لـ”هوك” في وقت دقيق تحاول فيه واشنطن حشد التأييد في الأمم المتحدة لتمديد حظر أسلحة مفروض على إيران، وفي وقت يعد فيه مجلس الأمن الدولي لتصويت يجري الأسبوع المقبل على الأمر. وسيحل “إليوت أبرامز” محل “هوك”، وهو أيضا من قدامى حزب الجمهوريين وكان أحد مهندسي غزو العراق في عام 2003، وقاد مؤخرا حملة “ترامب” غير الناجحة للإطاحة برئيس فنزويلا “نيكولاس مادورو”. وسيواصل “أبرامز”، الذي عرف في الثمانينيات بقيادته حملة الدفاع عن الحكومات اليمينية في أمريكا اللاتينية، مهامه كممثل خاص لشؤون فنزويلا، إلى جانب دوره كمبعوث خاص بإيران.

الجدير بالذكر أن “برايان هوك” هو أحد المسؤولين الأمريكيين القلائل الذين فروا من قيود جهاز السياسة الخارجية الأمريكية واحتفظوا بمناصبهم بعد الإطاحة بوزير الخارجية “ريكس تيلرسون”. ولقد اتخذ “هوك” موقفاً قوياً ومتطرفًا للغاية ضد إيران ودعا، على سبيل المثال، إلى تمديد حظر الأسلحة الإيراني. ولقد كان أحد الشخصيات الرئيسة في حملة “ترامب” لممارسة أقصى قدر من الضغط على إيران، حيث تم تكليفه بالتنسيق مع الوكالات والقوات الحكومية الأمريكية الأخرى لفرض أكبر قدر ممكن من العقوبات على طهران. ومن واجباته الأخرى كانت تتمثل في رصد القنوات التي تستعين بها طهران للالتفاف على العقوبات التي فرضتها واشنطن عليها وضمان تنفيذ هذه العقوبات من قبل الدول الأوروبية الأخرى من خلال القيام برحلات مختلفة وتعزيز الحرب السياسية والإعلامية على طهران.

لكن بعد عامين من عمله كرئيس لمجموعة العمل الإيرانية، انضم هذا الرجل الذي لم يتمّكن من تحقيق أي شيء يذكر، إلى طابور المتشددين الآخرين والمتعطشين للحرب الذين وصلوا إلى البيت الأبيض في عهد “ترامب” والذين فشلوا في اجبار طهران على الخضوع لواشنطن وتنفيذ مطالبها. وكان أشخاص مثل “نيكي هايلي”، سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، و”جون بولتون”، مستشار الأمن القومي السابق، شخصيات بارزة مناهضة لإيران ومقرَّبة من “ترامب”، قامت بتقديم استقالتها خلال الفترة الماضية. ولكن لا تزال عدد من الشخصيات المتشددة والمتطرفة المناهضة لإيران في البيت الأبيض مثل “بومبيو”، وهناك تقارير تفيد بأن “ترامب” يحاول إبعاده عن وزارة الخارجية من خلال حثه على الترشح في انتخابات مجلس الشيوخ المقبلة. في الواقع، إن أولئك الذين ضللوا “ترامب” في السنوات الثلاث الماضية، بنصائحهم الخاصة، بشأن إمكانية زيادة الضغط على إيران، تركوه الآن وحيدًا في أسوأ موقف ممكن له وهذا الامر قد يزيد من احتمال خسارته في الانتخابات الرئاسية القادمة، خاصتاً وأن شخصية مثل “بولتون”، قد كشفت خلال الفترة الماضية العديد من فضائح هذا الرئيس المتهور.

نهاية “هوك”؛ فشل الضغوط على طهران والارتباك الحاصل في البيت الأبيض

لا شك أن استقالة “هوك” تعني قبل كل شيء فشل استراتيجية الضغط الأقصى على إيران، لأن أهم جزء في هذه السياسة هو عدم القبول والتنحي. أن البيت الأبيض فشل في إجبار الدول الأعضاء في مجلس الأمن على إعادة فرض عقوبات الأسلحة على طهران وفقد فعليًا سلطته للتعليق على أي اتفاق نووي مع إيران. وفي ظل هذه الظروف، لم تؤد سياسة إيران المتمثلة في التحول شرقًا والتجارة مع جيرانها إلى تقويض الفعالية الكاملة للعقوبات فحسب، بل أيضًا أنها القت بظلالها على فشل جميع العقوبات التي كان هدفها جلب طهران إلى طاولة المفاوضات. يذكر أنه في الأسابيع الأخيرة، بدأت جمهورية إيران الإسلامية دبلوماسية نشطة لتوقيع عدد من اتفاقيات التعاون مع الصين وروسيا. وفي البداية، كان هناك حديث عن توقيع صفقة بقيمة 400 مليار دولار بين طهران وبكين تمتد لمدة 25 عامًا وبالفعل تم التوقيع خلال الفترة الماضية على عدد من الاتفاقيات طويلة الأمد بين إيران والصين في مختلف المجالات وخاصة في مجال الطاقة وعبور البضائع. وبعد التوقيع على اتفاقية الـ 25 سنة بين إيران والصين، شهدنا أيضًا تمديد اتفاقية التعاون بين طهران وموسكو. وفي هذا الصدد، ناقش الدكتور “محمد جواد ظريف”، وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لموسكو في 21 يوليو 2020، مع الجانب الروسي تمديد وتحديث طويل الأجل لقانون المعاهدة على أساس العلاقات المتبادلة ومبادئ التعاون بين جمهورية إيران الإسلامية والاتحاد الروسي الذي تم التوقيع عليه في مارس عام 2001. وعلى الرغم من هذه الاتفاقية تتجدد بشكل تلقائي لمدة 5 سنوات قبل انتهاء صلاحيتها، إلا أنه تجدر الإشارة إلى أنه في مثل هذه الظروف الجديدة، فإن الهدف الرئيس لكلا الطرفين هو تمديد وتحديث الاتفاقية وفقًا لمتطلبات الفترة والظروف الجديدة.

وفي مثل هذه الاوضاع، يحاول البيت الأبيض إنكار فشل استراتيجيته تجاه إيران من خلال تقديم وجه جديد كخليفة لـ”هوك”. وفي هذا السياق، كتبت صحيفة “واشنطن بوست”، صباح الجمعة الماضي، نقلاً عن مسؤول كبير سابق في الحكومة الأمريكية، أنه طُلب من “هوك” الاستقالة حتى يكون مسؤولاً عن فشل استراتيجية واشنطن ضد إيران. ومع ذلك، ومع استقالة “هوك”، أصبح الارتباك في البيت الأبيض بشأن تبني استراتيجية متماسكة وقوية تجاه إيران أكثر وضوحًا. لقد تمكنت إيران من تحّمل العقوبات الصارمة، وفي المقابل، تمكنت أيضا من خلق نظرة عالمية إيجابية حول أجزاء مهمة من القيود النووية المفروضة عليها وبناءً على ذلك أصبحت هذه الحرب الدعائية الأمريكية، التي يعتبر فيها البرنامج النووي الإيراني تهديدًا كبيرًا، غير فعالة عمليًا، ومن ناحية أخرى، زاد عدم شرعية العقوبات من شجاعة الدول الأخرى في تجاهل هذه العقوبات.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق