السيادة اللبنانية على المحك.. ماذا تفعل البوارج الأجنبية على شواطئ بيروت
تذهب التطورات السياسية في لبنان إلى مكانٍ غير معلوم النتائج، ولكن هناك أطرافاً خارجية تُحضر خارطة جديدة للسياسة اللبنانية وهي لا تخجل في هذا الأمر فهي تتحدث مع اللبنانيين ومسؤولين لبنانيين بطريقة توحي بأنها هي “الوصية” على هذا البلد الذي لديه سيادته واستقلاله مثل أي بلد آخر، نتحدث هنا عن التدخلات الفرنسية والأمريكية الخارجة عن جميع الأعراف الدبلوماسية والتي تأتي في سياق الاملاءات على الشعب اللبناني، ويبدو أن دول الاستعمار القديم بما فيها بريطانيا أعدت العدة وأرسلت بوارجها الحربية تحت ذريعة “تقديم مساعدات انسانية للشعب اللبناني” لكي تفرض ما لا يمكن فرضه بالقوة، وإلا من يعطينا تفسيراً لكل هذه البوارج الحربية التي غطت أفق الرؤية أمام ساحل بيروت؟.
حضور البوارج الحربية الأمريكية والفرنسية والبريطانية يعيد إلى أذهاننا مشاهد الحرب الأهلية والتدخلات الأجنبية بلبنان، وإلا ماذا يعني كل هذا الحضور العسكري الأجنبي الذي يدفع الجميع للشك بمهمة هذه القوات العسكرية، فعندما تريد دول مساعدة دول أخرى ترسل لها الأغذية والأدوية ومواد البناء …الخ ولكن ماذا يعني أن ترسل لها فرق عسكرية خاصة، لا يوجد في لبنان حرب ولا يوجد هناك صراع مسلح، اذا مالغاية منها؟
القوات التي تغزو سواحل بيروت
ما ان حصل انفجار بيروت حتى سارعت بريطانيا لارسال بارجتها الحربية “HMS Enterprise”، وتشير المعلومات المتوافرة الى أن وزارة الدفاع البريطانية قرّرت إرسال البارجة الحربيّة عقب اتصالات مع السلطات اللبنانيّة، بهدف رصد الأضرار التي خلفها الانفجار بالمرفأ، قبل الشروع بالترميم وعمليات البناء، لنفترض جدلاً أن هذا الكلام صحيح، ماذا يفعل اذا 700 جندي فرنسي قرب سواحل بيروت وما هي مهمتهم؟، ولنفترض ايضا ان هؤلاء جاؤوا لرفع الأنقاض وما إلى ذلك، ما الذي يفعله الفيلق الأجنبي الفرنسي قرب شواطئ لبنان؟.
نتحدث هنا عن فيلق الـLégion étrangère أو الفيلق الأجنبي الفرنسي هو وحدة عسكرية فريدة في الجيش المذكور خصيصا للأجانب الذين يرغبون أن يخدموا في القوات المسلحة الفرنسية، ولكن بقيادة الضباط الفرنسيين. وهو مفتوح أيضاً للمواطنين الفرنسيين، الذين يشكلون ما يزيد على 24 بالمئة من المجندين اعتبارا من 2007. وقد أنشأه الملك الفرنسي فيليب لويس في آذار 1831. والغرض منه كان إزالة العناصر التخريبيّة من المجتمع ووضعها للاستخدام محاربة لأعداء فرنسا.
واليوم، تكثر الروايات عن هذا الفيلق، فالبعض يقول أنّ من عناصره من قام بجرائم ضد الإنسانيّة حول العالم ومن المطلوبين والمحكومين بالإعدام في أوطانهم، والذين يحضرون الى فرنسا للانضمام اليه، مقابل هويّة جديدة، واذا استمروا على قيد الحياة طوال فترة خدمتهم، كسبوا حياتهم من جديد، والبعض الآخر يرفض هذا التوصيف، معتبرا أنهم جنود كغيرهم.
آخر مشاركة لهذه القوات كانت في مناورات عسكريّة في عمليّة برخان شمال بوركينا فاسو بداية هذا العام، والتي كان الهدف الفرنسي منها محاربة “الإرهاب” المتمدّد في المنطقة الصحراويّة بالبلاد. وعقب تلك المشاركة، أشار سفير مالي في باريس مؤخراً إلى أن عناصر هذا الفيلق كانوا من مثيري الشغب، وكلّهم يحمل الوشوم المختلفة على أجسادهم، ويسبّبون الخسائر في شوارع العاصمة الماليّة باماكو.
احتمالات وجود البوارج الحربية الأجنبية قبالة شواطئ لبنان
أولاً: البوارج التي حطت رحالها أمام شواطئ بيروت جاءت تحت غطاء “المساعدات الانسانية” وهذا ما يفعله الغرب دائماً لاقتحام اي بلد يريده، وهذا القناع الغربي لن يطول حتى يتكشف الوجه الحقيقي والغاية الحقيقية من تواجد القوات هناك، علماً أن جميع المسؤولين الغربيين الذي جاؤوا الى لبنان كانوا يبحثون عن طريقة لمحاصرة المقاومة وابعادها عن الحياة السياسية وقلب الطاولة عليها وعلى حلفائها، وقد حذر وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف صراحة من هذا الامر، وقال: “إن وجود البوارج الأجنبية على السواحل اللبنانية أمر ليس طبيعيا، موضحا أنه تهديد للشعب اللبناني ومقاومته”.
ثانياً: هناك احتمال كبير بأن اسرائيل لها يد بما حصل في مرفأ بيروت، وذلك عبر عملية امنية مدبرة لم تكشف خيوطها حتى اللحظة، ولكن ماذا يعني أن يقول مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل صراحة أن فريقا من مكتب التحقيق الفيديرالي (أف. بي. آي) سيصل الأسبوع المقبل إلى بيروت للمشاركة في التحقيقات التي تجري في مكان الانفجار الذي دمّر قسما من العاصمة اللبنانية، وماذا يعني تواجد كل هذه القوات العسكرية والبوارج قرب شواطئ بيروت؟ من الواضح ان هناك أمر ما يتم تحضيره لمنع المقاومة اللبنانية من الرد في حال ثبت تورط اسرائيل في العملية الأمنية واجبارها على الصمت.
ثالثاً: هناك من يتحدث بأن تواجد هذه البوارج هو بغاية تضييق الخناق على المقاومة والسيطرة على المنافذ البرية والبحرية والجوية لمنع وصول الاسلحة الى المقاومة، بعد أن عجزت اسرائيل ومن معها من تغيير معادلة الردع التي فرضتها المقاومة منذ عام 2000 وحتى اللحظة.
رابعاً: أوروبا لديها مصالح أخرى تتمثل بحرب “الغاز” التي تسيطر على المتوسط هذه الأيام، وهناك من يقول بأنّ الوجود في المتوسط هو رسالة الى تركيا التي تتحدّى الاوروبيين والعالم في “التحرّش” باليونان وبمسائل التنقيب عن النفط، والتنبيه الى جدّية القارّة العجوز في التعامل مع ايّ خطر تركي في هذا السياق، على خلفية الصراع على التنقيب عن الغاز في حوض المتوسط، وصراع النفوذ الدولي في ليبيا.
المصدر/ الوقت