التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

الحكم النهائي لمحكمة اغتيال “رفيق الحريري”.. هل هي نهاية اللعبة أم بداية الصراع؟ 

أفادت تقارير إعلامية اليوم الثلاثاء أنه من المقرر إصدار الحكم النهائي من قبل المحكمة الدولية في “لاهاي” لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل “رفيق الحريري” بعد مرور سنوات من المباحثات والتحقيقات. يذكر أنه تمت عملية اغتيال “رفيق الحريري” والد الزعيم الحالي لحزب المستقبل “سعد الحريري” في تفجير خُطط له في عام 2005 وفي ذلك التفجير الذي وقع في 14 شباط 2005 انفجرت شاحنة كانت محملة بثلاثة آلاف كيلوغرام من المتفجرات وقتلت 21 شخصا إضافة إلى الراحل “رفيق الحريري”. ولقد شغل الراحل “رفيق الحريري” منصب رئيس وزراء لبنان لفترتين، من 1992 إلى 1998 ومن 2000 إلى 2004. وقاد خمس حكومات في الحكومة اللبنانية خلال فترة ولايته. ولقد أثار ثقله في الساحة السياسية اللبنانية جدلاً كبيراً حول منفذي التفجير، وفي النهاية بدأت الأمم المتحدة التحقيق في قضية مقتله وقامت بتشكيل محكمة خاصة بلبنان.

تحرك المحكمة اللبنانية على المسار السياسي

أدت مخاوف بعض المسؤولين اللبنانيين من استحالة إجراء محاكمة كاملة في بيروت إلى إنشاء محكمة تُعرف باسم المحكمة اللبنانية الخاصة، والتي تأسست عام 2009 بقرار من مجلس الأمن الدولي. ويبدو الآن أنه سيتم إصدار حكم قضائي ضد أربعة من أعضاء “حزب الله” مدرجين في قائمة المتهمين في تحقيقات المحكمة، وذلك من أجل تحديد “حزب الله” في نهاية المطاف باعتباره الجاني الرئيسي في هذا التفجير.


وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير أن “سليم جميل عياش” و”حسن حبيب مري” و”أسد حسن صبرا” و”حسين حسن يوني”، الأعضاء في “حزب الله” اللبناني اعتبرهم الادعاء، متّهمون بالتخطيط لتنفيذ تلك العملية الإرهابية وقد سقط المتهم الخامس “مصطفى بدر الدين”، المتهم من الدرجة الأولى، من لائحة الاتهام بعد استشهاده في سوريا. ويقول ممثلو الادعاء إن البيانات التي تم جمعها من شبكات الهاتف تُظهر أن المتهمين استخدموا عشرات الهواتف المحمولة لمراقبة “الحريري” في الأشهر التي سبقت الهجوم وذلك من أجل التنسيق مع بعضهم البعض في يوم الاغتيال لإغتياله.

ومع ذلك، ولطالما شكك “حزب الله” اللبناني خلال السنوات الماضية في حيادية المحكمة ونزاهتها، قائلاً: إن “الحكم زور وذلك لأنه تم بواسطة شهود زور واعتمد على سجلات هاتفية يمكن أن يلعب الجواسيس الإسرائيليون دورًا فيها”. ومن ناحية أخرى، أكد “حزب الله” اللبناني على المؤامرة التي خطط لها الكيان الصهيوني، بعرضه العديد من مقاطع فيديو ووثائق تؤكد تواجد كثيف للطائرات الإسرائيلية في سماء بيروت يوم وساعة الاغتيال ولكن هذه القضية لم تكن تهم المدعين العامين لهذه المحكمة.

وحول هذا السياق، أكد الأمين العام لـ”حزب الله” اللبناني “حسن نصر الله”، أن الحزب غير معني بقرارات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق “رفيق الحريري” وقال “نصر الله” في كلمته بمناسبة ذكرى “الانتصار” في حرب يوليو عام 2006، إنه “إذا حكم على أي من إخواننا بحكم ظالم كما هو متوقع، فنحن متمسكون ببراءة إخواننا” مؤكدا أن “القرار الذي سيصدر بالنسبة إلينا كأنه لم يصدر، لأن القرار صدر منذ سنوات طويلة”. وأضاف: ليس المهم مضمون قرار المحكمة الدولية بل الانتباه إلى محاولات البعض استغلاله لاستهداف المقاومة”. وتابع: “حماية لبنان تكون بالتمسك بالمقاومة وقواعدها وقدراتها والصبر على كل الظروف والبحث عن طرق لتجاوزها”. ودعا “نصر الله” أنصاره إلى الهدوء وضبط النفس، وقال: “اصبروا واصبروا.. ولكن قد يأتي يوم نحتاج فيه لغضبكم لننهي كل محاولات جر لبنان لحرب أهلية”.

يذكر أن “الحريري” سعى لإنهاء الوجود العسكري السوري في لبنان عقب التطورات التي شهدها لبنان في تلك السنوات، ولهذا السبب ثارت الشبهات على سوريا فور عملية الاغتيال ووُجهت لها أصابع الاتهام. ومن المفارقات، في وضع كان فيه استمرار الوجود العسكري السوري في لبنان مخالفًا تمامًا لمصالح الدول الغربية والكيان الصهيوني، أشار التحقيق الأولي للأمم المتحدة أيضًا إلى تورط مسؤولين سوريين رفيعي المستوى.

كان الوجود السوري في لبنان في ذلك الوقت ذريعة لممارسة المزيد من الضغط على سوريا، لكن دمشق نفت مرارًا وتكرارًا أي علم لها بالتفجير، وحتى أن تقارير النيابة العامة ذكرت مرارًا تعاون دمشق الكامل مع عملية التحقيق. ولفهم مؤامرة هذا العمل وتوجيه أصابع الاتهام نحو “حزب الله” وسوريا، يكفي الانتباه إلى حقيقة أن اغتيال “الحريري” أحدث العديد من التغييرات السياسية في لبنان وأدى إلى حدوث سلسلة من الأحداث التي أدت إلى خروج ثورة “الأرز” وانسحاب القوات السورية من لبنان.

وأثار اغتيال “الحريري” أيضاً خروج احتجاجات واسعة في بيروت وموجة من الضغط الدولي التي أجبرت سوريا على إنهاء وجودها العسكري المستمر منذ 29 عامًا في لبنان بعد شهرين من اغتيال “رفيق الحريري”. ومن ناحية أخرى، أكد العديد من المحللين أن لديهم شكوك جدية حول عملية المحاكمة ونتائجها. وحول هذا السياق، قال الخبير اللبناني “سلام زهران” في مقابلة له مع “رويترز”: “أن حزب الله له الحق في التشكيك في المحكمة التي تحولت الى انجاز سياسي لمعارضيه”. مضيفاً بالقول: “لا قيمة لهذه المحاكمة”.

ومن جانبه، أشار الدكتور “ساري حنفي”، الاستاذ في علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية في بيروت، والذي قام باستطلاع آراء اللبنانيين حول هذه المحكمة، إلى الحرب الأهلية التي نشبت 1975 – 1990، قائلاً: “إن المجازر وحالات الاختفاء التي وقعت في لبنان لم يتم التحقيق فيها بشكل كامل. ولم تتم محاكمة أمراء الحرب أبدًا. وقد أدى ذلك بالعديد من اللبنانيين إلى التشكيك في الضغط الدولي من أجل تحقيق العدالة للسيد الحريري – وهو سياسي ثري وبارز مؤيد للغرب – بدلاً من حل الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب. وفي الحقيقة فإن السؤال كان لماذا تم التحقيق الدولي حول قضية الحريري ولم يتم التحقيق مع أحد قبل قضية الحريري؟”. ومن ناحية أخرى، يرى الكثيرون أن إجراء محاكمة عن بعد، مع وجود العديد من الشهود المجهولين خلف الأبواب المغلقة، يقلل من مصداقيتها لدى المجتمع اللبناني.


توقيع متطابق على اغتيال “الحريري” وانفجار بيروت

من لا يعلم أن التصويت ضد “حزب الله” سوف يعمق الخلافات التي لم تحل بعد من الحرب الأهلية 1975 – 1990 ؟. وبالنسبة لبلد يعاني حاليًا من أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود، وأزمة من الاحتجاجات والانقسامات السياسية، وتفشي فيروس “كورونا”، وتكلفة وجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في الاراضي اللبنانية، فلقد ازدادت الأوضاع سوءًا الأسبوع الماضي مع انفجار ميناء بيروت وإجبار حكومة “دياب” على الاستقالة.

اللافت أن هذين الحدثين متشابهان من حيث النتائج المستخدمة لزعزعة استقرار لبنان والضغط على “حزب الله” اللبناني وعلى غرار ما يسمى باحتجاجات ثورة “الأرز” التي نشبت عقب اغتيال “الحريري”، والتي أدت إلى انسحاب سوريا من لبنان لصالح الكيان الصهيوني، تسببت الاحتجاجات التي وقعت عقب انفجار مرفأ بيروت في الإطاحة بحكومة “حسان دياب” المقربة من “حزب الله” اللبناني. وتجدر الإشارة إلى أن “حسان دياب”، عشية حكم محكمة “الحريري”، والتي تم تأجيلها الأسبوع الماضي بسبب تفجير بيروت، شدد على ضرورة تجنب الدخول في توترات جديدة نتيجة لحكم المحكمة، وهو ما يعني في الواقع عدم الاكتراث كثيراً بحكم هذه المحكمة وكتب “دياب” على تويتر الأسبوع الماضي “مواجهة النزاعات تعتبر من أهم أولوياتنا”.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق