التحديث الاخير بتاريخ|السبت, ديسمبر 28, 2024

جولة جديدة من الاحتجاجات في إقليم كردستان… الأسباب والأهداف 

مع انحسار الارتباك الأولي الناجم عن تفشي كورونا، نشهد جولةً جديدةً من الاحتجاجات في بعض المدن العراقية هذه الأيام. ولكن هذه المرة، المناطق الشمالية وإقليم كردستان هي التي أصبحت مركز الاحتجاجات، بدلاً من وسط وجنوب العراق.

وفي هذا الصدد، أفادت وسائل إعلام إقليم كردستان العراق، عن إصابة 14 شرطياً بجروح جراء إلقاء حجارة من قبل متظاهرين، هاجموا مبنى قائمقامية قضاء “كلار” بمحافظة “السليمانية”.

وفي الأيام الأخيرة في مدينة “حلبجة”، ألقى محتجون الحجارة على مكتب المحافظ والمحكمة ومقار الاتحاد الوطني الكردستاني والفرع 12 للحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، مطالبين بتصحيح الأوضاع.

لكن في مواجهة هذه الاحتجاجات، هدد “مسرور بارزاني” رئيس وزراء إقليم كردستان بمعاقبة من يهدم الممتلكات العامة، مؤكداً أن الاحتجاجات السلمية والحضارية حق للمواطنين.

ومن هذا المنطلق، السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، ما هي أسباب انطلاق الاحتجاجات الشعبية في إقليم كردستان؟ وما هي أهم مطالب المحتجين من الحكومة؟ وللإجابة على هذا السؤال، يمكننا الإشارة إلى محورين أساسيين.

الميزانية ودفع الرواتب.. لا يزالان المحور الرئيس للأزمة

في أعقاب قطع ميزانية إقليم كردستان من قبل الحكومة المركزية في بغداد، أوضح المسؤولون الحكوميون صراحةً أنهم لم يعودوا قادرين على دفع رواتب موظفي الحكومة.

تتكون ميزانية إقليم كردستان من جزأين، يتعلق جزء منهما بحصة الموازنة المرسلة من بغداد إلى أربيل، وتبلغ 320 مليار دينار. والجزء الآخر يتعلق بعائدات النفط والجمارك لحكومة إقليم كردستان.

المسألة هي أنه في السنوات التي تلت عام 2013، طلبت الحكومة المركزية العراقية من إقليم كردستان نقل 400 ألف برميل من النفط يوميًا إلى “سومو” (شركة تسويق النفط الوطنية العراقية) مقابل استلام الميزانية اليومية، لكن الأكراد كانوا يبيعون نفطهم بشکل يومي في نفس الوقت، وکانوا يستلمون الميزانية من الحکومة المركزية بالتزامن مع ذلك.

في هذه الظروف، أصدر رئيس وزراء العراقي في ذلك الوقت “نوري المالكي” أمراً بقطع موازنة الإقليم، وقد استمر ذلك خلال حكم “حيدر العبادي”. وفي عهد رئيس الوزراء “عادل عبد المهدي” تم الاتفاق على تسليم 320 مليار دينار من الموازنة، مقابل تسليم 250 ألف برميل نفط يومياً إلی “سومو”.

ولكن في الأشهر الأخيرة من حكم عبد المهدي، وبسبب انخفاض أسعار النفط العالمية وعدم وفاء أربيل بالتزاماتها، تم قطع ميزانية الإقليم مرةً أخرى، وفي الأشهر القليلة الماضية رأينا أن حكومة الإقليم واجهت مرةً أخرى أزمةً في دفع الرواتب.

لكن في الاتفاق الجديد بين حكومة الإقليم والحكومة المركزية التي يرأسها “مصطفى الكاظمي”، تقرَّر إرسال 320 مليار دينار إلى الأكراد مقابل دفع 50 في المائة من عائدات الجمارك على الحدود التجارية الرسمية مع إيران وتركيا.

لقد أرسلت بغداد الآن ميزانية شهر واحد إلى أربيل، وبعد هذا الحادث، يحتج المواطنون بشدة على أن الحكومة لم يعد لديها أي عذر لدفع رواتبهم. کذلك، يعتقد الناس أن تأثيرات كورونا على المجتمع والاقتصاد انخفضت بشكل كبير، وأن الحكومة قادرة على دفع الميزانية بالكامل.

ويعتقدون أيضاً أن الأسعار العالمية للنفط قد ارتفعت، وأن صافي دخل أربيل الآن يصل إلى 300 مليار دينار شهرياً بعد خفض التكاليف والنفقات. كما أن الإيرادات الداخلية للحدود تصل إلى 300 مليار دينار.

وبالإضافة إلى هذين المصدرين للدخل، سيتم دفع 320 مليار دينار شهريًا للأكراد بموجب الاتفاق بين أربيل وبغداد. وهکذا يبلغ مجموع هذه الإيرادات أكثر من 900 مليار دينار، هذا في حين أن إجمالي الميزانية المطلوبة لدفع رواتب موظفي إقليم كردستان هو 895 مليار دينار.

وفي ظل الوضع الحالي، يعتقد مواطنو إقليم كردستان أن دفع ثلث الرواتب من قبل الحكومة يعتبر ظلمًا واضحًا، ويجب حل هذه المسألة في أسرع وقت ممكن. ونتيجةً لذلك، نرى أن الشعار الرئيسي للمتظاهرين هو دفع الرواتب والاهتمام بأحوالهم المعيشية.

الفساد السياسي والاقتصادي الجامح

ومن الأرضيات الأخری للاحتجاجات الشعبية في إقليم كردستان، هي الفساد السياسي والاقتصادي الجامح.

في كل السنوات التي أعقبت عام 2003، سيطر حزبا الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، على جميع المؤسسات والهياكل الاقتصادية والسياسية لشمال العراق، وأصبح الوضع في هذا الإقليم بحيث لا تسير الأمور بالطريقة العادية ووفقًا للقانون.

في الواقع، أي نشاط سياسي واقتصادي في إقليم كردستان، يعتمد على الانتماء لأحد هذين الحزبين، وهناك أدلة كثيرة على وجود تهريب منظم على الحدود مع إيران والعراق.

وفي ظل الأوضاع الراهنة، لم يعد مواطنو الإقليم يتحملون النظام والبنية الاقتصادية والسياسية الفاسدة في إقليم كردستان، ويدعون إلى تصحيحها ويعتبرون أن استمرار الوضع الحالي مستحيل.

وفي هذا السياق، نرى أن مواطني الإقليم لا يترددون في المطالبة بإصلاح هذا الهيكل الفاسد، والمطالبة بإنهاء سلطة هذين الحزبين علی كل الأمور.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق