نتنياهو وغانتس معاً لتأجيل الانتخابات.. الكيان الصهيوني يعيش أياماً عصيبة
لا يزال الصراع السياسي قائماً في الأوساط الاسرائيلية وهناك أزمة ثقة بين الأطراف السياسية اتضحت معالمها أكثر من خلال “أزمة الميزانية” والسعي إلى “إجراء انتخابات نيابية مبكرة” من عدمها، وقبل أول أمس انتهى الجدال القائم بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع بيني غانتس، حيث صادق الكنيست الإسرائيلي على تأجيل إقرار الميزانية حتى أواخر ديسمبر المقبل، وذلك بعد موافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على التأجيل، ما يجنب إسرائيل انتخابات جديدة في الوقت الحالي.
عدم اجراء انتخابات نيابية مبكرة هو ما يطمح له نتنياهو في ظل وجود غضب شعبي ضده على خلفية ملفات الفساد التي تلاحقه وعدم قدرته على ادارة أزمة كورونا واشتعال جبهات الشمال والجنوب واحتمالية اندلاع حرب في اي لحظة، ناهيك عن ان التطبيع مع الامارات لم يعتبره الاسرئيليون انتصارا يمكن الوقوف عنده، خاصة أن الامارات ليس لديها حدود مشتركة مع فلسطين المحتلة وليست في حالة حرب معها، ولكي يرضي نتنياهو الأطراف الاسرائيلية قال بأنه لم يلغِ الضم وانما أرجأه فقط إلى حين تكون الظروف مناسبة ليثبت للاسرائيليين بأنه منقذهم الوحيد ضد غانتس.
نتنياهو عمل من خلال الدوائر السرية على تأجيل الاستحقاق وكذلك اعلان الميزانية التي يريدها لعام واحد فقط على عكس غانتس الذي يريدها لعامين متتاليين، وسط هذا الصراع دخل عضو الكنيست تسفي هاوزر على خط الأزمة، وقدم مقترحا لتسوية أزمة الموازنة ودعا إلى اقرار موازنة فورية مؤقتة وتأجيل الموعد المحدد لإقرار مشروع الموازنة السنوية 100 يوم، وأعلن نتنياهو قبول التسوية ليتفادى بذلك انهيار الائتلاف الحكومي والدعوة لانتخابات نيابية مبكرة.
وينص القانون الإسرائيلي على أنه يجب إقرار ميزانية الدولة في غضون 100 يوم من أداء الحكومة اليمين. وظهرت خلافات كبيرة داخل الائتلاف الحاكم المستمر منذ 3 أشهر بين حزبي الليكود اليميني وتحالف أزرق أبيض الوسطي.
وحسب تقرير للقناة الـ 12 للتلفزيون الإسرائيلي فإن كتلة “أزرق أبيض” لا تزال غير مقتنعة بأن نتنياهو عازم على تجاوز الأزمة السياسية والالتزام بالاتفاق بشأن حكومة الوحدة، الذي ينص على تسليمه منصب رئيس الوزراء لغانتس بعد سنتين من بدء عمل الحكومة.
واتهم “أزرق أبيض” نتنياهو بالسعي للتخلص من الصفقة والذهاب إلى انتخابات جديدة لمنع غانتس من تولي رئاسة الحكومة.
كما لفت مراقبون إلى أن نتنياهو قد يقوم بمحاولات أخرى للتخلص من غانتس وحل الحكومة في وقت لاحق، على الرغم من تجنب الانتخابات في الفترة الحالية.
لكن، ورغم أن الاتفاق عكس صيغة عدم التوصل إلى حل لأي من المسائل الخلافية القائمة، فإن الطرفين تقاطعا عند عدم الدفع نحو انتخابات مبكرة، على الأقل في هذه المحطة تحديداً، في حين أن غانتس ليس من مصلحته مطلقاً إجراء الانتخابات، كي يتسنى له تولي رئاسة الحكومة في العام المقبل بعد نتنياهو. وهو ما منح نتنياهو مساحة إضافية من المناورة كي يضرب ضربته في التوقيت الملائم.
وقبل التصويت أعلن نتنياهو أنه أوعز للنواب عن “الليكود” بالتصويت إلى جانب تمديد المهلة، وذلك في أعقاب مشاورات مع غانتس، عمتها خلافات كان من شأنها أن تؤدي إلى انتخابات جديدة. وقال نتنياهو قبيل التصويت: “سأواصل القيام بما هو صائب لتجنب انتخابات غير ضرورية”.
يعلم نتنياهو أن الذهاب إلى انتخابات مبكرة قد لا يكون مربحاً له في هذا التوقيت، لكن المصادقة على الميزانية لسنتين ستسلبه في المقابل الورقة الأساسية التي يمكن أن تمثّل مبرّراً لإجراء انتخابات جديدة بعد عام. والجدير ذكره، ، أن تحدّيات قضائية وقانونية تنتظر نتنياهو في المدى المنظور، إذ يستعدّ لمواجهة استحقاق بدء محاكمته في كانون الثاني المقبل، وقرار المحكمة العليا حول إمكانية مواصلته تأدية مهامه بكامل الصلاحيات خلال محاكمته. وتلك استحقاقات يبدو واضحاً أنها تكمن في خلفيات مواقف رئيس الحكومة، وتكتيكاته التي يستهدف من خلالها المحافظة على منصبه، وتوفير الحصانة التي تحميه من أيّ إجراء لاحق.
في المقابل، يريد غانتس أن يسلب نتنياهو ورقة الميزانية، بعدما أيقن أنه لن يتولّى رئاسة الحكومة بأيّ حال من الأحوال، وبالتالي فَلْتُجْرَ الانتخابات الآن أفضل من أن تجري بتوقيت نتنياهو. أما في حال التوصّل إلى مخرج قانوني يفضي إلى التعديل المقترح من قِبَل هاوزر، وهو أمر مرجّح حتى الآن، نتيجته تاجيل استحقاق الميزانية ، مع استمرار الخلاف السياسي دون الوصول حدّ إطاحة الحكومة.
في هذا الإطار، ومع أن الطرفين عمدا إلى تزخيم سياسة الابتزاز مع اقتراب الموعد الحاسم، إلا أنه يمكن القول إن لديهما أكثر من سلّم للنزول عن شجرة المواقف التي صعدا إليها، بدءاً من كورونا وتفاقم الصعوبات الاقتصادية، وصولاً إلى الوضع الإقليمي.
المصدر / الوةقت