التحديث الاخير بتاريخ|السبت, ديسمبر 28, 2024

معارضة سعودية عن تركة “سلمان”: فقد العالم الثقة في السعودية 

سياسة ـ الرأي ـ
في المقال الثالث والأخير من سلسلة حلقات لتقييم تركة الملك سلمان بن عبد العزيز، تؤكد مضاوي الرشيد أن خليفته سوف يجد مشقة بالغة في خلق تحالفات دولية.

وأشارت الأكاديمية والمعارضة السعودية، في مقالها ، إلى أن عهد سلمان شهد تولي دونالد ترامب الرئاسة بالولايات المتحدة، وما صاحب ذلك من إطلاق يد الرياض، وتحديدا ولي العهد، محمد.

ولكن ذلك الارتياح، بحسب “الرشيد”، قد لا يستمر بعد رحيل سلمان، الذي قد يتزامن مع “تبدل في القلوب والعقول في واشنطن”، في إشارة إلى احتمال فوز الديمقراطي “جو بايدن” بانتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

وفضلا عن ممارسة صناعة الأعداء، التي احترفها ابن سلمان، باتت العديد من الدول شرقا وغربا غير مطمئنة للتعامل مع الرياض، ما سيؤثر على مستقبلها، خاصة في زمن “ما بعد النفط”.

وتاليا ترجمة مقال “الرشيد” نقلا عن موقع “ميدل إيست آي” البريطاني:

منذ اكتشاف النفط في ثلاثينيات القرن الماضي، ما فتئت السعودية مركزاً مهماً لخدمة المصالح الغربية في منطقة الشرق الأوسط.

بعد مرور قرن تقريباً على ذلك سيكون الملك سلمان بن عبدالعزيز قد غادر العرش. ولا ريب في أن خليفته سيرى هذا الدور المحوري يتآكل بالتدريج تحت وطأة سوق عالمي للطاقة متغير. ونظراً لأن الولايات المتحدة لم تعد معتمدة على النفط السعودي، أو حتى على نفط الشرق الأوسط بشكل عام، فإن علاقة المملكة الخاصة مع الولايات المتحدة ستتراجع، الأمر الذي سيترك البلد نهباً للمخاطر الإقليمية والدولية.

ختم قبول من ترامب

في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، استمتعت القيادة الجديدة في الرياض – وبشكل خاص ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – بتنفس الصعداء إلى حين بفضل استمرار الرئيس في الحفاظ على علاقات وطيدة مع الأمير، يتلاعب عبرها بمخاوفه وهمومه، ويدعم إنفاقه السخي على السلاح. وهذا ما أقنع الأمير بأنه سيفلت من العقاب على ارتكاب جريمة قتل، ولعله يكون قد أفلت فعلاً.

عندما أشرف محمد بن سلمان بنفسه على تنفيذ جريمة قتل جمال خاشقجي في إسطنبول في عام 2018، كافأه ترامب بالقول: “لعله من المحتمل أن ولي العهد كان على علم بهذا الحدث المأساوي – لربما كان على علم ولربما لم يكن”.

كان ذلك التصريح بمثابة طوق نجاة لولي العهد. إلا أن ترامب زاد على ذلك قائلاً: “على أية حال، علاقتنا هي مع المملكة العربية السعودية. وهي حليف عظيم في قتالنا المهم جداً ضد إيران. تنوي الولايات المتحدة البقاء على العهد شريكاً صامداً للسعودية، وذلك لضمان مصالح بلدنا ومصالح “إسرائيل” ومصالح جميع الشركاء الآخرين في المنطقة. وسيظل هدفنا الأول هو القضاء تماماً على التهديد الذي يشكله الإرهاب في كل أنحاء العالم”.

وبالإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية هي البلد الأكبر إنتاجاً للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة، مضى ترامب ليقول: “لقد عملوا معنا عن قرب، وكانوا متجاوبين جداً مع طلباتنا بالإبقاء على أسعار النفط عند مستويات معقولة … أعزم على ضمان أنه، في عالم بالغ الخطورة، ستمضي الولايات المتحدة في تحقيق مصالحها الوطنية وستتصدى بقوة للبلدان التي تتمنى إلحاق الأذى بنا. بكل بساطة، هذا اسمه أمريكا أولاً”.

سُمعت أصداء كلام ترامب المتعرج في الرياض، فقد وفر الارتياح اللازم لملك مأزوم لا يعرف توحش ابنه حدوداً. ولكن قد لا يستمر هذا الإحساس بالارتياح بعد مغادرة الملك، والتي قد تتصادف مع تبدل في القلوب والعقول في واشنطن بعد إجراء الانتخابات الأمريكية في شهر نوفمبر / تشرين الثاني.

ريبة أوروبية

إلا أن وسائل الإعلام والمجتمع المدني وحتى الكونغرس في الولايات المتحدة أقل استعداداً لتقبل الأمير الذي صعقت جريمته العالم بأسره. وها هو القضاء الأمريكي الآن يتولى النظر في قضية محاولة اغتيال سعودية مزعومة أخفقت في تصفية صوت منتقد آخر في المنفى، هو سعد الجبري، المسؤول الكبير السابق في المخابرات السعودية والذي عمل جنباً إلى جنب مع الأمير محمد بن نايف الذي خلع من منصبه. يزعم الجبري أنه كان مستهدفاً بالاغتيال من قبل فرقة موت أرسلها ولي العهد لتصفيته في كندا.

ما بعد الملك سلمان قد لا تكون السعودية قادرة على ضمان الحصول على دعم غير مشروط من قبل رئيس الولايات المتحدة القادم. كما لن تتمكن المملكة من التوجه نحو أوروبا، الكتلة الغربية الأخرى التي طالما جاملت المملكة في الماضي ولم تعترض على تجاوزاتها المحلية والإقليمية.

مازال المزاج العام في أوروبا، باستثناء بريطانيا، على حاله مرتاباً من الاستمرار في منح ولي العهد الشاب تأييده الكامل. ففرنسا وألمانيا كلاهما محجمتان أمام مؤشرات على أن الرأي العام لديهما قد ينجح في وضع حد للصمت التاريخي إزاء انتهاكات المملكة لحقوق الإنسان والقانون الدولي. ما تزال الدولتان تترددان في تأييد المغامرة الوحشية للمملكة في اليمن أو الاتفاق معها في سياستها الصدامية تجاه إيران، العدو الأكبر للرياض.

وبعد المزاعم بأن ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس تلقى مائة مليون دولار على شكل رشاوى من الملك الراحل عبد الله، مما اضطره لأن يغادر بلده، لم يعد الرأي العام هناك يتساهل مع استمرار العلاقة غير المشروطة مع المملكة.

التساؤل حول الهيمنة السعودية

ستجد المملكة العربية السعودية نفسها مجبرة على نسج علاقات أوثق مع الصين وروسيا. ولكن لا يوجد أمل كبير في أن تتمكن المملكة من إيجاد حلفاء أقوى وأكثر ولاء من أولئك الذين كانوا لديها من قبل في الغرب. فقدراتها العسكرية تبقى مرتبطة بصانعي السلاح في الغرب، وبالدرجة الأولى في الولايات المتحدة، وببرامجها التدريبية.

على الرغم من أنه بإمكان المملكة في عهد سلمان أن تشتري بعض الصواريخ وتقنيات المراقبة من الصين، إلا أنه سيكون من العسير عليها التحول بشكل كامل إلى المنظومة العسكرية الصينية.

وبنفس الشكل لا أمل في أن تتمكن روسيا من أن تحل محل الولايات المتحدة في حماية السعودية. ولا أدل على ذلك من النزاع الذي نشب بين الرياض والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بداية العام حول أسعار النفط والإنتاج، وهو نزاع يعد المشهد لعلاقة مأزومة، ناهيك عن أن موقف روسيا الإيجابي تجاه إيران وإقرارها على دورها في العالم العربي هو أبعد ما يكون عن تطلعات المملكة في احتواء إيران أو حتى في إسقاط نظامها.

وبوجود عالم إسلامي مجزأ ومستقطب، فإنه لن تكون المملكة في عهد سلمان قادرة على ادعاء زعامة البلدان السنية التي ما فتئت تثير التساؤلات حول الهيمنة السعودية لمختلف الأسباب.

من باكستان إلى إندونيسيا، لن تجد الكثير من الزعماء الذين سيحترمون خليفة سلمان على العرش، ولي عهد شاب يرتبط اسمه بشكل متزايد بالمؤامرات والجرائم، وقد يكون في حالة من الإفلاس التام عندما يرحل والده عن الحياة. ما من شك في أن الزعامة السعودية للعالم الإسلامي ستصطدم وجهاً لوجه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وطموحه في أن يحل بالتدريج محل السعودية وأن يرى نفوذها يذوي.

صناعة أعداء جدد

مع تقلص الدولارات في الخزينة السعودية، ومع ما تعرض له الاقتصاد من ضربات خلال جائحة فيروس كورونا، والبيئة المعادية للعمال المسلمين، والترحيل المنتظم للمهاجرين الآسيويين والأفارقة، فإن المسلمين عبر العالم يزداد تشككهم في الزعامة السعودية.

تاريخياً، كانت كثير من البلدان تعتبر المملكة العربية السعودية عامل استقرار يحافظ على الوضع القائم ويمكن للتوازن في المنطقة العربية. إلا أن التدخلات السعودية العنيفة، دبلوماسياً وسياسياً، في المنطقة، من مصر إلى اليمن إلى البحرين، تثير انطباعاً يتحدى ما كان متعارفاً عليه من أدوار خير كانت تقوم بها.

منذ عام 2011، اكتسبت المملكة أعداء جددا في أوساط النشطاء العرب المناصرين للديمقراطية وبين الأنثويين والإسلاميين على حد سواء. إلا أن حلفاءها في الغرب والمدافعين عنها والمبررين لزلاتها كانوا يغضون الطرف عنها إلى أن ووجهوا بجريمة القتل الوحشية بحق خاشقجي.

تظل الحرب في اليمن والقمع الذي يمارس على نطاق واسع في الداخل مصدر إحراج بسيط يتم التغاضي عنه بفضل حملات العلاقات العامة المؤيدة من قبل العديد من المؤسسات في الغرب ومن قبل وسائل الإعلام العالمية وشركاء النظام.

إلا أن هذا الوضع المريح قد لا يستمر بعد وفاة الملك عندما يستلم ابنه مقاليد الأمور ويجلس على كرسي الملك، ويصبح بذلك رجل الرياض الخطير.انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق