التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

واشنطن وطرق جديدة لاستهداف “المقاومة اللبنانية” 

لا نبالغ اذا قلنا أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تعيش مرحلة يأس غير مسبوقة مع “المقاومة اللبنانية” وجمهور المقاومة، ففي كل مرة تقدم على خطوة من شأنها اضعاف المقاومة تجد أن “المقاومة” أكثر صلابة واكثر تمسكاً بأهدافها والأقسى من هذا على واشنطن التفاف الناس حول “حزب الله” ودعمهم له، وكذلك الكثير من الأحزاب اللبنانية، وفي محاولة جديدة لاستهداف “حزب الله” عمدت واشنطن إلى اضعاف “الحزب” من خلال حلفائه بعد أن عجزت عن اضعافه من خلال العقوبات المباشرة، لذلك عمدت إلى فرض عقوبات جديدة على حلفاء “حزب الله” في محاولة لابعاد الحلفاء عن الحزب ومحاصرته داخلياً.

قرار العقوبات الجديد الذي فرضته “الخزانة الأمريكية” استهدف وزيرين لبنانيين سابقين ينتميان إلى “حركة أمل” و”تيار المردة”، وكلا الحزبان يرتبط بـ”حزب الله” ارتباطاً وثيقاً، ولم تؤثر هذه العقوبات على العلاقة مع الحزب اطلاقاً، فبعد ان فرضت واشنطن عقوباتها على وزير المالية السابق علي حسن خليل، وهو نائب عن حركة أمل ويشغل منصب المعاون السياسي لبري، وعلى وزير الأشغال والنقل السابق يوسف فنيانوس المحسوب على تيار المردة، بتهمة ضلوعهما في “الفساد” ودعمهما لحزب الله، خرج أصحاب العلاقة لإدانة القرار الأمريكي والتأكيد على الوقوف بجوار المقاومة والفخر بذلك، حيث ندّدت حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية الأربعاء بالعقوبات الأمريكية على وزيرين سابقين في صفوفهما.

واعتبر فرنجية في بيان أن القرار الأميركي بحق فنيانوس هو “قرار اقتصاص لموقفه وقناعاته وموقعه”، وأضاف “نحن كمردة، لم ولن نخجل يوماً بمواقفنا بل نفتخر ونجاهر بها” واصفاً القرار بأنه “سياسي، ما يزيدنا تمسكاً بنهجنا وخطنا”.

“حزب الله” علق أيضاً على العقوبات التي فرضتها واشنطن على الوزيرين السابقين ووصف القرار بأنه “جائر”، معتبراً أن سياسة العقوبات التي تعتمدها واشنطن “لن تتمكن من تحقيق أهدافها في لبنان”، وقال حزب الله، الذي تصنفه واشنطن منظمة “إرهابية” وتفرض عليه عقوبات منذ سنوات، في بيان إن “كل ما يصدر عن هذه الإدارة مدانٌ ومرفوض”، موضحاً “إننا نرى أنّ هذا القرار الجائر هو وسام شرف للصديقين العزيزين ولكل من تتهمه الإدارة الأميركية بأنه مقاوم أو داعم للمقاومة”.

واشنطن أظهرت حقدها وغلها من خلال هذا القرار وهي نفسها أقرت ضمناً بأن ما قامت به هو فعل “كيدي” وسياسي بحت، وبرز هذا الكلام فيما قاله مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد شينكر تعليقاً على العقوبات بأنها “رسالة الى كل من يتعامل من الحزب”. مكتب الخزانة الأميركي اتهم حزب الله باستغلال علاقته مع المسؤولين اللبنانيين، بمن فيهم فنيانوس، لسحب أموال من الميزانيات الحكومية، وتجيير عقود مع الدولة لصالح شركات مرتبطة بالحزب، وأن الأخير منح فنيانوس مئات الآلاف من الدولارات مقابل خدمات سياسية.

مهما نفذت واشنطن من العقوبات على المسؤولين اللبنانيين لن تتمكن من فك التحالفات العميقة مع “حزب الله”، فالجميع أصبح على قناعة اليوم بأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد الخير لهذه المنطقة وتريد أن تبقى مشتعلة وغارقة بالفوضى والأزمات والتاريخ شاهد على ذلك وما يجري في العراق وسوريا واليمن وحتى لبنان يبرهن طبيعة الدور الذي تلعبه واشنطن واداراتها المتعاقبة في المنطقة، وهذا الأمر جعل الجميع يعي حقيقة أمريكا، والأهم أن الجميع رأي بأم العين كيف يدافع “حزب الله” عن أمن بلده وحدودها وكيف أوقف الصهاينة وابعدهم عن الحدود وجعلهم يغلقون البوابات إلى غير رجعة وحرر الأراضي ورفع اسم لبنان عالياً، ولا يزال يشكل رعبا للاسرائيليين لا يمكن وصفه وهذا ما يفسر كل هذا “التكالب” لاضعافه.

واشنطن اليوم تريد خلط الأوراق السياسية من جديد داخل لبنان، وتريد تحذير الجميع بأن من يتعاطى مع “حزب الله” سوف تتم معاقبته، وهي رسالة موجهة ضمناً للرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل، وحتى “التيار الوطني الحر” لن يقف في وجه المقاومة مهما قدمت له واشنطن من اغراءات أو حتى عاقبته وهي جربت ذلك وفشلت، وقد أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بعد فرض العقوبات على الوزيرين اللبنانيين أن بلاده “ستُعاقب كل سياسي لبناني يساعد حزب الله”، كما “سنُحاسب أي شخص يساعد حزب الله على تنفيذ أجندته الإرهابية”، بينما لفت مساعده ديفيد شينكر، في إيجاز صحافي، إلى أن “العقوبات سببها توفيرهما الدعم لحزب الله، ولذلك يجب أن يتحملا المسؤولية والعقوبات”، مشيراً الى أن “خليل وفنيانوس قدّما دعماً ماديا لحزب الله وكانا منخرطين في توفير الدعم السياسي والاقتصادي له، إضافة الى انخراطهما في الفساد في لبنان”.

ويرى مراقبون أن قرار العقوبات الأمريكية على خليل وفنيانوس يناقض المسعى الفرنسي لتأليف حكومة، بينما أكّد سياسيون رفيعو المستوى أن القرار الأمريكي يأتي في سياق ضغوط مكمّلة لمبادرة ماكرون. فواشنطن وباريس، وبصرف النظر عن اختلاف السياسات التي تنتهجها كل منهما وعن المدى الذي تريد كل من العاصمتين بلوغه، تهدفان إلى إضعاف حزب الله وحلفائه. والعقوبات سلاح تستخدمه واشنطن، فيما تلوّح به باريس، للضغط على القوى غير الموالية للغرب في لبنان. وفي مقدور الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، استخدام عصا العقوبات الأمريكية للضغط على مختلف القوى السياسية للسير بما يريده.

في الختام؛ أقصى ما تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية القيام به هو بث الفتنة على مبدأ “فرق تسد” ولكن هناك وعي لبناني جمعي تشكل نتيجة التجربة التي خاضها اللبنانيون خلال الحرب الأهلية اللبنانية وبعدها، وبالتالي لن يكون من السهل اطلاقا اختراق جمهور “حزب الله” والأيام القادمة ستكشف ذلك.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق