التمييز العنصري الممنهج في الكيان الصهيوني… من الفلاشا إلى السفارديم
شكا عضو في برلمان الكيان الصهيوني مؤخراً من انتشار التمييز العنصري في الأراضي المحتلة.
وفي هذا الصدد صرح “سامي أبو شحادة” ، عضو الكنيست(البرلمان الإسرائيلي) احتجاجًا على التمييز العنصري الممنهج الذي يمارسه مسؤولو الکيان الصهيوني: إن وباء فيروس كورونا ظاهرة عابرة مهما طال استمرارها، لكن فيروس العنصرية في “إسرائيل” بدأ منذ عقود، وليس من الواضح متى سينتهي.
ينتشر التمييز العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصةً ضد السود، لدرجة أنه في أواخر عام 2013، صُدم العالم عندما سمع أنه قيل في تل أبيب إن عضواً يهودياً إثيوبياً في البرلمان الإسرائيلي “تامانو شاتو”، عندما ذهب للتبرع بالدم في أحد مكاتب “نجمة داود” (الصليب الأحمر اليهودي نفسه)، رفض المسؤول عن هذا المكتب أخذ دمه وقال إن الحكومة أمرت بعدم أخذ الدم من الفلاشا.
ثم اتضح أن مكاتب نجمة داود ملزمة بعدم أخذ الدم من السود الذين يعيشون في الکيان الإسرائيلي، لأنه تم اعتبار دمائهم بأنها غير كفوءة، وأن الحكومة قد حظرت ذلك وفق هذه التقارير.
تمييز ممنهج ضد السود في الكيان الصهيوني
التمييز العنصري ضد السود منتشر في الكيان الإسرائيلي. في سوق العمل أيضًا، غالبًا ما تُترك الوظائف الأدنی مثل تنظيف الشوارع والصرف الصحي لهؤلاء الأشخاص. ومعظم الملونين في الكيان يعانون من هذا التمييز العنصري.
الرجل الأسود، على سبيل المثال، لا يمكنه استئجار منزل في مکان يعيش فيه البيض. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن أعلى معدل للبطالة منتشر بين الفلاشا. کما تؤدي البطالة أيضًا إلى زيادة الجريمة بين هذه المجموعة، ولهذا السبب غالبًا ما يتم اعتقال الفلاشا في جرائم متعلقة بالمخدرات وما إلى ذلك.
يُقدَّر عدد الفلاشا في السجون الإسرائيلية بنحو 40 في المئة، بينما يعيش نحو 135 ألف من اليهود الإثيوبيين في جميع أنحاء الکيان الإسرائيلي، ويشكلون 2 في المئة من سكان الکيان.
اليهود السود، من الدعوة إلى التمييز
في عام 1984، نقل الکيان الصهيوني عشرات الآلاف من يهود الفلاشا من إفريقيا إلى الأراضي المحتلة في قافلتين جويتين في عملية تدعی “عمليات موسى”. وفي عام 1991 أيضاً، نقلهم في دفعتين أخريين ضمن عمليات “سليمان”.
لقد استخدم الصهاينة ذريعة أنهم سيكونون قادرين على سد الفجوة السكانية بين اليهود الأوروبيين والعرب عن طريق نقل يهود الفلاشا. ذلك أن مجموع السكان اليهود في العالم لم يکن يتجاوز 15 مليوناً، بينما بلغ عدد السكان العرب في ذلك الوقت 400 مليون، منهم نحو 8 ملايين فلسطيني.
علاوةً على ذلك، كان معدل المواليد مرتفعًا بين العرب وأقل بين الأوروبيين والصهاينة. ولذلك، تم جلب الفلاشا إلى الکيان الإسرائيلي لتحقيق هذا التوازن، مع تعويض الهجرة العكسية التي تشتد في الکيان في كل مرة تتصاعد فيها التوترات في الشرق الأوسط.
لكن النظرة اللطيفة للفلاشا في السنوات الأولى قد تغيرت بمرور الوقت. لأن موجةً جديدةً من هجرة اليهود البيض من روسيا إلى الکيان الإسرائيلي حدثت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
كان عدد هؤلاء المهاجرين كبيرًا لدرجة أنه تجاوز المليون، ما أشار إلى أن الکيان الإسرائيلي لن يواجه مشاكل ديموغرافية لسنوات قادمة. لكن هذا أدى إلى تهميش الفلاشا الذين شكك الكثيرون في أنهم من أصل يهودي.
حتی أنهم عقدوا ندوات ومؤتمرات حول هذا الأمر، وقالوا إنهم من بقايا اليهود الهاربين من اليمن. ومع ذلك، يعتبر هؤلاء أنفسهم من نسل بلقيس وسليمان، ويعتقدون بطبيعة الحال أنهم متفوقون تاريخيًا على اليهود البيض.
في أحد التفسيرات التي أعطيت حول کلمة “الفلاشا”، قالوا إنها تعني “المطرودين أو الغرباء” في بلدهم. تخيلوا الآن كيف يريدون العيش في مكان مليء بالعصبيات الدينية والعرقية، حيث کل يرفض الآخر. ولذلك، يجب القول إن السلام لن يحلّ في “إسرائيل” أبداً.
وإذا نری الآن مواقف عنصرية تجاه الفلاشا، فليس من المستبعد أن نرى نفس المواقف في المستقبل تجاه الآخرين الذين بشرتهم بيضاء أيضًا. هذا التعامل يجري الآن مع الفلسطينيين، ومن المرجح أن يشمل الروس يومًا ما أيضاً.
التمييز بين السفارديم بالتزامن مع الفلاشا
لكن اليهود السود، المعروفين باسم الفلاشا، ليسوا الضحايا الوحيدين للعنصرية في الکيان الإسرائيلي، بل إن يهودًا آخرين، بما في ذلك السفارديم، يعانون أيضًا من عنصرية واسعة النطاق في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
“السفارد” أو “السفاردا” كلمة عبرية تعني الإسبانية. واليهود السفارديم هم يهود عاشوا في الشرق وأفريقيا، وكانوا يعيشون في إسبانيا أو البرتغال قبل واقعة طرد عام 1492 م. کما يُطلق مصطلح السفاراد أيضًا على أحفاد اليهود الإسبان(الذين استقر بعضهم في “كاشان” ومحافظات وسط وجنوب إيران).
بشكل عام، يُطلق على أي يهودي يتبع العادات الخاصة بالسفارديم اسم السفاردي. خلال العصور الوسطى(1000-1492 م)، لعب اليهود الإسبان(السفارديم) دورًا رئيسا ونشطًا في العالم اليهودي، حيث شكلوا على الأقل نصف السكان اليهود في العالم.
يوجد حاليًا حوالي 3.5 ملايين يهودي سفاردي في العالم، منهم حوالي 700 ألف يعيشون في الکيان الإسرائيلي، 350 ألف في فرنسا، 80 ألف في الولايات المتحدة، 50 ألف في تركيا، و150 ألف في أمريكا اللاتينية. وفي المجموع، يشکل اليهود السفارديم ثمانية عشر في المائة من جميع اليهود في العالم.
هناك عداوة طويلة الأمد بين السفارديم والأشكناز، لأن السفارديم كانوا يهودًا أرستقراطيين، وكانوا يتأفَّفون من العيش مع الأشكناز في مکان واحد، وحاولوا دائمًا الابتعاد عن الأشكناز، وکانوا لا يتعبدون ولا يتزوجون معهم. کما كان معظم السفارديم متعلمين ومثقفين، وشغلوا مناصب مهمة في بلدان أخرى.
ولكن بعد الحربين العالميتين، انعكس الوضع تمامًا، فبينما أصبح السفارديم أقليةً، وجد الأشكناز مكانًا بارزًا في الحضارة الغربية وكذلك في “دولة إسرائيل”.
يعتقد بعض علماء الاجتماع أن الفجوة بين السفارديم والأشكناز اقتصادية أكثر منها أيديولوجية، ولهذا السبب يمكن ملؤها. لكن علماء اجتماع آخرين يعتقدون أن هذا التفاوت الطبقي قد تم إرساؤه، بحيث أن الجيل الثالث من السفارديم مازال جزءًا من الطبقة العاملة والطبقات الدنيا، بينما ينتمي نفس الجيل من الأشكناز إلى الطبقات الوسطى والعليا.
کما وصف بعض القادة الإسرائيليين يهود السفارديم بأنهم ينتمون إلی القرون الوسطى، واليهود الأشكناز متفوِّقون عليهم کثيراً، حتى أن الأشكناز يعتبرون السفارديم متخلِّفين فكرياً.
المصدر/ الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق