التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

جدال عراقي على تحديد يوم العيد الوطني 

مع تدهور الوضع الاقتصادي في العراق واستمرار الاحتجاجات التي أخذت تشغل الساحة السياسية والاجتماعية في البلاد ، قوبل قرار الحكومة العراقية هذا الشهر باقتراح يوم وطني جديد للبلاد بردود فعل عديدة بين مؤيد ومعترض.

أصبح العيد الوطني قضية مثيرة للجدل في عراق ما بعد سقوط الطاغیة صدام حسين. حيث كان العيد الوطني لعقود من الزمان ، يُقام في يوم 17 يوليو ، وهو اليوم الذي تولى فيه حزب البعث السلطة في عام 1968 ، ولكن بعد الإطاحة بنظام حزب البعث عام 2003 من خلال الهجوم العسكري الذي قادته الولايات المتحدة وحلفائها على العراق، تم حظر حزب البعث العربي الإشتراكي بالكامل من العراق ومن الساحة السياسية وبقي يوم العيد الوطني شاغرًا عند العراقيين.

ويرغب رئيس الوزراء المؤقت مصطفى الكاظمي في الوقت الراهن، تحديد موعد جديد لإعادة اليوم الوطني العراقي إلى التقويم ، واستعادة جزء من الكرامة الوطنية العراقية التي سحقها الإحتلال بعد عقود من التدخل العسكري والإنتهاك الأجنبي.

وفي نهاية المطاف ، وبعد مناقشات ومشاورات مختلفة، اختار مجلس الوزراء العراقي يوم الثلاثاء الماضي ، يوم 3 أكتوبر ، وهو اليوم الذي نال فيه العراق استقلاله عن بريطانيا عام 1932 وأصبح العضو السابع والخمسين في عصبة الأمم ، يومًا وطنيًا جديدًا للبلاد. من الواضح أن الكاظمي يريد تقوية الهوية الوطنية للعراق التي ضعفت على مدى العقدين الماضيين بسبب الانقسام والطائفية وظهور الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش ومساعي الانفصاليين وما إلى ذلك.

وفي هذا الصدد، قال الرئيس مصطفى الكاظمي ، الذي يخطط لتغير العطل العامة في البلاد وتحديد أيام أخرى، في مقابلة حديثة مع مجلة “ذا ناشيونال” إنه “يحارب الطائفية والإنقسام وفي نفس الوقت يروج لمفاهيم الوطنية والقومية كجزء من مشروع الإصلاح”.

لكن الكاظمي الذي يحاول أن ينال مقبولية المجتمع العراقي المتعب والمُنهك جراء التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها البلاد على نطاق واسع، من خلال إظهار وجه قوي ومستقل ووطني ، لم يحقق الكثير في هذا الصدد ويبدو أن المجتمع العراقي يفكر في إيلاء الإهتمام بالتحديات التي تواجه البلاد أكثر من حاجته لتمجيد النجاحات الماضية.

في احتجاجات العام الماضي في مدن الوسط والجنوب ، كانت المطالب الرئيسية للمتظاهرين هي الحصول على الوظائف وتحسين الخدمات ووضع حد للفساد والعصابات المتواجدة داخل الحكومة. وأجبرت الاحتجاجات حكومة الرئيس السابق، عادل عبد المهدي على تقديم الاستقالة ، وبعد شهور من الصراع والنقاش السياسي ، تولت الحكومة المؤقتة زمام الأمور في البلاد. وتتمثل المهمة الرئيسية للحكومة الحالية، في تمهيد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة ، والتي تم اقتراحها مؤخرًا في يونيو 2021 كموعد محتمل.

بالإضافة إلى الوضع السياسي المتقلب في البلاد ، فإن الأزمة الاقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط قد أثرت على اقتصاد البلاد المعتمد على النفط ، ومن ناحية أخرى ، مع تصاعد الاصابات بفيروس كورونا المستجد، حذرت وزارة الصحة العراقية من احتمال مواجهة المؤسسات الطبية في الأيام المقبلة لموجة كبيرة من المتابعين والمرضى.

من ناحية أخرى ، تعد الخلافات حول التاريخ المقرر لإجراء الإنتخابات جزءًا آخر من الجدل السياسي على الساحة العراقية، حيث تقدم الأحزاب السياسية كل يوم، موعد مقترح يختلف عن الآخر. ولم تتم صياغة مشروع القانون المتعلق بموعد الإنتخابات بعد ولم تتم الموافقة عليه بعد من قبل مجلس النواب العراقي ، بعد أن وافق عليه مجلس الوزراء فقط ، وهي عملية ربما قد تستغرق أسابيع أو شهورًا عديدة، وقد يبقى مشروع القانون بدون نتيجة في ظل الخلافات الحالية.

وقالت سميعة محمد خليفة الغلاب ، رئيسة لجنة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار في مجلس النواب العراقي ، إن اللجنة ستطلب من وزير الثقافة شرح سبب اختيار الثالث من أكتوبر ليكون موعدا جديدا للعيد الوطني العراقي، واضافت “في الايام المقبلة ستجرى مباحثات للتوصل الى نتيجة مقبولة للجميع”.

لكن بالإضافة إلى السياسيين ، تطرقت النخب الثقافية والإجتماعية الى هذا الأمر في الأيام الأخيرة. فعلى سبيل المثال، وصف علي النشمي ، أستاذ التاريخ في الجامعة المستنصرية ببغداد ، يوم 3 أكتوبر بأنه “يوم مخزي ومظلم في التاريخ الوطني في العراق”. واقترح النشمي الأخذ بعين الإعتبار ثورة العشرين “عام 1920” ضد المحتلين البريطانيين التي رسخت السيادة الوطنية في البلاد.

في 3 أكتوبر / تشرين الأول ، اتفق رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري السعيد مع بريطانيا على استقلال العراق ودخوله عضوًا في عصبة الأمم ، لكن هذه المعاهدة منحت بريطانيا أيضًا حقوقًا غير محدودة لنشر قواتها في العراق والسيطرة الكاملة على موارده النفطية. في حين يرى النشمي أن “ثورة العشرين كانت ثورة وطنية شارك فيها كل العراقيين” وقول متسائلًا: أيهما أكثر وطنية .. ثورة شعبية أم تنفيذ معاهدة جائرة؟”

كما يرى هادي الماري ، رئيس مركز دراسات البحوث السياسية في بغداد ، أن يوم 3 أكتوبر موعدًا للمصالحة. وقال “يبدو أن الحكومة تعتقد أن مثل هذا التاريخ لن يغضب السنة والشيعة لأنه مرتبط بعهد كانت القيادة الحكومية هي للسنة وكان الملك، هاشمي مقبول لدى الشيعة”.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق