انتفاضة ثالثة تلوح بالأفق.. والكيان نادمٌ على التطبيع
ما كان ينقص المشاكل التي يُعانيها الكيان الإسرائيلي إلّا إطلاق مُقاومةٍ فلسطينية عابرة للفصائل من شأنها زيادة مُعاناة الداخل الإسرائيلي الذي يرزح تحت أزمة اقتصاديّة خانقة، بالإضافة لأزمة فايروس كورونا الذي يضرب الكيان من أقصاه إلى أقصاه، فعلى خلفية التطبيع الإماراتي والبحريني مع الكيان الإسرائيلي، أطلق الفلسطينيّون “القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية” وهي مقاومةٌ شعبيّة عابرة للفصائل، حيث يقول عضو اللجنتين التنفيذيتين لمنظمة التحرير وحركة فتح المركزية، عزام الأحمد “في الأيام المقبلة، ستتحدث الأفعال عن نفسها”، في تهديد واضح للكيان الإسرائيلي، وهو موقفٌ حازم لم نكن لنسمع به لولا التطبيع المجاني الذي أقدمت عليه بعض الكيانات العربيّة، حيث دعت هذه المجموعة إلى نضال شعبي شامل لا ينتهي حتى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وأكّدت المجموعة الجديدة في بيان إطلاقها أنّ يوم الثامن عشر من سبتمبر الجاري سيكون يوم حدادٍ وطني وسيتم خلاله رفع الأعلام السوداء فوق المنازل والمباني للتنديد بالاتفاقيات بين الكيان الإسرائيلي والإمارات والبحرين، كما سيتم وفي نفس اليوم، تقرع أجراس الكنائس تنديداً بتلك الاتفاقيات وستُخصص خُطب الجمعة في المساجد للحديث عن “خيانة القضية المركزية للعرب والمسلمين”.
انتفاضة ثالثة
بعد أيامٍ قليلة من إسقاط ما يُعرف بالجامعة العربية مشروعا فلسطينيا يدين التطبيع الإماراتي مع الكيان الإسرائيلي، وهو الأمر الذي أثار غضباً فلسطينياً واسعاً وجد الفلسطينيّون أنفسهم وحيدين أمام الكيان الإسرائيلي، وهنا وجدوا أنّهم أمام خيارٍ وحيد لا ثاني له، وهو المقاومة الشعبية التي تشمل كل الفصائل الفلسطينيّة، حيث يُذكرنا تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية والمكونة من ممثلين عن فصائل فلسطينية مختلفة تذكرنا بالقيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة التي عملت خلال الانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987.
ومن الواضح أنّ إطلاق هذه المجموعة دعوة صريحة لإطلاق انتفاضة جديدة ضد الكيان الإسرائيلي، حيث إنّ هذه الطريقة هي الطريقة الوحيدة التي سيستمع بها العالم إلى المطالب الفلسطينيّة بعد أن بيعت في بازار السياسة الدوليّة، ولا بُدّ من انتفاضة كبيرة لإعادة القضية الفلسطينية إلى قمة أجندة العالم.
البيان الذي بُثَّ على تلفزيون فلسطين الرسمي والتابع للسلطة الفلسطينية الأمر الذي يؤكد تأييد السلطة الفلسطينيّة له، يشير إلى أنّ الكيان الإسرائيلي “عدونا الرئيس” وتعهد بأن “الثورة والمقاومة ستستمر حتى النصر”، وهو الأمر الذي ينسجم مع تصريحات الرئيس الفلسطيني التي أطلقها الأسبوع الماضي خلال اجتماع الفصائل الفلسطينية في بيروت ورام الله، حيث قال عبّاس حينها إنّ الوقت قد حان لتشكيل قيادة للمقاومة الشعبية السلمية.
تطبيع غير محسوب
مُخطئ اعتقد الكيان أنّ توسعه في التطبيع سيكسر شوكة الفلسطينيين ويجعلهم وحيدين في مواجهة آلته العسكرية، مُتكئاً على الانقسام الفلسطيني الداخلي؛ غير أنّه وكما يقول المثل رُبّ ضارة نافعة، ومن منافع تطبيع بعض الكيانات العربيّة أن الانقسام الداخلي الفلسطيني قد أصبح من الماضي، وبدا للكيان أنّه تورط في صفقات التطبيع تلك وما عاد يملك من أمره شيئاً، فلا هو قادرٌ على إلغاء تلك الصفقات التي يُسبب إلغاؤها فقدان ثقة بقية الكيانات التي تسعى للتطبيع، ولا هو قادرٌ على الاستمرار بها، كون الاستمرار سيشدُّ الصّف الفلسطيني أكثر وأكثر، وهو الأمر الذي لن يستطيع الكيان معه صبرا.
أكثر من ذلك؛ تعتبر حركة المُقاومة الجديدة مُحاولةً فلسطينية في إطار المساعي لإحباط التطبيع بين الكيان الإسرائيل وعدد من الكيانات العربية، حيث دعت المجموعة الجديدة إلى اعتبار يوم 15 أيلول – وهو اليوم المقرر عقد مراسم توقيع اتفاقيات التطبيع المُذلّة بين الكيان الإسرائيلي والإمارات والبحرين- يوما للاحتجاجات في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث قالت الحركة في بيانها إن الفلسطينيين سيرفعون في هذا اليوم الأعلام الفلسطينية “تعبيرا عن رفضهم رفع علم الاحتلال والقتل والعنصرية في أبو ظبي والمنامة”، وهو الأمر الذي سيُشكّل تهديداً كبيراً ليس فقد لاتفاق التطبيع، إنّما للحالة الأمنيّة في الكيان الإسرائيلي.
وفي النهاية فإنّ قرار تشكيل المجموعة الجديدة ستُمكّن الشارع الفلسطيني من اتخاذ قرارات وتنفيذها من شأنها أن تقلب الطاولة في وجه كل من يشارك في مشاريع تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، أو تقديم تطبيع مجاني إلى الكيان الإسرائيلي لا يأخذ بعين الاعتبار الحقوق الفلسطينيّة وأبرزها تشكيل الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
المصدر/ الوقت