التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

طريق المحادثات الاستراتيجية الأمريكية القطرية الوعر 

عقدت الجولة الثالثة من المحادثات الاستراتيجية بين قطر وامريكا في واشنطن الأسبوع الماضي ، ووفق وكالة أنباء الأناضول التركية، فإن من أهم نتائج هذه الجولة من المحادثات الشاملة ، التي بدأت في 14 سبتمبر بمشاركة وفود رفيعة المستوى من الجانبين ، من بينها وزراء الخارجية والاقتصاد ، توصل الجانبان إلى اتفاقيات حول تعزيز التعاون، ولا سيما تعزيز قاعدة العديد في الدوحة وصفقة السلاح البالغة 26 مليار دولار.

خلفية وأهداف المحادثات الاستراتيجية الأمريكية القطرية

حتى الآن ، أجريت ثلاث جولات من المحادثات الاستراتيجية بين الدوحة وواشنطن ، حيث عقدت الجولة الأولى من المحادثات في شهر يناير عام 2018 والجولة الثانية في يناير 2019 في الولايات المتحدة الامريكية ، والنقطة المهمة في أسباب وأهداف بدء هذه المفاوضات هي المخاطر التي واجهتها الدوحة بعد أن بدأت الأزمة في مجلس التعاون الخليج الفارسي في يونيو2017 بسبب العقوبات التي فرضتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر على قطر ، حيث أعلنت الدول التي فرضت حظراً على قطر في البداية 13 شرطًا لتطبيع العلاقات معها ، وهو ما عارضته الدوحة ، وكانت هذه الأزمة من النوع الذي لم يكن يستبعد فيها اجراء هذه الدول عملاً عسكرياً ضد الدوحة، وفي مثل هذا الموقف ، قامت أمريكا التي دعمت منذ البداية الدول الحاظرة، بعد أن رأت عدم فاعلية الضغط الأولي على قطر إثر المساعدات الإيرانية والتركية لهذا البلد وتعزيز ميل الدوحة نحو طهران وأنقرة ، وكذلك لمنع الانهيار الكامل لمجلس التعاون الخليج الفارسي في حال تصعيد الأزمة ، بأداء دور الوساطة ، وتم وضع مشروع مباحثات استراتيجية بين الجانبين لتشجيع قطر ، وفي هذا الصدد ، أصدرت الولايات المتحدة الامريكية قرارًا خلال هذه المفاوضات ، شددت فيه على ضرورة احترام سيادة قطر وإعلان الدعم العسكري لها في حالة تعرضها لأي مخاطر أمنية ، بما في ذلك العدوان العسكري ، وذلك لتوجيه رسالة واضحة إلى الدول المحاصرة.

لكن واشنطن حولت هذه المحادثات أيضاً إلى منصة لتعزيز وجودها العسكري والاقتصادي في قطر وكسب المزيد من الفوائد الاقتصادية من الاستثمار القطري في أمريكا، وعلى مدار الجولات الثلاث الماضية من المحادثات، احتلت مبيعات الأسلحة والتعاون الاقتصادي مكانة عالية على جدول أعمال المباحثات هذه.

وقال وزير الاقتصاد القطري في اجتماع عقد مؤخرا إن “قطر استثمرت مليارات الدولارات في الاقتصاد الأمريكي، وان حصتنا الاقتصادية تجاوزت 200 مليار دولار”. وقال وزير الاقتصاد الامريكي أيضاً “ان أمريكا هي أكبر مستثمر أجنبي مباشر في قطر بإجمالي يصل الى 110.6 مليار دولار ضمن الاستثمار الأجنبي المباشر، ومع استثمار يبلغ 6.5 مليارات دولار في عام 2019 ، فنحن نعد أكبر مصدر لهذا البلد ، حيث يواصل قطاع الطاقة تقديم فرص كبيرة للشركات الأمريكية ، ومن المقرر أن يزيد مشروع تطوير الغاز الطبيعي المسال (LNG North Field) من إنتاج الغاز الطبيعي من 77 مليون طن سنوياً إلى 126 مليون طن بحلول عام 2027.

كما أثارت أمريكا قضية مبيعات الأسلحة بقيمة 26 مليار دولار لقطر خلال الجولة الثانية من المحادثات الاستراتيجية في عام 2019 ، والتي ركزت أيضاً على تنفيذ هذه الاتفاقية ، وبعد أزمة العلاقات العربية ، كانت مبيعات الأسلحة إلى حد كبير محط اهتمام أمريكا المستفيدة من الأجواء المتوترة في مجلس التعاون الخليج الفارسي ، ومع تورط الاقتصاد الأمريكي في أزمة كورونا وتزايد البطالة ، فان إحدى خطط دونالد الرئيسة لإيجاد حل سريع لهذه المشاكل هو العمل على توسيع مبيعات الأسلحة لحل المشكلات الاقتصادية بسرعة في الفترة التي تسبق الانتخابات ، ومثال آخر على ذلك هو التركيز على بيع طائرات F-35 للإمارات باعتبارها العدو الرئيس للإخوان والدوحة في المنطقة.

تقوية قاعدة العديد.. أمريكا تصطاد في الماء العكر

يجب أن يُنظر إلى التأكيد الأخير خلال الاجتماع الاخير على توسيع قاعدة العديد في قطر على أنه إشارة إلى ثقة واشنطن في الدوحة بعدم وجود خطط لإغلاقها أو نقلها.

حيث انه في الأسابيع الأخيرة، تكهنت بعض وسائل الإعلام العربية المقربة من الإمارات والسعودية بشأن خطة أمريكا لنقل قاعدة العديد لتكون أكبر قاعدة جوية أمريكية في الخارج، واختيار الإمارات كبديل ومضيف لها، وفي خطوة مثيرة للجدل الشهر الماضي، أعلنت الإمارات تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وفي غضون ذلك، أثار مناقشة امتيازات أبوظبي التي تلقتها من واشنطن باللجوء إلى هذه الخطوة مخاوف لدى القطريين.

كما اندلعت التكهنات أيضًا في أكتوبر 2019 ، عندما ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن البنتاغون يخطط لمراقبة قاعدة العديد عن بُعد ليوم كامل في الشهر ، وثماني ساعات في اليوم ، ونقلها الى قاعدة في ولاية فلوريدا.

في يوم عادي بالعديد، يقال إن القيادة المركزية الأمريكية تراقب عمليات 300 طائرة حربية أمريكية في سوريا والعراق وأفغانستان، مع وجود حوالي 11000 جندي أمريكي يتمركزون في القاعدة.

كما أعلنت قطر العام الماضي أنها ستخصص مبلغ 1.8 مليار دولار لتطوير القاعدة لإرضاء البيت الأبيض وترامب ، وحتى الآن ، يبدو أن واشنطن قد وضعت قضية العديد على جدول الأعمال في جهودها في السنوات الأخيرة لخفض الإنفاق العسكري في الخارج وتسليمه إلى الدول التي تستضيف القواعد الأمريكية.

طريق التحالف الاستراتيجي الوعر في ظل الخلافات

على الرغم من تسمية المحادثات بين الطرفين بالتعاون الاستراتيجي وعرض واشنطن لوضع قطر بان تكون حليفها من خارج حلف الناتو، فإن الواقع هو أن وجود مجموعة واسعة من الاختلافات بين الدوحة وواشنطن تجعل من الصعب تشكيل تحالف استراتيجي بينهما، وفي الخلاف الأكثر أهمية في السياسة الخارجية، أدرجت أمريكا العام الماضي جماعة الإخوان المسلمين على أنها جماعة إرهابية والتي تدعمها قطر.

ومن ناحية أخرى، فان علاقات قطر مع إيران هي قضية كبيرة أخرى بين الجانبين، ولطالما أكدت قطر وطهران خلال السنوات الماضية، وخاصة بعد أزمة مجلس التعاون الخليج الفارسي، على استمرار العلاقات الودية والشراكة الاقتصادية والتعاون في القضايا الإقليمية للحفاظ على الاستقرار والانتقال من الوضع الصعب الراهن ، وفي غضون ذلك ، سعت واشنطن إلى مرافقة الدوحة للعقوبات من خلال فرض عقوبات على طهران.

ومن جانب آخر، فإن عدم انضمام الدوحة لحملة تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني في سياق الضغوط الأمريكية واسعة النطاق على الحكومات العربية، وخاصة دول الخليج الفارسي، هو قضية أخرى جعلت من الصعب تصور وجود تحالف استراتيجي بين الجانبين.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق