ترامب يترنح على حبال الانتخابات.. الاتفاق مع إيران ورقته الأخيرة
لجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي ليس له أي سجل إيجابي في السياسة الخارجية بسبب انسحابه من المعاهدات والاتفاقيات الدولية، بما في ذلك الاتفاق النووي، لجأ إلى واحدة من أهم الاتفاقيات الدولية في العالم، أي الاتفاق النووي، للتعويض عن هذا الفشل، وهكذا فقد كان جزء كبير من تصريحاته في الشهرين الماضيين، حول إمكانية إعادة الاتفاق مع إيران.
لعبة الوقت
ترامب، الذي يحتاج بشدة إلى نجاح ما في السياسة الخارجية للمناورة الإعلامية في الانتخابات المقبلة، يتحدث بانتظام خلال الشهرين الماضيين حول التوصل إلى اتفاق مع طهران، إذا فاز في انتخابات نوفمبر.
والمثير للاهتمام في هذا الأمر هو أن ترامب يعلن في کل مرة عن موعد لإبرام اتفاق، بحيث يتحدث مرةً عن اتفاق في غضون أربعة أسابيع، ومرةً أخرى عن اتفاق في أسبوع واحد فقط، ومرةً أخرى عن اتفاق في غضون ثلاثة أسابيع فقط.
على سبيل المثال، في 10 آب (أغسطس)، أعلن الرئيس الأمريكي أمام حشد لمؤيديه في “لونغ برانش” بولاية نيوجيرسي، أنه إذا فاز في الانتخابات المقبلة، فسوف يتوصل إلى اتفاق مع إيران في غضون أربعة أسابيع.
وجدَّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في كلمة ألقاها أمام مرکز السياسة الوطنية 2020، ادعاءاته السابقة بشأن الاتفاق مع إيران، مدَّعياً أن “إيران ستعقد اتفاقاً مع الولايات المتحدة في غضون أسبوع إلى شهر، بعد فوزي في الانتخابات”.
ولکن قبل شهر واحد بالضبط، وفي الأيام الأولى من شهر سبتمبر، قال ترامب لشبكة فوكس نيوز إنه سيتوصل إلى اتفاق مع إيران في غضون ثلاثة أسابيع.
وفي مقابلة مع هذه القناة، هاجم ترامب المرشح الديمقراطي للرئاسة “جو بايدن”، وادعى أن الصين وإيران تريدان بشدة خسارته وفوز بايدن في الانتخابات.
وأضاف لشبكة فوكس نيوز: “ربما تفضِّل إيران فقط أن أخسر الانتخابات أكثر من الصين. سأتوصل إلى اتفاق مع إيران خلال الأسابيع الثلاثة الأولى(بعد بدء الولاية الثانية للرئاسة الأمريكية). إنهم ينتظرون ويريدون التوصل إلى اتفاق بإلحاح، لكنهم يريدون انتظار (نتائج الانتخابات)، ويريدون رؤية ما سيحدث”.
وتابع الرئيس الأمريكي: “إذا فاز بايدن، فإنهم (إيران) سيبرمون صفقةً أخرى مماثلةً لتلك التي عقدها معهم جون كيري غير الكفوء، ودعوني أقول بصدق بأن باراك أوباما تاجر (مفاوض) غير كفوء أيضاً. أنظروا إلى الشرق الأوسط، أنظروا فقط إلى الاتفاقية(اتفاقية التطبيع) التي أبرمتها للتو بين الإمارات وإسرائيل، والآن تريد دول (عربية) أخرى أن تكون جزءًا من تلك الاتفاقية، وبهذه الأحداث سيتحقق السلام في الشرق الأوسط. لم يعتقد أحد أننا سنكون في مثل هذا الوضع”.
العودة إلى سلاح التهديد
بعد عدم نجاعة هذه اللعبة، لجأ الرئيس الأمريكي إلى خيار التهديد، وفي الليلة الماضية حيث أثار ادعاءً جديداً، وقال إن ظروف الاتفاق مع إيران وفنزويلا في حال فوزه بالانتخابات الأمريكية 2020 باتت صعبةً.
وقال ترامب، الذي كان يتحدث إلى المواطنين من أصل لاتيني في مدينة “دورال” بولاية فلوريدا: “دعوني أخبركم بهذا، سواءً كانت إيران أو فنزويلا، فهم يريدون الدخول في الحوار مع (الولايات المتحدة). الكل يريد التحدث معنا”.
وتابع ترامب: “أريد الانتظار لما بعد الانتخابات لأنني قلت لهم انتظروا. قبل عام قلت إن لديكم خيارًا: يمكنكم التفاوض الآن أو بعد الانتخابات. لكن بعد الانتخابات، سيكون الاتفاق أكثر صعوبةً”.
الغضب الذي لا نهاية له
يطلق ترامب هذه التصريحات في حين أن غضب مسؤولي البيت الأبيض لم يهدأ بعد، بسبب الهزيمة التي لحقت به في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بعد فشله في إعادة فرض العقوبات على إيران وتفعيل آلية الزناد.
هذا في حين أنه في أقل من أسبوعين، سينتهي حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران، وهکذا سيتم تسجيل نقطة سلبية أخرى في سجل ترامب عشية الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020.
والسبب في تسجيل هذه النقطة السلبية، هو أن البيت الأبيض قد بذل جهودًا كبيرةً لإقناع حلفاء واشنطن بتمديد العقوبات، لكن الحلفاء السابقين للبيت الأبيض رفضوا حتى الآن الوقوف إلى جانب ترامب.
لعبة الانتخابات
لا شك في أن تصرفات ترامب خلال السنوات الأربع الماضية، جعلت من الصعب للغاية التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران، ولكن لمعرفة سبب حديث الرئيس الأمريكي بانتظام عن اتفاق مع الجمهورية الإسلامية، يجب أن نرجع إلی سياساته الانتخابية.
ربما استطاع ترامب وفق زعمه جذب انتباه الصهاينة، من خلال إجباره عدة دول عربية على تطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني، ولكن خطوته هذه لا تحظى بدعم كبير في المجتمع الدولي.
ولذلك، نظرًا لفشله في تسوية الأمور مع كوريا الشمالية، فإن الخيار القيّم الوحيد المتبقي له في مجال السياسة الخارجية هو إيران. ولهذا السبب نجده يتحدث بانتظام عن اتفاق مع إيران والوقت الذي سيستغرقه ذلك، لعله يتمكَّن من جعل الأصوات المؤيدة له أکثر من ذي قبل.
المصدر/ الوقت