القمة الأردنية في ظل فجوة العلاقة بين عمان وواشنطن
استضافت الأردن يوم أمس اجتماعا لبحث سبل تعزيز التسوية الشاملة والسلام في المنطقة ، وحضر هذا الاجتماع وزراء خارجية كل من الأردن ومصر وفرنسا وألمانيا (افتراضيا) وممثل عن الاتحاد الأوروبي ، دون حضور ممثل من أمريكا، وعقد هذا الاجتماع لبحث سبل دعم عملية السلام في الشرق الأوسط وسبل دعم عملية السلام بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين ، حيث توقفت محادثات السلام بين الصهاينة والفلسطينيين في عام 2014 ، ورفض الفلسطينيون المبادرة الأمريكية لاستئناف هذه المحادثات ، متهمين واشنطن بدعم الكيان الصهيوني ، وخاصة بعد أن اعتبرت الحكومة الأمريكية القدس عاصمة للكيان الصهيوني.
ويأتي هذا الاجتماع في وقت بدأت فيه البحرين والإمارات مؤخرًا تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني ، الأمر الذي يفكر فيه الأردن بجدية.
موقف الأردن من تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني
بشكل عام ، كان موقف المملكة الأردنية الهاشمية من تطبيع العلاقات بين البحرين والإمارات مع الكيان الصهيوني محافظًا متزامناً مع معارضة ضمنية، وعلى الرغم من أن الأردن قد أبرم اتفاقية سلام مع الكيان الصهيوني عام 1994 ؛ لكن المملكة الهاشمية تعتقد أن السلام بين مصر والأردن والكيان الصهيوني حدث بعد الحرب وتحت ظروف معينة ، وله نوع مختلف تمامًا عن التطبيع الحالي التي أقدمت عليه دولتا الامارات والبحرين.
بمعنى آخر ، تعتبر عمان المسيرة الحالية لتطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني مقدمة لتنفيذ المخططات الأمريكية في المنطقة ، ونظراً لأن الدولة الاردنية تعارض بشدة بعض هذه المخططات ، فهي ضد عملية التطبيع.
وفي وقت سابق ، وردا على اتفاق تطبيع العلاقات بين البحرين والكيان الصهيوني ، أصدر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بيانا انتقد ضمنا الاتفاق وقال: “احتلال الكيان الصهيوني سبب الصراع العربي الصهيوني الاول وانتهاؤه يكون على أساس حل بين الدولتين وهو السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل وشامل ودائم”.
وإضافة إلى ذلك ، يمكن أيضًا تحليل رد الفعل الحاد للأخ غير الشقيق للملك الأردني على تطبيع العلاقات الإماراتية مع الكيان الصهيوني في سياق استياء عمان من عملية التطبيع هذه ، حيث نشر الأمير علي بن حسين ، الأخ غير الشقيق للملك الأردني ، في تغريدة على موقع تويتر ، مقالاً على موقع الشرق الأوسط الأول ينتقد فيه تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني ومبررات أبو ظبي ، وكان عنوان هذا المقال “هل الاتفاق بين الإمارات والكيان الصهيوني إنجاز أم خيانة؟” وتصدرت صورة المقال صورة محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي وكتب بجانبها: خائن.
يمكن إرجاع جذور استياء الأردن من عملية التطبيع إلى ما يسمى بصفقة القرن ومعارضة البلاد لجزء من بنود هذه الصفقة.
الأردن وما يسمى “صفقة القرن”
ان ما يسمى “صفقة القرن” له أبعاد سياسية واقتصادية ، حيث انه في جوهره ، أي الجزء السياسي من الخطة ، عبارة عن منصة لتنفيذ أجزاء أخرى ؛ مثل تطبيع للعلاقات بين الدول العربية والكيان الصهيوني ، في حين أن المملكة الأردنية الهاشمية تعارض بشدة أجزاء من هذه الصفقة ، وبالتالي فهي تعارض تطبيع العلاقات بين الدول العربية مع الكيان الصهيوني ، حيث تشمل الأجزاء الرئيسية للخطة المسماة بصفقة القرن والتي تعارضها عمان ما يلي:
1 – خطة نقل الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى والمقدسات الفلسطينية الأخرى إلى السعودية
2. إقامة أمنية دائمة للكيان الصهيوني على حدود الأردن الغربية
3. تحديد القدس (الشرقية والغربية) عاصمة للدولة الصهيونية
4. إبعاد ونقل جزء من سكان الأراضي الفلسطينية إلى الأردن
وعليه ، ونظراً لإدراك الأردن الكامل أن التطبيع هو البعد السياسي لصفقة القرن ، فإن الخطة ستدخل مراحل أخرى بعد هذه المرحلة ، لذلك فقد عارضتها بشدة وشددت دائمًا على أنها تؤمن بحل الدولتين وعاصمة القدس الشرقية لدولة فلسطين.
اجتماع الاردن في ظل الانقسامات
رغم أن عمان تعارض أجزاء مما يسمى “صفقة القرن” وحذرت واشنطن سابقاً ، إلا أنها لم تتلق رداً مناسباً من البيت الأبيض ، وإضافة إلى هذا الامر فان تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني نقل رسالة مفادها أن واشنطن وحلفاءها الإقليميين يتقدمون بصفقة القرن بغض النظر عن مطالب الأردن ، وفي حين ان الأردن اعتبرت القدس انها خط أحمر بالنسبة لها واعتبرت الجزء الشرقي منها فلسطينياً أي لا مكان له في صفقة القرن ، الا ان الصفقة الامريكية تعد القدس وتعرفها بالمدينة العبرية ، وهذا الامر ، إلى جانب كل هذه العوامل التي ذكرناها سابقا ، تسبب في بروز انقسامات كبيرة بين عمان وبعض الدول العربية وأمريكا.
وعلى هذا الاساس ، تنوي عمان إجبار الأطراف الأخرى على الانصياع لاعتباراتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية ، بالاعتماد على تعزيز علاقاتها مع الفصائل الفلسطينية واستخدام قدرات الدول الأوروبية (خاصة فرنسا) ، حيث يمكن تحليل اجتماع الأمس في عمان في ذات السياق.
وبعبارة اخرى فان أي شعور بالتهديد والخيانة في مأمن من بعض الدول العربية في الخليج الفارسي بخصوص صفقة القرن ، قد أحدث شرخاً عميقاً في علاقات عمان مع هذه الدول ومع واشنطن ، ما دفع عمان إلى محاولة الحفاظ على موقعها في القضية الفلسطينية من خلال الاعتماد على جهات أخرى.
المصدر/ الوقت