توني بلير المخادع ومهندس التطبيع الخفي
بعد أن قدم تاريخاً حافلاً في تمزيق دول الشرق الأوسط مع استاذه جورج بوش الابن، اتجه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، نحو الارتازق فأصبح أكبر مرتزق بين الزعماء السياسيين، نتيجة الاستشارات السياسية التي يقدمها لبعض الدول الخليجية مثل الامارات والسعودية مقابل الحصول على اموال طائلة، ومنذ سنوات عديدة وبلير يعمل على دعم الولايات المتحدة الأمريكية في خططها التطبيعية، مقابل مصالح شخصية، وقد استطاع أن يساهم بشكل كبير ويدفع باتجاه التطبيع الذي حصل بين الامارات والكيان الاسرائيلي، وبعد كل هذا يقول أنه ليس تابع للولايات المتحدة الأمريكية، وقبل الدخول بالتفصيل يجب ان نقول أن غزو العراق كان شاهداً على تبعية بلير للادارة الأمريكية.
اليوم يعمل بلير على تصفية القضية الفلسطينية بكل ما أوتي من نفوذ ودعم من بعض الدول الخليجية، ويريد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق والموفد السابق للرباعية الدولية للشرق الأوسط، أن يمزق الطاقم السياسي الفلسطيني الحالي ويعمل على الاتيان بجيل جديد يخضع للشروط الاسرائيلية_الامريكية مقابل حفنة من الدولارات.
خطة بلير القادمة، قالها بشكل علني في مؤتمر لصحيفة “جيروساليم بوست” الخميس عندما أوضح انه: “يجب أولا إحلال السلام بين الدول العربية وإسرائيل، وبعد ذلك يجب إدراج القضية الفلسطينية”.
ولدى سؤاله عن إمكانية استئناف مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين المتوقفة منذ عام 2014، قال بلير: “يجب أن نحاول إقناع جيل من السياسيين الفلسطينيين بأن السبيل الوحيد للحصول على دولة هو من خلال تفاهم عميق وحقيقي بين الناس، وبين الثقافات وليس فقط عبر المفاوضات حول الأراضي”.
ومفاوضات السلام بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني متوقفة منذ عام 2014. وقد رفض الفلسطينيون مبادرات الإدارة الأميركية لاستئنافها واتهموها بالانحياز لإسرائيل خصوصا بعد اعتبار الإدارة الأميركية القدس عاصمة لإسرائيل.
ويطالب الفلسطينيون بإقامة دولتهم المستقبلية على أساس حدود عام 1967، على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لها. كما يطالبون بعودة نحو 760 ألف فلسطيني هاجروا أو نزحوا من ديارهم منذ حرب عام 1948 التي مهدت لقيام دولة إسرائيل. ووقعت إسرائيل والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين في 15 أيلول/سبتمبر الجاري في البيت الأبيض اتفاقين لتطبيع العلاقات.
لماذا نعتقد أن بلير تابع ينتمي إلى المرتزقة؟
في العام 2015، نشرت “الغارديان” البريطانية مقالاً حول “الاستعمار الأخلاقي” الذي يمثل توني بلير أحد ركائزه، وقد وصفه المقال بـ”التبشيري المخادع”، الذي يسوق الديمقراطية أداة لخلاص الشعوب بينما هو لا يرضى بغير العلمانية والليبرالية الاقتصادية.
أما الديمقراطية، كما يقول المقال، فمرهونة عند بلير بمدى توافق نتائجها مع مصالح الغرب، وهي وجهة نظر يعرف أصحابها في أوساط السياسة الأمريكية بـ”المحافظين الجدد”. ويمكن فهم نظرة بلير للديمقراطية في الشرق الأوسط والمنطقة العربية من خلال موقفه من الثورة المصرية عام 2011، عندما حذّر الرجل من الفراغ الذي سيحدثه خلع حسني مبارك.
الصحيفة البريطانية قالت إن بلير في عام 2014 كان يتقاضى من صندوق أبوظبي السيادي سنوياً ما قيمته مليون جنيه إسترليني (1,300 مليون دولار)، نظير استشارات يقدمها لحكومة الإمارات وحلفائها من واقع خبرته وعلاقاته الواسعة في المجال الدولي.
وفي يوليو 2016، خرج جون تشيلكوت، رئيس اللجنة المنوطة بالتحقيق في المشاركة البريطانية بحرب العراق بتصريح صادم قال فيه إن نظام الرئيس العراقي صدام حسين “لم يكن يشكل خطراً على المصالح البريطانية”، وإن حرب 2003 لم تكن ضرورية بالمرة.
وقال تشيلكوت: إن بلير “استند إلى الهواجس الشخصية أكثر من استناده على الحقائق والتقارير الاستخبارية”، واصفاً العلاقة بين بلير والرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن بـ”التبعية الكاملة”.
ودائماً كان لدى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق عداء وجودي مع تيار الإسلام السياسي، وقد وصف الانقلاب الذي أطاح بالرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي بأنه “الخيار الأفضل”. كما كشفت صحفية “صنداي تايمز”، في ديسمبر 2016، عن قيام مؤسسات خيرية تابعة لبلير بجمع معلومات عن النشطاء الإسلاميين والحركات الإسلامية في أفريقيا لصالح أنظمة قمعية في مصر والسودان وليبيا وسوريا واليمن وتونس والمغرب ومالي، وغيرها.
وأشارت الصحيفة إلى أن بلير يحاول جمع معلومات عن المساجد وروادها والاجتماعات التي تعقد بداخلها بدعوى محاربة الإرهاب، مشيرة إلى أنه “يحاول أن يكون في صدارة الحملة الدولية ضد التطرف”.
كما نقلت الصحيفة عن أحد العاملين في منظمة “مبادرة بلير للحكم الرشيد في أفريقيا” قوله: إن “نوع الحكم الذي يجب نشارك فيه هو فصل الدين عن الدولة، ولكن هذه المبادرة ستشجع الدول على التجسس على المؤسسات الدينية”.
وفي أبريل 2014، طالب بلير في خطاب ألقاه أمام مؤسسة “بلومبيرغ” بتنحية خلافاته مع كل من روسيا والصين والتفرغ لمواجهة ما سماه ازدياد “التطرف الإسلامي” في العالم. وقد ردّت “التليغراف” على هذه المطالبة بمقال قالت فيه إن هذه السياسات القائمة على التدخل العسكري الخارجي، والنابعة من فكر صهيوني مسيحي، لم تقدم للعالم سوى أفغانستان والعراق وغوانتانامو وتفجيرات لندن.
الإمارات تلقفت دعوة بلير على ما يبدو؛ فقد أبرمت عقداً مع مركز “توني بلير أسوشيتس” مقابل مبالغ تصل إلى 35 مليون دولار. ويتضمن العقد -وفق جريدة “التليغراف” البريطانية- حصول المركز على خمسة ملايين دولار سنوياً من المقرر أن تستمر لخمسة أعوام.
وقالت التليغراف إن بلير طلب أيضاً مليونين و210 آلاف دولار كأتعاب شخصية، و688 ألف دولار كمصاريف إضافية من أجل تغطية النفقات السنوية لرحلاته، مقابل وعد بزيارة الإمارات 12 مرة في العام الواحد.
في الختام؛ توني بلير تمكن من خداع الامارات والبحرين وقد يفعل الأمر نفسه مع السعودية، خاصة وان “مؤسسة توني بلير للتغيير العالمي” تلقت مبالغ وصلت إلى 12 مليون دولار مقابل تقديمها خدمات استشارية للسلطات السعودية، بحسب ما كشفت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية في وقت سابق، ولكن نخشى ما نخشاه أن يتمكن بلير من اختراق السلطة الفلسطينية.
المصدر/ الوقت