التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

تركيا مقبلة على انتخابات حاسمة.. هل تستمر محادثات توحيد قبرص أم سنشهد حلّاً قومياً؟ 

دخلت الانتخابات الرئاسية المعلنة ذاتياً في شمال قبرص في الجولة الثانية ، بالتزامن مع نتائج الانقسامات والتوترات المتزايدة بين اليونان وتركيا وقبرص بشأن حصتها في البحر المتوسط ​​، وخاصة بالنسبة لأنقرة.

ووفقاً للانتخابات التي أجريت يوم أمس، فإنه من بين 11 مرشحاً لرئاسة الجمهورية يوجد رئيس المنطقة السابق مصطفى أكينجى، ذو ميول معتدلة ويريد توحيد المنطقتين الشمالية والجنوبية، والذي يحظى بنسبة 30 في المئة من الأصوات، إضافة الى رئيس الوزراء اليميني الحالي أرسين تتار المدعوم من قبل تركيا مع 32.5 في المئة من الأصوات، لكن الجانبين فشلا في الفوز بالأغلبية المطلوبة من الأصوات أي بأكثر من 50 في المئة، وتم تأجيل الانتخابات إلى جولة ثانية ستقام الأسبوع المقبل (18 أكتوبر).

تم تقسيم قبرص إلى شمال قبرص الذي يقطنه الاتراك وقبرص التي يقطنها اليونانيون منذ عام 1974 بعد التدخل العسكري التركي الذي جاء ردا على الانقلاب المستوحى من أنصار اليونان.

كما أن مصير هذه الانتخابات مهم لأن الرئيس الجديد للمنطقة سيتحمل مسؤولية اتخاذ قرار بشأن قضايا مهمة عدة مثل التحالف وحل الخلافات السياسية العميقة مع القطاع اليوناني لإنهاء الفجوة التي طالت هذه الجزيرة وعمرها 46 عاماً في الهيمنة وكذلك سيكون مسؤولاً عن اعتماد نهج لمعالجة التوترات المتعلقة باحتياطيات الطاقة في البحر الأبيض المتوسط.

من المحتمل أن يكون الاختبار الكبير الأول للفائز في هذه المسابقة هو الاجتماع الذي يستضيفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بمشاركة القوى الضامنة الثلاث قبرص – اليونان وتركيا والمملكة المتحدة البريطانية لاستئناف فرصة كسر الجمود في محادثات السلام.

يفضل تتار، رئيس الوزراء الحالي للمنطقة، التنسيق الكامل مع سياسات أنقرة، مثل السعي إلى اتفاقية بديلة جديدة للنموذج الفيدرالي القبرصي بنموذج الدولتين أو تخصيص حقوق لاحتياطيات الغاز والنفط المحتملة في الخارج قبل محادثات السلام.

وتشعر تركيا، التي تشهد حالياً توحيد خصومها في المنطقة، والتي تضم اليونان وإسرائيل وجمهورية قبرص ومصر، بالقلق من أن فقدان حليفها الوثيق في قبرص التركية قد يضعف موقعها في منطقة البحر الأبيض المتوسط، مقارنة بالدول المنافسة، وخاصة في الأشهر الأخيرة، هذا إضافة إلى الدعم الأوروبي والأمريكي لليونان وقبرص، وحتى تهديد تركيا بفرض عقوبات اقتصادية، لكن يجب على أنقرة القلق ومتابعة التطورات السياسية في طرابلس بعد استقالة فائز سراج في ليبيا والذي كان يعد رافعة لتعزيز الوجود التركي في البحر المتوسط.

ومن الواضح أن تركيا لا تريد مشاهدة إعادة انتخاب أكينجي، حيث إنه في وقت سابق من هذا العام، تعرض لانتقادات حادة من قبل أنقرة عندما وصف فكرة ضم شمال قبرص إلى تركيا بأنها “مروعة”، كما يدعم أكينجي أيضاً خطة التحالف التي تدعمها الأمم المتحدة لحل قضية قبرص، والتي لا تراها تركيا حالياً في مصالحها الإقليمية، هذا الادعاء الذي يمكن رؤيته في موقف تركيا من القضية المثيرة للجدل المتمثلة في إعادة فتح منطقة فاروشا.

إعادة فتح مدينة الأشباح.. ما الذي تبحث عنه تركيا؟

فرّ نحو40 ألف قبرصي يوناني من مدينة فاروشا (Varosha) عندما كانت الدبابات التركية تتقدم في الجزء الشمالي من قبرص في شهر أغسطس عام 1974، وبناء عليه منع قرار للأمم المتحدة الناس من العيش في فاروشا باستثناء سكانها الأصليين، لذلك قامت تركيا بتسييج المدينة، ومنذ ذلك الحين، أصبحت هذه المنطقة مهجورة، ومن هنا جاء اسم مدينة الأشباح.

لكن في الأسبوع الماضي، وفي خطوة حاسمة من جانب تتار، أعلن رئيس الوزراء القبرصي التركي الحالي عن افتتاح جزء من منطقة فاروشا بعد مضي 46 عاماً على هجرانها، الامر الذي أثار موجة جديدة من الصراع في المنطقة، ومن ناحية أخرى، تركت هذه الخطوة الحزبين الشريكين في حكومة الائتلاف الوطني لتتار على الرغم من دعم إعادة فتح فاروشا، مستاءين من القرار، بحجة أنه لم يتم التشاور والتنسيق معهم حول هذا القرار، ونؤوا بأنفسهم عن حكومة الائتلاف القبرصي ، وبالتالي سقطت حكومة تتار، وكان من المقرر إجراء الانتخابات قبل أوانها.

ومن ناحية أخرى، وصف الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس هذه الخطوة بأنها “انتهاك واضح للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي”، وقالت نيقوسيا إنها ستسعى للجوء إلى الأمم المتحدة وإثارة هذه القضية مع شركاء الاتحاد الأوروبي في قمة الأسبوع المقبل.

وفي غضون ذلك، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة من “أي عمل أحادي الجانب من شأنه أن يخلق توتراً في الجزيرة ويقوض العودة إلى طاولة المفاوضات أو النجاح المستقبلي لمفاوضات (إعادة التوحيد”).

لكن بينما أدانت الحكومة القبرصية المدعومة دولياً هذه الخطوة، أيدتها تركيا وأردوغان نفسه، وفي مقابلة في شهر أغسطس، أشار المتحدث باسم أردوغان، إبراهيم كالين، إلى أن أنقرة تريد فتح المدينة للاستثمار، مدّعياً أن السكان الأصليين لهذه المنطقة يرحبون بهذا القرار.

لقد قوبل نهج تركيا الجديد تجاه فاروشا الآن بمعارضة الجناحين اليساري والمعتدل في قبرص التركية، والذين يرون في إجراء تركيا هذا على أنه رمي أنقرة للحجارة في مسار محادثات اتحاد قبرص، والمزيد من التدخل في المنطقة وحتى التخطيط لضمها لأراضيها، حيث يعتقد Özyiğit ، زعيم حزب TDP المعتدل، أن “قرار إعادة فتح فاروشا يؤكد أن تركيا لم تعد تدعم إعادة توحيد قبرص”، وأضاف إن قرار إعادة فتح فاروشا يضرّ بقبرص التي يقطنها الأتراك وإن هذا القرار من شأنه إبعاد المنطقة عن المجتمع الدولي فقط.

وفي مثل هذه الحالة، علينا أن ننتظر ونرى ما هو النهج والخطاب الانتخابي الذي سيصوت له سكان هذه المنطقة في الانتخابات الحاسمة الأسبوع المقبل ؛ لاستمرار محادثات توحيد قبرص أم للحل القومي؟ الخيار المهم أيضاً لمصالح تركيا في البحر الأبيض المتوسط.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق