التحديث الاخير بتاريخ|السبت, ديسمبر 28, 2024

سمير جعجع.. العنصر الرئيس لسياسة الأرض المحروقة في لبنان 

كان “سمير جعجع” القيادي في حزب “القوات المشتركة” قد اقترح مؤخراً على جنبلاط في جلسة خاصة أن يستقيل ممثلو الحزبين من البرلمان، وأصرّ بعدها على استمرار مواجهته مع حزب الله حتى نهاية الخط ، مهدداً بأن لديه 15 ألف مقاتل قائلاً “انا لدي 15 ألف مقاتل ونحن قادرون على مواجهة حزب الله الذي أصبح ضعيفاً جداً نتيجة الأوضاع في لبنان والمنطقة”.

ويأتي نقد هذه التصريحات في وقت يمر فيه لبنان بحالة أزمة واضطراب سياسي بعد فشل مصطفى أديب في تشكيل الحكومة الجديدة، والسؤال الذي يطرح ذاته الآن هو لماذا يدلي جعجع بمثل هذه التصريحات في الوقت الحاضر، وما هو أساس هدفه في إثارة موضوع المواجهة والحرب مع حزب الله؟

سمير جعجع قاتل على هيئة سياسي

عند تحليل تصريحات سمير جعجع الأخيرة، من الضروري أولاً فحص الخلفية السياسية لهذا الشخص وخلفية أفعاله السياسية، جعجع هو أحد الفاعلين الرئيسيين في الحرب الأهلية اللبنانية، التي بدأت في السبعينيات وتحديداً عام 1970 وانتهت عام 1990 بالتدخل السوري، حيث كان سليم جعجع قائد الجماعات المسيحية المسلحة المعروفة بـ “الكتائب” إبان الحرب الأهلية اللبنانية، وبعد انتهاء الحرب بدأ نشاطه السياسي كشخصية غربية مناهضة للمقاومة.

نفذ الزعيم السابق لحزب الكتائب اللبنانية، البالغ من العمر 68 عاماً، عشرات الاغتيالات السياسية وقتل العديد من الأشخاص، وعلى سبيل المثال، قام مسلحون تحت قيادة سمير جعجع باختطاف أربعة دبلوماسيين إيرانيين عند نقطة تفتيش، ولا توجد معلومات متاحة حتى الآن عن مكان وجودهم أو مصيرهم، كما تعاون مع القوات الإسرائيلية في مجزرة “صبرا وشاتيلا” عام 1989.

سُجن جعجع بتهمة ارتكاب جرائم حرب في السنوات التي أعقبت انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية، حيث كانت العقوبة الأصلية على جعجع بعد اعتقاله هي الإعدام، لكن تم تخفيفها فيما بعد إلى السجن المؤبد، وحكم عليه بأحكام عدة بالسجن المؤبد وفي الوقت نفسه بتهمة الاغتيالات السياسية، بما في ذلك اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رشيد كرامي عام 1987، وجرائم حرب أخرى، ولكن في عام 2005، إثر قانون أقره مجلس الشعب اللبناني، حيث شمل العفو الصادر سمير جعجع قائد القوات اللبنانية وأفرج عنه بعد 11 عاماً في السجن في وزارة الدفاع، وأصبح منذ ذلك الحين شخصية رئيسة في جماعة 14 آذار المدعومة من الغرب، وهو يقود حالياً قسماً من المسيحيين، كما تظهر خلفية جعجع السياسية وخلفيته التاريخية بوضوح أنه موجود على الساحة اللبنانية الجديدة للتطورات السياسية اللبنانية، وأنه يسعى إلى خلق أزمة وحتى بدء حرب أهلية جديدة.

جعجع واضع نظام دومينو الأزمات

من خلال تحليل تصريحات جعجع الحالية حول استعداده لمواجهة عسكرية مع حزب الله في لبنان، يمكن القول إنه لا شك في أنه في هذا النوع من العمل والموقف ، يمكن رؤية الدور الخفي للأيادي السعودية وأمريكا في تحريضه على إثارة الأزمات وإتمام مخطط التوطئة لإخراج حزب الله من الحكومة ومن الهيكل السياسي في بيروت، حيث إنه خلال السنوات القليلة الماضية، بذلت السعودية وأمريكا كل جهد ممكن لإخراج حزب الله من الحكومة اللبنانية، لكنهما لم ينجحا في ذلك حتى الآن، وفي الأشهر القليلة الماضية، وخاصة بعد الحادثة المشبوهة التي وقعت في مرفأ بيروت والمتمثلة في الانفجار الكبير الذي طال المرفأ، يبدو أن خطة أمريكا والسعودية والكيان الصهيوني تتدارك بنشاط أكبر.

وفي هذه الأثناء، يعتبر سمير جعجع والقوات تحت قيادته واحدة من قطع اللغز لدى هؤلاء الممثلين لتنفيذ خطتهم، وتستند الخطة إلى حقيقة أن الحكومة اللبنانية تعيش باستمرار حالة أزمة وعدم استقرار، وهي غير قادرة على إدارة الوضع وحل مشاكل البلاد، وعلى المستوى الثاني، محاولتهم منع تشكيل حكومة ائتلافية كما في السابق، ونتيجة لذلك، نرى في البداية، مع الانفجار المفتعل لبيروت، مهدوا الطريق لهزيمة حكومة حسان دياب، وفي المرحلة التالية منعوا تشكيل حكومة مصطفى أديب من خلال خلق عقبات كبيرة.

ولتنفيذ هذه السياسة رأينا في الأشهر الماضية أن جعجع خرب كل الخطط السياسية لحل الأزمة، حتى المبادرة الفرنسية، إن غيابه عن حكومة دياب ومعارضته لحكومة أديب، حتى الآن بعد أن أصبح الحريري مرشحاً محتملاً للحكومة المقبلة، دليل على عمله السياسي المهم والهادف، وعلى صعيد آخر، من المشكوك فيه أن يمول جعجع، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب في لبنان، إدارة 15 ألف من ميليشيا عسكرية وأسلحتها، ولماذا لا تتحدث أمريكا وأوروبا عن أسلحة هذه الجماعة بهذا السجل الإجرامي؟ بشكل عام، يمكن القول إن جعجع هو المنفذ لخطة أمريكا والسعودية والكيان الصهيوني لدفع سياسة خلق أزمة في لبنان والضغط على المقاومة للخضوع للحكومة التكنوقراطية ونزع سلاحها بعد حادثة تفجير ميناء بيروت المشبوهة.

هل لتهديدات جعجع ضد حزب الله أساس واقعي؟

مما لا شك فيه أن التهديدات التي يطلقها جعجع ضد حزب الله هي مقدمة لإشعال فتيل حرب أهلية وتهديد لتطبيق استراتيجية الأرض المحروقة، الأمر الذي يذكرنا بالسنوات المريرة للحرب الأهلية، ولا يفيد هذا الوضع سوى الأحزاب التي تخشى تطبيق الديمقراطية والرجوع إلى صناديق الاقتراع، حيث تمكنت المقاومة اللبنانية من الفوز في انتخابات 2018 النيابية من خلال زيادة التأييد الشعبي لها، وفي الواقع إنه على العكس من أداء جعجع فإن سلاح حزب الله والمقاومة في لبنان، فقد خدم أمن واستقلال البلاد لمواجهة تهديد الكيان الصهيوني وتمسك حزب الله بالديمقراطية في الساحة الداخلية.

لكن في الوضع الحالي، فإن تهديد استراتيجية الأرض المحروقة لقمع المقاومة اللبنانية غير فعال بالتأكيد، حيث إنه بالنظر إلى حقيقة أن حزب الله أصبح الآن لاعباً إقليمياً حيث إن الجيش مسلح حتى النخاع وما يسمى اصطلاحاً بقاهر الجيش الصهيوني الذي لا يقهر، وبطبيعة الحال، سيتمكن بمساعدة الشعب، والجيش وقوات الأمن، إذا لزم الأمر، من خنق أي مؤامرة أجنبية للحفاظ على الأمن الداخلي للبلاد، تماماً مثلما هزم مؤامرة ظهور داعش.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق