البيت الأبيض ينقسم على نفسه…كيف أصبح صاروخ كوريا الشمالية الجديد ورقة رابحة في يد بايدن؟
مع بقاء 18 يوماً فقط على الانتخابات الرئاسية الامريكية المقرر انعقادها في 3 من شهر نوفمبر المقبل ، سيستخدم الرئيس الامريكي الحالي والمرشح عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب ومنافسه على الرئاسة المرشح عن الحزب الديمقراطي جو بايدن جميع أوراقهم وأدواتهم للفوز بهذه الانتخابات ، وفي هذا الصدد ، يتم تقديم مجموعة من القضايا المهمة في مجال السياسة الداخلية والخارجية لأمريكا من قبل المتنافسين كخطة عمل للأربع سنوات القادمة، ومع ذلك، فإن ترامب كرئيس حالي للدولة، وخاصة في السياسة الخارجية، يحتاج إلى الدفاع عن أدائه في مختلف المجالات.
في الأيام الأخيرة، كان أحد أكبر التحديات التي واجهها الرئيس الأمريكي هو إزاحة الستار عن أحدث الصواريخ الباليستية العابرة للقارات لكوريا الشمالية، حيث إنه من جهة يأتي هذا الكشف عن هذا الصاروخ قبل أيام قليلة فقط من موعد إجراء الانتخابات الأمريكية، ومن جهة اخرى، قد استغل دونالد ترامب دبلوماسية التصوير الفوتوغرافي على مدار السنوات القليلة الماضية لتغطية اجتماعاته مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، بهدف وصف وإظهار سياسته تجاه بيونغ يانغ على أنها إنجاز كبير له في السياسة الخارجية، مع وضع هذا في الاعتبار، فمن الممكن قراءة إزاحة كوريا الشمالية الستار عن صاروخها الجديد عابر القارات على مستويين، فعلى المستوى المبدئي، أدى هذا الأمر إلى وجود انقسام في البيت الأبيض، ومن ناحية أخرى، أثار ذلك انتقادات وهجمات من الديمقراطيين وجو بايدن على سجل السياسة الخارجية لترامب.
إزاحة الستار عن صاروخ باليستي في بيونغ يانغ
في تاريخ 10 أكتوبر عام 2020، أزاحت كوريا الشمالية الستار عن أكبر صاروخ باليستي عابر للقارات بمناسبة الذكرى الـ 75 للتأسيس حزب العمال الكوري، وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2018 التي تقوم فيها كوريا الشمالية بإزاحة الستار عن صواريخ باليستية عابرة للقارات في عرض عسكري ، حيث تداولت وسائل الاعلام أنباء عن أن هذا الصاروخ الباليستي الجديد العابر للقارات هو أكبر وربما أطول في المدى من أحدث نسخة معروفة من صاروخ هوا سونغ 15.
والجدير بالذكر أيضاً أن الاسم المكتوب على هذا الصاروخ الضخم أي “بوكيكسون -4” هو اسم غير مسمى مسبقاً، ففي كوريا الشمالية، يستخدم اسم Pokixon أي (نجمة الشمال) بشكل شائع للصواريخ التي تطلق من الغواصات تحت الماء ، كما أن الصاروخ الباليستي الذي أزاحت كوريا الشمالية الستار عنه مؤخراً “عملاق” لدرجة أنه فاجأ حتى خبراء المعدات العسكرية الأكثر خبرة في هذا البلد.
كما تأتي إزاحة الستار عن هذا الصاروخ الجديد في وقت تم فيه اختبار صاروخ هوا سونغ- 15 أيضاً في عام 2017 والذي يبلغ مداه 13000 كيلومتر، بحيث يمكنه استهداف كامل أراضي أمريكا برأس حربي نووي، وهذا الصاروخ الجديد، الذي لم يتم اختباره وتجربته بعد، هو صاروخ ذو مرحلتين يعمل بالوقود السائل، لكنه أطول وأكبر من حيث القطر من صاروخ هوا سونغ- 15.
حيرة كبيرة في البيت الأبيض بشأن المواجهة مع بيونغ يانغ
قبل أقل من ثلاثة أسابيع من الانتخابات الأمريكية الجديدة، يوجد الآن قدر كبير من الارتباك والحيرة في البيت الأبيض بشأن رد الفعل والطريقة التي أزاحت بها كوريا الشمالية الستار عن صاروخها الباليستي الجديد، فمن ناحية، هناك أدلة تشير إلى أن ترامب ومستشاريه قلقون للغاية بشأن هذه المسألة، ومن ناحية أخرى، فإنهم قلقون من أن أي مبالغة في تهديدات بيونغ يانغ هي خدمة رسمية وتحرك في مصلحة منافسه الديمقراطي، جو بايدن ، وأن هذا الأمر يقضي على كل آثار دبلوماسية التصوير الفوتوغرافي لترامب ، لذلك ، يمكن القول الآن إن البيت الأبيض يواجه نوعاً من الانقسام والارتباك في تحديد مواقفه.
وفي ذات السياق ، قال شخص مطلع في البيت الأبيض لوكالة “واكس” الأمريكية إن الرئيس الأمريكي غضب بشدة بعد رؤية تقرير إزاحة كوريا الشمالية الستار عن صاروخ باليستي جديد عابر للقارات، حيث قال ترامب بعد رؤيته لتقرير إزاحة بيونغ يانغ الستار عن صاروخها الباليستي الجديد عابر القارات، إنه يشعر بخيبة أمل حقيقية من الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، هذا وقد أكد وزير الدفاع الأمريكي “مارك اسبير” أيضاً قبل بدء المشاورات مع نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون بالقول “نحن نتفق على أن برامج كوريا الشمالية النووية والصاروخية تشكل تهديداً خطيراً للأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، وأن أمريكا ملتزمة بالحفاظ على أمن شبه الجزيرة الكورية”.
لكن من ناحية أخرى ، فإن وزارة الخارجية الأمريكية حريصة على الامتناع عن تضخيم خبر إزاحة كوريا الشمالية الستار عن صاروخها الباليستي الجديد، والنظر إلى هذا الأمر على أنه أمر تافه، وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في مؤتمر صحفي في الـ 14 من تشرين الأول: “من المهم أن نعرف أنه عندما تطلق دولة برنامجاً صاروخياً، فإن أهم شيء يمكنهم فعله للتأكد من عمل وفعالية الصاروخ هو اختباره، ومع ذلك، فإن كوريا الشمالية لم تختبر أي صواريخ باليستية في العام الماضي، وذات الشيء ينطبق على العام الذي يسبق العام الماضي” ، يُظهر هذا النوع من المواقف أن بومبيو يعتزم الاستمرار في الإشارة إلى تهدئة التوترات مع بيونغ يانغ كسجل ناجح للدبلوماسية الأمريكية خلال رئاسة دونالد ترامب.
لكن الواقع الميداني للانتخابات الرئاسية الأمريكية في الفترة التي تسبق الـ 3 من تشرين الثاني هي أن جميع استطلاعات الرأي تظهر أن بايدن أكثر شعبية من ترامب، في هذا الموقف، قد يكون لإزاحة كوريا الشمالية الستار عن صاروخ باليستي عابر للقارات، والذي من المرجح أن يهدد الأمن القومي الأمريكي أكثر من أي وقت مضى، ورقة مهمة لبايدن في المناورات السياسية والدعاية في الأيام الأخيرة من الانتخابات، لذلك، يمكن القول إن كوريا الشمالية، إلى جانب الصين، تؤيدان هزيمة ترامب في الـ 3 من نوفمبر.
المصدر/ الوقت