هل وقعت حماس هدنة طويلة المدى مع “إسرائيل” برعاية قطريّة
عقب الشائعات التي انتشرت في الأيام الأخيرة الماضيّة، والتي تتحدث عن اتفاق هدنة طويلة الأمد بين حماس والكيان الصهيونيّ، على حدود قطاع غزة بوساطة قطريّة، مقابل رشوة ماليّة 100 مليون دولار للحركة، بعد زيارة سريّة لرئيس استخبارات العدو إلى لدوحة، نفى عضو المكتب السياسيّ لحركة المقاومة الإسلاميّة “حماس”، موسى أبو مرزوق، ما تتداوله بعض وسائل الإعلام الصهيونيّة حول وجود هدنة طويلة الأمد مع الاحتلال، واصفاً ذلك بـ “الكذب المحض” الذي ليس له أساس من الصحة.
تهدئة مؤقتة
واضحاً جاء حديث عضو المكتب السياسيّ لحركة حماس، الذي أكّد أنّ معظم المفاوضات القطريّة السابقة، كانت تأتي في سياق “التهدئة المؤقتة” لتجنب التصعيد بين العدو الصهيونيّ وقطاع غزة، مبيّناً عدم وجود أيّ وساطة من الدوحة حالياً لإبرام هدنة طويلة المدى.
وفيما يتعلق بمدى الالتزام الإسرائيليّ بالتهدئة الأخيرة التي جاءت برعاية قطريّة، نوه أبو مرزوق أنّ الكيان الصهيونيّ لم يلتزم في “تاريخ الصراع” بأيّ تهدئة سابقة، مؤكّداً أنّه يُقيّم الحالة دائماً بحسب ما يراه مناسباً له لا أكثر، وبحسب ما تقتضيه مصلحته، وليس بحسب ما تم التوقيع عليه، في إِشارة مباشرة إلى خُبث ونفاق العدو الذي لا يؤمن له في أيّ تهدئة مؤقتة، فكيف الحال مع هدنة طويلة الأمد؟.
يشار إلى أنّ المسؤول في حركة حماس، تحدث عن السياسة الصهيونيّة في مثل هكذا اتفاقات، مبيّناً أنّ الكيان الغاصب لا يلتزم بأيّ بند وقع عليه، ليس فقط بما يخص التهدئة مع قطاع غزة المحاصر، بل مع كافة الاتفاقيات مع الفلسطينيين.
وفي الوقت الذي ترفض فيه حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس” بشكل قاطع العودة إلى نقطة الصفر، بحيث تتكرر القضايا المطروحة سابقاً، طالبت كافة الجهات بالوفاء بالتزاماتها تجاه قطاع غزة المحاصر، لا سيما الاتحاد الأوروبيّ و قطر، خاصة بما يخص المشاريع الكبرى والمنطقة الصناعيّة وخط الغاز والكهرباء، ومحطة التحلية وقضايا أخرى منها معالجات فيروس كورونا المستجد وإمداد القطاع بعينات الفحص.
رفض واضح
مراراً أكّد المستشار الإعلاميّ لرئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس، “طاهر النونو”، رفض قيادة الحركة بوضوح وبمنتهى الثقة العروض الدوليّة لمقايضة الحقوق الفلسطينيّة بالمال، مشدداً على أنّه لا يمكن لحماس أن تقوم بدور الانسلاخ عن غزة والكل الفلسطينيّ وتتخلى عن القدس وعن الضفة وعن الشعب الفلسطينيّ.
ورغم الضغوط على فصائل المقاومة الفلسطينيّة في غزة، لنزع سلاحها وقطع خطوط دعمها، بالتزامن مع موجة الخيانة في المنطقة، والتي كان آخرها تطبيع دولتيّ الإمارات والبحرين مع العدو الغاصب، لا ترى حماس التحرير إلا مع بنادق المجاهدين وطائرات الأبابيل، وصواريخ السجيل، وفي عيون كل شاب فلسطينيّ مرابط على الثغور، وفي من يعملون دائماً على تطوير أدوات المقاومة الفلسطينيّة، وفي عيون القيادة التي باتت ترى التحرير قريباً.
ومما ينبغي ذكره، أنّ محاولات تحويل قيادات حماس إلى “سماسرة” لم تنجح في السابق أبداً، لأنّهم أصحاب وطن وقضيّة، حيث أفشلوا كافة الظنون بأنّ الحصار الطويل والسنوات الصعبة ومحاولات تركيع الشعب الفلسطينيّ بإمكانها فرض معادلات جديدة وتقديم الأموال والمشاريع للتنازل عن الحقوق الفلسطينيّة.
كذلك، لم تنجح المساعدات الماليّة المقدمة لغزة، في فرض الشروط والإملاءات لتكبيل المقاومة ومنعها من الضغط على العدو، لأن ممارساته الإجراميّة تتطلب ذلك بشدّة، خاصة وأنّ المحتل الغاصب لا يفهم إلا لغة القوة.
ورغم أنّ بعض الجهات العربيّة والدوليّة المفضوحة لا تنفك عن محاولة القضاء على القضيّة الفلسطينيّة، وتحويل حق هذا الشعب المظلوم إلى “خسارة كُبرى” تقدم لهم على طبق من ذهب، كُرمى عيون المحتل الأرعن، إلا أنّ حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس” لم تقبل بأيّ عرض دوليّ أو إقليميّ يتناقض مع مبادئها، وقد أثبت الماضي أنّ الرشوات الماليّة التي قُدمت لحماس بمليارات الدولارات مقابل التنازل عن المقاومة وقضيّة القدس لم تغير في سياسة الحركة قيد أُنملة خاصة تجاه مقاومة العدو الصهيونيّ.
خلاصة القول، إنّ وقف إطلاق النار الطويل لا يمكن أن يكون محوراً لأيّ مفاوضات مع العدو الغاصب، بسبب القناعة التامة لحركة المقاومة الإسلاميّة بأنّ العدو الذي لا يكف عن قضم ونهب أراضي الفلسطينيين، وقتلهم ومحاصرتهم وتشريدهم واعتقالهم، لا يمكن في أيّ حال من الأحوال أن يكون “الحمل الوديع” الذي توقع معه هدن طويلة المدى.
المصدر / الوقت