التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

مقاطعة الرياض الهادفة وصمت أنقرة 

مضى أسبوعان منذ أن فرضت السعودية مقاطعة شاملة على البضائع تركية الصنع ، لكن المسؤولين في حكومة أردوغان رفضوا التعليق على هذا الامر.

لكن من الواضح الآن أن القضية ليست مجرد مقاطعة للبضائع في المتاجر ، حيث تسعى الرياض لخلق عقبات ومشاكل جديدة أمام الفاعلين الاقتصاديين الأتراك في مجالات السياحة وأنشطة المقاولين والشركات التركية.

وكان تعليق المقطورات التي تنقل البضائع التركية في الجمارك ، وعدم الاستعداد للتعاون مع المقاولين الأتراك والشركات الخاصة ، وإطلاق حملة مقاطعة للبضائع التركية ، من أبرز الإجراءات الاقتصادية التي اتخذها آل سعود ضد تركيا في الأيام الأخيرة.

تشير الدلائل الفعلية إلى أن أنقرة لا تسعى حاليًا إلى تصعيد التوترات وتفضل مراقبة الوضع عن بعد بينما المعارضة لا ترى ذلك.

أعلن حزب الشعب الجمهوري ، والذي يعد الحزب المعارض الرئيسي لحكومة أردوغان ، إن على الحكومة إعلان موقفها من العقوبات على السلع التركية ووضع حد لصمتها هذا.

نشر فايق أزتراك المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري صورة لمقاطعة البضائع التركية في السعودية وكتب: في عدة دول ، تم مقاطعة البضائع التركية ، لماذا يسكت القصر الرئاسي عن هذا التعليق مع انه يبدي رأيه على كل شيء؟

أمير في الظلام

على الرغم من انتهاء الحظر على البضائع التركية عمليًا باسم الأمير عبد الرحمن بن مساعد وفي الدرجة الثانية باسم عجلان العجلان رئيس غرفة التجارة السعودية ، لكن الجميع يعلم أن بن مساعد هو أحد الأمراء السعوديين الذين يأتمرون بأمر محمد بن سلمان ولي عهد الرياض والعجلان أيضا هو عبارة عن وكيل ، وان إجراءاتهم الاقتصادية هذه ضد تركيا تمت بناءً على طلب شخصي من محمد بن سلمان.

على الرغم من أن كلمة ولي العهد تُستخدم حاليًا في الأدبيات السياسية والإعلامية لمملكة آل سعود ، إلا أن الحقيقة هي أن الملك سلمان قد أزال منذ فترة طويلة خاتم المملكة من إصبعه المرتعش وكل شيء تحت سيطرة محمد.

محمد بن سلمان ، الذي خرج إلى حد ما من حرارة أفعاله الدرامية السابقة ، بعد أن اشتهر بأنه المخرج لفضيحة وحادثة القتل المروع لجمال خاشقجي ، لا يزال يفشل في إقناع رجب طيب أردوغان بالتزام خيار الصمت وعدم متابعته لقضية مقتل خاشقجي.

وعلى الرغم من أن الاحتجاجات والمتابعة المستمرة من قبل وزارة العدل التركية لم تغير من جوهر الأمر شيئ ، فإن الحقيقة هي أن أردوغان اتخذ خطوتين رئيسيتين في قضية اغتيال خاشقجي ، والتي لم تكن بأي حال من الأحوال متناسبة مع محمد بن سلمان:

1 – أكد أردوغان دائمًا منذ ذلك الحين حتى الان في أدبيات سياسية ومهذبة أن شخص الملك أو ، على حد تعبير رئيس تركيا ، “خادم الحرمين الشريفين” يعد هو المخاطب الرئيسي والأخ الأكبر ، ويطلب منه حل هذه العقدة بحكمة الملك.

2- ودون تسمية أو ذكر ولي العهد ، أكد أردوغان دائمًا أنه منذ أن وقعت جريمة مقتل خاشقجي على الأراضي التركية وفي مدينة اسطنبول ، سيكون ممتنًا لو تمكنت الرياض من تحديد الجاني الرئيسي لهذه الجريمة والتعرف على الجناة ، وتسليمهم أيضا إلى أنقرة.

لكن مواجهة محمد بن سلمان هي امر مختلف ، وبشكل تقريبي وسردي ، يمكن للمرء أن يخمن أن لهجة ومضمون رسالة أردوغان هو ان قضية خاشقجي أمر حدث وانتهى ، ويمكننا انهائها وعدم التوسع بها أكثر.

لكن حتى لو تم حل قضية الخاشقجي ، في علاقة الرياض وأنقرة ، لا يمكن التغاضي عن أهمية مثل هذا السؤال: هل المشكلة والاختلاف الوحيد بين السعودية وتركيا هو اغتيال خاشقجي؟

كلا ، فبدون شك أن القضية ليست مجرد قضية مقتل خاشقجي ، بل ان القضية في الأساس هي لامبالاة وتعكر وبُعد السعودية وتركيا ، حتى قبل أن تبدأ الجريمة المروعة التي وقعت في مبنى القنصلية.

الاختلافات الرئيسية بين تركيا والسعودية

ربما يكون التفسير الأنسب لوصف حالة العلاقات بين الرياض وأنقرة ، هو التنافس وتضارب المصالح ، ومع ذلك ، بما أن الدولتين الإسلاميتين انفصلا دائمًا عن بعضهما البعض في السنوات الثلاث الماضية واشتباكاتهما بشكل غير مباشر في عدة مجالات ، فإن تطوير مفاهيم مثل تضارب المصالح الإقليمية والتنافس الإقليمي لن يشير إلى حدة هذه المواجهات بين البلدين.

حيث انه منذ اليوم الذي جاء فيه محمد بن سلمان والأكاديميون من حوله بفكرة الارتقاء بمكانة المملكة العربية السعودية على الصعيدين الإقليمي والعالمي بناءً على وثيقة التطوير لعام 2030 ، ركزت أعينهم على نقطتين أساسيتين: الأولى ، تركيا ، والثانية ، قطر.

حيث كانت هاتان الدولتان الاقليميتان ، ضمن إيقاع التنمية الاقتصادية والحضور في الساحة الدبلوماسية الإقليمية والعالمية ، في وضع لم يكن فيه التفكير في مستقبلها الذهبي يطاق لمحمد بن سلمان.

لذلك ، وبالنظر إلى هاتين المسألتين الهامتين ، وأيضا بالنظر الى أهمية المملكة العربية السعودية باعتبارها الأخ الأكبر للعرب وقطب الدول الإسلامية ، فقد تم بذل جهد كبير لاستخدام هذه القضايا لتعزيز مكانة المملكة العربية السعودية:

1. الانقلاب في مصر والنور الخافت للإخوان المسلمين وصعود جنرال إلى السلطة مهتم بالعلاقات مع السعودية اسمه عبد الفتاح السيسي.

2. تحركات الإمارات العربية المتحدة في الخليج الفارسي والعالم وطاعة محمد بن زيد آل نهيان الكاملة لمحمد بن سلمان.

3. استخدام البحرين والأردن والمغرب في مناطق مختلفة من الخليج الفارسي وأفريقيا.

4. تعزيز الحركات المسلحة المتطرفة في سوريا والعراق واليمن وأجزاء من أفريقيا.

5. إثارة الخوف من إيران والترغيب باتجاه الولايات المتحدة الامريكية والكيان الإسرائيلي وتمهيد الطريق لتعزيز العلاقات بين الرياض وواشنطن في عهد دونالد ترامب ورقصة السيف في اليمامة.

لا يمكن أن يكون هناك أي سبب في أي من هذه البنود يممكن من تعزيز أو حتى الحفاظ على العلاقات التركية السعودية.

هل سيتضرر الاقتصاد التركي؟

تناور معظم وسائل الإعلام المناهضة لأردوغان بشأن هذه القضايا الثلاثة في الأيام الأخيرة:

1. لماذا تم إعلان الحداد العام لمدة 3 أيام في جميع أنحاء تركيا عندما توفي ملك المملكة العربية السعودية؟

2. لماذا احتفلتم باليوم الوطني السعودي في جميع المدن وحتى في المولات والمجمعات التجارية؟

3. لماذا تسكتون عن الحظر المفروض على البضائع التركية في السعودية؟

مع ظهور هذه الأسئلة في جميع الصحف المعارضة والفضاء الإلكتروني ، لا تزال حكومة أردوغان تميل إلى الصمت ، لكن لماذا ا؟ ربما لهذين السببين: أولاً ، يعتقد المسؤولون في فريق أردوغان الاقتصادي أن حملة حظر البضائع التركية في المملكة العربية السعودية لم تلق قبولًا جيدًا ولا يمكن أن تلحق أضرارًا كبيرة بأنقرة.

ثانيًا ، واجهت تركيا مشاكل كافية مع السعودية على الأرض ، في سوريا وليبيا وتونس وحالات أخرى ، ولا تريد تصعيد التوترات أكثر من ذلك ، وعليها البحث عن الفرص والظروف لإنهاء التنافس الحالي بين الجانبين ، وان تكون قادرة على التفاوض مع الرياض في أجواء جديدة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق