التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

قطر تدخل على الخط الساخن لشراء مقاتلات F-35 ..هل تفلح في مساعيها؟ 

في الوقت الذي لا يزال الخلاف حول مشروع بيع أحدث طائرة مقاتلة من طراز F-35 إلى الإمارات، بين أمريكا وحليفها الرئيس في المنطقة، الكيان الصهيوني، قائماً ولم يصل بعد إلى نتيجة مؤكدة، فإن دخول مدّعٍ آخر “قطر” على هذا الخط ، هو موضوع جديد نقلته وكالة رويترز عن عدة مصادر مطلعة، ووفق رويترز، رفضت السفارة القطرية في واشنطن التعليق حول هذا الأمر، كما أرجأت وزارة الخارجية الأمريكية أي تأكيد أو تفسير لهذا الأمر الى أن يتم الإعلان عنه رسمياً من قبل الكونغرس.

وفي الوقت الراهن، إذا صحت هذه الأنباء وحقيقة وجود تحركات من قطر لشراء الجيل الخامس من مقاتلات F-35 من أمريكا فإن موضوع تزامن توقيت مساعي القطبين المتصارعين في دول مجلس التعاون الخليجي والتطورات في الشرق الأوسط للحصول على هذه التكنولوجيا العسكرية وأهدافها وعواقبها سيكون مهماً للغاية.

أهداف قطر

لطالما كان الوصول الى التكنولوجيا العسكرية المتفوقة أحد غايات وأهداف الجهات الفاعلة في المناطق التي تواجه أزمات أمنية؛ وفي الواقع، كان نظام الأمن في المنطقة، أحد العوامل الرئيسة في الرغبة أو عدم الرغبة في التنافس من أجل الأسلحة بين الدول.

وفي هذا الصدد، تعرضت الدول الخليجية، التي كانت دائماً واحدة من أكبر أسواق مبيعات الأسلحة في العالم في العقود الأخيرة، لأزمة داخل دول مجلس التعاون الخليجي في السنوات الأخيرة، فضلاً عن الحرب اليمنية والتوترات الأمريكية الإيرانية المتزايدة في مياه الخليج، ما أدى الى تصدر هذه الدول لأكبر مشترٍ للأسلحة العسكرية.

في هذا الصدد، يُظهر بحث أجراه معهد ستوكهولم للسلام (CIPRI) أن السعودية والإمارات كانتا أكبر مشترٍ للأسلحة من أمريكا، ووفقاً للمعهد، كانت السعودية والإمارات من بين أكبر 10 مشترين للأسلحة في عام 2018.

ويرجع ذلك بالتأكيد إلى الخلافات الأيديولوجية والجيوسياسية العديدة بين الدوحة مع السعودية والإمارات كمحور آخر لمجلس التعاون الخليجي، وخاصة بعد عام 2017، عندما فرض البَلَدان، إلى جانب البحرين ومصر، عقوبات شاملة ضد قطر، بل إن التسريبات كشفت عن وجود مؤامرة لتنفيذ عمل عسكري من قبل الدول المحاصرة ضد قطر، الأمر الذي لا يمكن التساهل معه من قبل القادة القطريين.

في هذا الصدد، يمكن الإشارة الى بدء المحادثات الاستراتيجية بين قطر وأمريكا في عام 2018، وكذلك اتفاقية الدوحة العسكرية والأمنية مع أنقرة وافتتاح قاعدة عسكرية تركية على الأراضي التركية عام 2019، ما يدل على جهود قطر لتأمين نفسها ضد التهديدات المحتملة.

لقد كانت التطورات في العالم العربي في عام 2011، والمعروفة باسم “الربيع العربي”، بالتأكيد نقطة تحول في اشتداد المنافسة والاختلافات بين الدول المطلة على مياه الخليج، وبينما لعبت قطر دوراً في دعم الحركات الثورية والإصلاحية، وخاصة جماعة الإخوان، بذراعها الإعلامي القوي ومواردها المالية الهائلة، من أجل تعزيز مكانتها في المعادلة الإقليمية ، قادت الإمارات في ذلك التوقيت أيضًا تيار المواجهة مع الإسلاموية ، لتصبح بذلك قوة مهيمنة إقليمية تبسط نفوذها في المنطقة من خليج السعودية إلى شواطئ البحر الأحمر والقرن الإفريقي.

يمكن رؤية دور هذه المنافسة في الإنفاق العسكري لهذه البلدان، فعلى الرغم من أن المستوى الحالي للإنفاق العسكري القطري غير واضح، تشير البيانات العامة إلى زيادة في عدد وحجم صفقات الأسلحة مع البائعين الأجانب، حيث تدل السنوات الخمس الماضية، إلى تزايد الإنفاق العسكري القطري بشكل حاد.

تقدر القيمة الإجمالية للعقود الموقعة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بما لا يقل عن 1.5 مليار دولار، لكن قيمة العقود الموقعة في 2014-2018 كانت 50 مليار دولار على الأقل، وقد تم فصل هذه النفقات عن النفقات الجارية للجيش مثل رواتب العسكريين وما إلى ذلك.

بين عامي 2014 و 2018، زادت واردات قطر من الأسلحة بنسبة 225٪، وكانت أمريكا أكبر مورد للأسلحة لقطر، تليها ألمانيا، وكانت الجهود المبذولة لتعزيز القوة الجوية خلال هذه الفترة جزءاً مهماً من مشتريات الأسلحة القطرية، بما في ذلك طلبات شراء 36 طائرة مقاتلة من طراز F-15QA من أمريكا، و 24 طائرة مقاتلة من طراز تايفون من بريطانيا، و 36 طائرة مقاتلة من طراز رافال من فرنسا مزودة بصواريخ كروز وأسلحة توجيه أخرى، وتشمل المشتريات الرئيسة الأخرى 4 فرقاطات من إيطاليا و 490 مركبة مدرعة من فرنسا و 641 مركبة مصفحة من تركيا.

من ناحية أخرى، كان آخر تقدير للإنفاق العسكري لدولة الإمارات هو 22.8 مليار دولار أمريكي في عام 2014 ، وهو رقم مذهل بنسبة 5.6 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وفي عام 2014، أصبحت الإمارات ثاني أكبر مشتر للأسلحة العسكرية في الشرق الأوسط، وكانت الزيادة في الإنفاق العسكري عالية بشكل خاص بين عامي 2006 و 2014 (136 ٪).

في بُعد آخر من التحليل، كانت قطر قلقة في السنوات الأخيرة بشأن الجهود التي تبذلها الإمارات أو السعودية لنقل قاعدة العديد الجوية، ونشأت هذه التكهنات في أكتوبر 2019، عندما ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن البنتاغون يخطط لنقل يوم كامل من المراقبة وثماني ساعات في اليوم من الإشراف على قاعدة العديد، إلى قاعدة في فلوريدا في المستقبل عن بعد.

ويقال إن القيادة المركزية الأمريكية في اليوم الواحد، تراقب عمليات 300 طائرة حربية أمريكية في سوريا والعراق وأفغانستان، وهنالك نحو11000 جندي أمريكي يتمركزون في هذه القاعدة. وأعلنت قطر العام الماضي أنها خصصت 1.8 مليار دولار لتطوير القاعدة لإرضاء البيت الأبيض وترامب. وبهذا المعنى ، فإن طلب شراء مقاتلات F-35 بعد أن أعلن ترامب عن استعداده لبيع المقاتلات إلى الإمارات، قد يكون محاولة من الدوحة للحفاظ على التوازن مع منافستها الإقليمية في العلاقات الأمريكية.

العقبات الراهنة

على الرغم من أن اقتراح واشنطن بجعل قطر حليفتها من خارج الناتو، فإن الحقيقة هي أن هناك مجموعة واسعة من الاختلافات بين الدوحة وواشنطن من شأنها أن تشكل العديد من التحديات أمام بيع طائرة F-35 لقطر.

التحدي الأول هو معارضة إسرائيل لبيع المقاتلات، ليس فقط لقطر، بل حتى للإمارات، ووفقاً للنهج التقليدي للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة، يلتزم البيت الأبيض بضمان التفوق العسكري الاستراتيجي لإسرائيل في المنطقة، وقد أدى ذلك إلى انتقادات من المسؤولين الإسرائيليين حول إعلان ترامب عن استعداده لبيع مقاتلات F-35 للإمارات.

ويصبح هذا التحدي أكبر لقطر عندما ترى إسرائيل أن قطر أحد الداعمين الرئيسيين لعدوها الرئيس في الأراضي المحتلة ، أي حماس ، وحتى إن ضغوط البيت الأبيض على قطر من أجل التطبيع مع إسرائيل لم تجد نفعاً، وكان الخلاف الأمريكي الكبير الآخر العام الماضي هو إدراج جماعة الإخوان المسلمين ، التي تدعمها قطر، على قائمة الجماعات الإرهابية.

أما العلاقات مع إيران هي قضية رئيسة أخرى بين الجانبين. لطالما أكدت قطر وطهران على استمرار العلاقات الودية من خلال الشراكة الاقتصادية والتعاون في القضايا الإقليمية، وخاصة في السنوات الماضية، بعد بداية الأزمة في مجلس التعاون، وفي غضون ذلك، سعت واشنطن إلى ضم الدوحة للعقوبات المفروضة على طهران.

وفي ظل هذه الظروف، وبالنظر إلى أن الدوحة تدرك جيداً هذه العقبات التي تحول دون شراء مقاتلات F-35 ، يمكن اقتراح سيناريوهين لتقديم طلب رسمي لشراء هذه المقاتلات. السيناريو الأول هو سياسة قطر لمنع الإمارات من الوصول إلى F-35. فعلى عكس تركيا وقطر، الإمارات ليست عضواً في الناتو ولا حليفاً من خارج الناتو لأمريكا.

وهذا في حدّ ذاته يضع البيت الأبيض في مأزق يتمثل في أن بيع طائرة F-35 للإمارات باعتبارها محورا مهماً في المنطقة ضد الإخوان المسلمين، سيثير رد فعل من هؤلاء الحلفاء. ومن ناحية أخرى، فإن شراء الإمارات لمقاتلات F-35، ومطالبات قطر لشرائها، يقود السعودية بطبيعة الحال على الرغم من علاقاتها الوثيقة مع أبو ظبي، في هذا الاتجاه ايضاً، الأمر الذي سيكون خارج نطاق تحمل إسرائيل.

أما السيناريو الآخر، يكمن في تمهيد الطريق لقطر لشراء هذه المقاتلات من روسيا، فبعد أشهر فقط من إعلان الحصار المدعوم من البيت الأبيض لقطر، وقعت الدوحة صفقة عسكرية بقيمة 11 مليار دولار مع روسيا لتحذير أمريكا للحفاظ على التوازن.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق