مجلة فرنسية: ولي العهد السعودي و الإمارات يعملان لصالح ترامب
وكالات ـ الرأي ـ
نشرت مجلة “لوبوان” الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن ولي العهد محمد بن سلمان ودولة الإمارات اللذين يعملان على تعزيز القرب من الرئيس الجمهوري دونالد ترامب.
وقالت المجلة، في تقريرها ، إن المملكة السعودية كانت الوجهة الأولى التي اختارها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أول رحلة رئاسية له إلى الخارج وذلك في 20 أيار/مايو 2017.
في ذلك الوقت شارك ترامب في قمة ضد التطرف الإسلامي في الرياض. وأمام عدد من رؤساء الدول الإسلامية، تهجم على إيران التي اتهمها بـ “دعم الإرهاب”.
وبينت المجلة أنه في ذلك الوقت، كان يقف إلى جانب ترامب الملك سلمان ونجله، ولي العهد محمد بن سلمان.
وبعد التقدير الذي حظيت به من قبل الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما والذي أثار استياء الرياض، فإن علاقات الجمهورية الإسلامية، العدو والمنافس الإقليمي للمملكة الوهابية، مع الولايات المتحدة استعادت طابعها العدائي.
ومن جانبها، عبرت السعودية عن امتنانها لترامب من خلال إبرام عقود بين الرياض وواشنطن بقيمة 380 مليار دولار، منها حوالي 110 مليارات مخصصة فقط لقطاع الأسلحة.
وأضافت المجلة أنه بحسب جوزيف ويستفال، سفير الولايات المتحدة لدى المملكة السعودية من 2014 إلى 2017، خلال فترة حكم الديمقراطي باراك أوباما، فإن “العلاقة بين دونالد ترامب والمملكة العربية السعودية كانت مدفوعة بشكل أساسي بالفرص الاقتصادية، مع أن العلاقات بين البلدين كانت أكثر شمولا في السابق”.
ووفقا للدراسة التي أجراها المحلل السابق بروس ريدل، من وكالة المخابرات المركزية، والمتخصص في شؤون المملكة السعودية في معهد بروكينغز “تجاهل الرئيس الأمريكي كل ما يجري داخل البلاد وفشل في محاسبة القيادة السعودية.
وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على قمة الرياض، لم تتحقق الوعود التي أعلن عنها دونالد ترامب، حيث تبين أن العديد من العقود ليست سوى خطابات نوايا”.
قضية خاشقجي
في المقابل، ثبت أن دعم الرئيس الأمريكي لحليفه الخليجي كان غير مشروط، رغم كل التجاوزات. فبعد اتهام الرياض من قبل وكالة المخابرات المركزية بإصدارها أمر قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر 2018 في القنصلية السعودية بإسطنبول، تمكن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من الاستفادة من حماية الرئيس الأمريكي، الذي رفض دائما توجيه أصابع الاتهام إليه.
وأوردت المجلة أن التقارب بين البلدين يتجلى أيضا في استعمال دونالد ترامب حق النقض (الفيتو) الرئاسي ثلاث مرات على قرارات الكونغرس التي تمنع مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية بسبب تورط المملكة في الصراع الدموي الذي يجتاح اليمن والذي تسبب في مقتل أكثر من 100 ألف شخص.
في الأثناء، أثار هذا الدعم غير المشروط ضجة في واشنطن، حيث تخطى مسألة الانقسام التقليدي بين الديمقراطيين والجمهوريين وأضعف التحالف الذي دام لمدة 75 سنة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
على ضوء ذلك، أشار المحلل السياسي علي الشهابي، إلى أن “المشكلة تكمن في أن التقارب بين دونالد ترامب والسعودية استُخدم كسلاح سياسي من قبل أعداء الرئيس الأمريكي في واشنطن”.
القيم الديمقراطية
أوضحت المجلة أنه في حال تحقيق الفوز مساء الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر، قد يتعين على جو بايدن تقديم بعض التنازلات، وهو ما تفرضه الواقعية السياسية.
في هذا الصدد، قال السفير الأمريكي السابق جوزيف ويستفال إنه: “إذا وقع انتخاب جو بايدن، فستكون علاقته مع السعودية مباشرة أكثر وعدائية أكثر”.
وستكون الخطابات الموجهة لمحمد بن سلمان أشد قسوة، من أجل ضمان احترام المملكة للأولويات الأمريكية، أي القيادة والقيم الديمقراطية. لكن هذا لا يعني أننا سنقطع علاقاتنا مع المملكة العربية السعودية، الدولة التي تظل مهمة للغاية بالنسبة للولايات المتحدة”.
وأضافت المجلة أن الولايات المتحدة لم تعد بحاجة إلى الذهب الأسود السعودي، حتى لو حافظت المملكة العربية السعودية، كأول دولة في أوبك، على دور رئيسي فيما يتعلق بتذبذب أسعار البرميل.
في هذا الصدد، توضح كاميل لونز، الباحثة المشاركة في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في البحرين: “يظل الخليج(الفارسي) مهما بالنسبة للولايات المتحدة، لأنها منطقة التي سيكون لأمنها تداعيات على تدفقات الطاقة والاقتصاد العالمي”.
الانسحاب الأمريكي
في أيلول/سبتمبر 2019، امتنع الرئيس الأمريكي عن الرد عسكريا على الهجوم، الذي حمّل طهران مسؤوليته، والذي استهدف مجمع النفط السعودي، وهو ما أثار دهشة دول الخليج(الفارسي).
وتؤكد الباحثة كاميل لونز أن “غياب التفاعل الأمريكي مع الحادثة أثار قلق البلدان الخليجية العربية، خاصة وأن دونالد ترامب أوهمها بدعمها في الملف الإيراني”.
جاءت هذه الحادثة في الواقع لتأكيد الانسحاب التدريجي للولايات المتحدة من المنطقة لصالح آسيا، والذي بدأ بالفعل في عهد باراك أوباما.
ويؤكد علي الشهابي أن “محمد بن سلمان فهم منذ اليوم الأول الذي أصبح فيه وزيرا للدفاع، في سنة 2015، أن السعودية لم يعد بإمكانها الاعتماد على الولايات المتحدة كما كانت من قبل”.
وأوردت المجلة أنه بعد عقده العزم على إنهاء “الحروب التي لا نهاية لها” في الشرق الأوسط، بدأ دونالد ترامب بالفعل في تقليص عدد جنوده في بلدان أخرى في الشرق الأوسط، خاصة في سوريا والعراق وأفغانستان.
وعلى ضوء ذلك، توقع الدبلوماسي السابق دينيس بوشار، وهو أيضا المستشار الخاص للشرق الأوسط بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية أن “سياسة الانسحاب الأمريكي من المنطقة ستستمر، بغض النظر عن هوية الرئيس الأمريكي المستقبلي”.
التوجه نحو الصين
أوضحت المجلة أنه إدراكا منها للانسحاب الأمريكي الحتمي على المدى الطويل، بدأت المملكة العربية السعودية بالفعل في تنويع شراكاتها وأصبحت أقرب إلى الصين اقتصاديا سواء في مجال بيع النفط والتعاون في الأبحاث النووية؛ وكذلك من الناحية العسكرية، فيما يتعلق بالصواريخ الباليستية.
في هذا السياق، يحذر علي الشهابي من أن “المملكة العربية السعودية تتجه شرقا، فقد أصبحت الصين أول عميل نفطي لها وأي تصرف سلبي من قبل الكونغرس الأمريكي في المستقبل قد يسرع من هذا التطور”، حتى لو لم تبد بكين قادرة اليوم على منافسة واشنطن على المستوى الأمني.
وأشارت الصحيفة إلى أن أبو ظبي، التي تجمعها أيضا علاقة وثيقة مع ترامب، يمكن أن تتأثر أيضا من فوز الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات المقبلة.
وبحسب أحد المراقبين المقربين من الإمارات العربية المتحدة في واشنطن، “ستكون هناك خلافات حول كيفية تعامل الولايات المتحدة مع الخليج(الفارسي)، خاصة إذا فاز الديمقراطيون في مجلس الشيوخ”.
وبالتالي، سيتعين على جو بايدن التغلب على هذه الصعوبات التي قد تعقّد مسألة مبيعات الأسلحة إلى أبو ظبي، لكن البلدين ما زالا متفقين حول عدد من النقاط ولا يمكن لهذه العلاقة أن تتزعزع.
الاتفاقية مع إسرائيل
ذكرت المجلة أنه على الرغم من أن محمد بن زايد ومحمد بن سلمان يعتمدان السياسة الخارجية الهجومية ذاتها ضد إيران وقطر وتركيا، إلا أن ولي العهد الإماراتي يتميز عنه بعمليته.
فمثلما انتقد في واشنطن نظيره السعودي لتورطه في الفشل الذريع في اليمن، قرر ولي عهد أبو ظبي الانسحاب من هذه الحرب في تموز/يوليو 2019. كما كانت الإمارات مؤيدا متحمسا لسياسة الضغط الأقصى ضد إيران.
وفي الختام، أبرزت الصحيفة أن الخطوة الأبرز لمحمد بن زايد من أجل ضمان الدعم الدائم من قبل واشنطن تتمثل في اتفاقيات التطبيع المسماة “أبراهام”، والتي وقع عليها في أيلول/سبتمبر في البيت الأبيض والتي تضفي الطابع الرسمي على تطبيع العلاقات بين الإمارات والاحتلال.
في هذا الصدد، يقول علي الشهابي إن: “هذه الاتفاقيات ليست مسألة تعاون إقليمي، بل هي موجهة بشكل أساسي نحو واشنطن، حيث تمتلك إسرائيل نفوذا كبيرا”.انتهى
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق