سياسية “فرّق تسُد” الإسرائيليّة مستمرة.. هل ستقع الفصائل الفلسطينيّة في شِباكها؟
باعتبار أنّ الرابح الوحيد من فشل المصالحة بين الأطراف الفلسطينيّة هو الكيان الصهيونيّ، الذي يحاول استغلال أيّ فرصة لتعميق الخلاف وبثّ الفرقة بين الفلسطينيين، والتي كان آخرها ما كشفه قائد جهاز الأمن العّام الأسبق “الشاباك”، عامي أيالون، في كتابه “نيران صديقة”، حول أنّه خلال الفترة الواقعة بين عامي 1996 و 1999 حتى اقتحام رئيس وزراء العدو وقتها، “أرئيل شارون” للمسجد الأقصى المُبارك، انخفض بشكلٍ كبير عدد الإسرائيليين الذين قُتِلوا جرّاء عمليات فلسطينيّة من طرفيّ “الخّط الأخضر” أي الخط الفاصل بين الأراضي المحتلة عام 1948 والأراضي المحتلة عام 1967، موضحاً أنّ جهاز الأمن الوقائيّ في غزّة والضفّة الغربيّة، ساهم باعتقال من وصفهم “إرهابيون فلسطينيون” من حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس”، أكثر من الذين اعتقلهم كيان احتلاله.
لا يخفى على أحد أنّ سرطان الكيان الصهيونيّ يحافظ على استمراريّته من خلال سياسة “فرّق تسُد”، على المستويين العربيّ والفلسطينيّ، وإنّ ما أشار إليه السياسيّ الصهيونيّ، الذي يصف العرب بالأعداء حول أنّ التعاون الأمنيّ بين الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة مع نظيرتها التابِعة للسلطة الفلسطينيّة، أدى إلى انخفاض عدد العمليات ضد الإسرائيليين، وأنّ جهاز الأمن الوقائيّ في غزّة والضفّة الغربيّة، ساهم باعتقال من وصفهم “إرهابيون فلسطينيون” من حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس”، أكثر من الذين اعتقلهم كيان احتلاله، لا يعدو كونه “صب زيت على النار” في هذا التوقيت الحساس، الذي يعاني فيه الفلسطينيون من المشاريع العدوانيّة للاحتلال، إضافة إلى ارتفاع حدة الخيانة العربيّة عبر التطبيع واتفاقات العار.
كذلك، بيّن السياسيّ والكاتب الصهيونيّ، الذي شارك شخصياً بتنفيذ اغتيالات قادةٍ فلسطينيين في جميع أنحاء الوطن العربيّ، بينهم الشهيد خليل الوزير “أبو جهاد”، الذي كان الرجل الثاني في حركة “فتح” وأحد مؤسسيها مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، وتولّى منصب نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينيّة، بيّن أنّ ما تسمى “اتفاقيات السلام” تفتح الطريق أمام “عمليّة السلام” وفق زعمه.
وحول هذا الموضوع، أكّد قائد جهاز الأمن العّام الأسبق “الشاباك”، أنّه حتى لو توصلّ الكيان الإسرائيلي إلى “اتفاقيات سلامٍ” مع جميع الدول العربيّة والإسلاميّة على حدِّ سواء، فلن تجدي نفعاً في حال لم يصِل العدو الغاصب لاتفاقٍ مع الفلسطينيين، لأنّه لن يكون هناك “كيان يهوديّ آمن”، وفق تعبيره.
وفي هذا الخصوص، تحدث المسؤول الصهيونيّ عن أهمية اتفاقات الخيانة وإرغام بعض الدول العربيّة على دخول حظيرة التطبيع الأمريكيّة، ودورها في تقوية اقتصاد الكيان الإسرائيليّ، وفي الوقت الذي اعتبر فيه أنّ الاتفاق الإسرائيليّ-الإماراتيّ هو إنجاز سياسيّ مُهّم، أوضح أنّ العدو الصهيونيّ لم يكُن في حالة حربٍ مع الدولة الخليجيّة، متحدثاً عن الاختلاف الجوهريّ بين تلك الاتفاقات والأخرى التي وقّعت مع مصر والأردن، بأنّ كلّ مقارنةٍ بينهما تهدِف إلى تحقيق مصالح سياسيّة داخليّة في تل أبيب.
ومن الجدير بالذكر، أنّ الكاتب عامي أيالون، صاحب الماضي الأمنيّ المُلطّخ بالدّماء الفلسطينيّة، تبوّأ مناصب عديدةٍ خلال مسيرته العسكريّة من قيادة وحدة النخبة “شاييطت13” ، و “الكوماندوز البحريّ” ، وفي العام 1996 انتقل من قيادة سلاح البحريّة التابع للعدو، وهو برتبة جنرال، إلى قيادة جهاز الأمن العام “الشاباك”، بموجب طلبٍ من رئيس وزراء العدو في تلك الفترة، شيمعون بيريس، حيثُ “قتل من حماس أكثر ممّا قتلت منهم”، دون هوادةٍ وبدعمٍ وتنسيقٍ كاملين ووثيقين مع الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة، وفق ادعائه.
وبعد انتهاء خدمته في جهاز الأمن العّام “الشاباك، في نيسان عام 2000، انخرط في السياسة وانضمّ لحزب “العمل” الصهيونيّ، وانُتُخِب لعضوية مجلس النواب “الكنيست”، كما تمّ تعيينه وزيراً بلا حقيبة، حيثُ تحوّل لمدعي سلام فاشل مغمس بدماء الفلسطينيين.
في الختام، كلما تمكن العدو الصهيونيّ من شق الصف الداخليّ للفلسطينيين وتفريق الفصائل الفلسطينية، كلما نجح في إضعاف القضية الفلسطينيّة وتقليص مدة وتكاليف خططه لتنفيذ تلك المحاولات، والحل الأمثل اليوم هو أن تتحرك الفصائل الفلسطينية بسرعة وجديّة نحو الوحدة والتضامن وتشكيل جبهة موحدة، لإفشال مشاريع المحتل الغاشم، بالتزامن مع اتفاقات العار في المنطقة.
المصدر/ الوقت