التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

قانون جديد للأراضي… نفخٌ في نيران أزمة كشمير 

واجهت كشمير الهندية، بالأمس، أكبر إضراب عام فيها، منذ أن فقدت وضعها شبه المستقل العام الماضي.

وجاء هذا الإضراب نتيجة غضب السکان الأصليين من قرار حكومة “ناريندرا مودي” القومية الجديدة بشأن إدارة المنطقة، وبموجب ذلك سيُسمح للسكان غير الأصليين بشراء الأراضي في كشمير بعد عدة عقود من الحظر.

في أغسطس 2019، عدلت حكومة دلهي الدستور لإلغاء الوضع الخاص للإقليم، وتقسيمه إلى إقليمين اتحاديين – لاداخ وجامو كشمير -، ووضعها تحت الحكم المباشر للحكومة الفيدرالية.

وحتى العام الماضي، لم يُسمح للهنود بشراء عقارات في هذه المنطقة، لكن القوانين الجديدة ألغت الامتيازات المحلية والموروثة في شراء الأراضي وامتلاك الوظائف. وقد أدى ذلك إلى احتجاجات شعبية واسعة النطاق وقمع شديد وانقطاع الإنترنت لعدة أشهر.

هذا الأسبوع أيضاً أعلنت نيودلهي إلغاء القوانين التي تسمح فقط لـ 12 مليون مقيم دائم في كشمير الهندية بامتلاك أراضٍ هناك. كما ألغت التوجيهات الجديدة قوانين الإصلاح الزراعي في الخمسينيات من القرن الماضي، والتي كانت توزع مساحات كبيرة من الأراضي على المزارعين المعدمين.

وبموجب القواعد الجديدة، على الرغم من أن الأراضي الزراعية لا يمكن بيعها أو استخدامها لأغراض غير زراعية، إلا أنه يمكن القيام بذلك بإذن مسبق من الحكومة، وخاصةً حاكم المنطقة.

ولكن بعد أيام قليلة من هذه الأوامر، قامت الحكومة بنقل 24 ألف قطعة أرض للقطاعين الصناعي والتجاري لما يسمى بالأغراض الاستثمارية، بينما بعد موافقة وزارة الغابات، تم منح هذه الأراضي لشركات خاصة لبناء 65 منزلًا كبيرًا.

بعد هذا الإجراء، أضربت المتاجر والشركات إضراباً عاماً يوم السبت، بعد الدعوة لتشكيل ائتلاف من الجماعات السياسية والدينية. كما أن وسائل النقل العام باتت مشلولةً.

بدورها تقوم قوات الأمن الهندية بدوريات في الشوارع شبه الخالية. ويتمركز أكثر من 500 ألف جندي هندي في كشمير، في إشارة إلى قرار الحكومة القاضي بالتعامل مع المعارضة وإمكانية حدوث تمرد في الأيام المقبلة.

يتهم العديد من الكشميريين الحكومة بمحاولة تغيير السكان المحليين في المنطقة الهندية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة. حتى إن الجماعات الكشميرية الموالية للحكومة قد عارضت هذه التغييرات.

القواعد الجديدة هذه هي جزء من مجموعة السياسات القومية الهندوسية الصارمة لـ “ناريندرا مودي”، والتي تسمح أيضًا للجيش الهندي بإعلان واحتلال أي منطقة يراها ضروريةً للأغراض العملياتية والتدريبية “الاستراتيجية”.

وفي هذا السياق، قال “عمر عبد الله” الوزير البارز السابق في هذه المنطقة، والذي اعتقل خلال احتجاجات العام الماضي، إن كشمير “معروضة للبيع وحُرمت من أي دعم أساسي”. وأکد أن “هذه الإصلاحات قد زادت من الخوف من التغييرات الديموغرافية. إنهم يريدون تغيير هوية كشمير”.

کذلك، قالت جمعية الحريات التي يقودها رجل الدين الإسلامي البارز “عمر فاروق” في بيان، إن الإضرابات العامة كانت استجابةً مناسبةً للمركز و”رفضًا صريحًا” لجميع الإجراءات “المعادية للشعب” التي اتخذتها نيودلهي منذ أغسطس من العام الماضي.

وتقول مصادر مقربة من هذه الجمعية، إن أعضاء وزعماء الجماعة اعتقلوا وعذبوا بسبب الدعم الواسع للدعوة للإضراب.

يخضع ” مرويز عمر فاروق” للإقامة الجبرية منذ الخامس من آب من العام الماضي، لكن المقربين منه “عبد الغني بهات وبلال غني لون ومسرور عباس أنصاري”، أصدروا يوم الأربعاء المنصرم بياناً مشتركاً يدين “الأوامر المعادية للشعب” التي أصدرتها الحكومة، بهدف ترهيب الناس وتعذيبهم نفسياً.

يرى الكشميريون والجماعات السياسية المعارضة لدلهي، أن الإجراءات الحكومية الأخيرة تمهد الطريق لمشروع استعماري لإعادة توطين المهاجرين، من أجل تغيير التركيبة السكانية في المنطقة وتقليل الأغلبية المسلمة بمرور الوقت. الأمر الذي يمكن أن نری مثالاً آخراً له في الضفة الغربية أو التبت أو تصرفات تركيا في شمال سوريا.

تأثر الوضع في كشمير بالتنافسات الإقليمية

تحاول باكستان دائمًا منع هذه المنطقة من الاندماج في الهند، من خلال تدويل قضية جامو وكشمير.

وفي هذا الصدد، أثيرت قضية كشمير لأول مرة في مجلس الأمن الدولي في يناير 1948، لكن هذه القضية كانت في حالة ركود في مجلس الأمن منذ عام 1965، وحتى الخلاف بين باكستان والهند في أعقاب حرب عام 1971 في مجلس الأمن، كان أكثر تركيزًا على باكستان الشرقية وليس كشمير.

ومنذ عام 2010، تم حذف قضية جامو وكشمير من قائمة الأمم المتحدة للنزاعات التي لم يتم حلها، وهو ما يمثل انتكاسةً كبيرةً للدبلوماسية الباكستانية.

وعندما قررت الحكومة الهندية إلغاء المادة 370 من الدستور والحكم الذاتي لجامو وكشمير في أغسطس 2019، كثفت باكستان مرةً أخرى جهودها من خلال الصين لإدانة تصرفات نيودلهي في مجلس الأمن، الأمر الذي عارضه أعضاء آخرون، الذين يرون أن قضية كشمير قضية ثنائية بين الهند وباكستان.

وفي هذا الصدد، اضطرت بكين حتى إلى استخدام حق النقض (الفيتو)، لوضع القضية على جدول أعمال مجلس الأمن.

أصبحت بكين حليفًا مهمًا واستراتيجيًا لإسلام أباد في السنوات الأخيرة، وتورَّطت في نزاعات حدودية مع الهند في الأشهر الأخيرة. في غضون ذلك، سعت الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى، التي تهتمّ بتعزيز الهند لوقف صعود الصين وقوتها المتنامية، إلى غض الطرف عن إجراءات حكومة نيودلهي المثيرة للأزمات في منطقة كشمير.

وهذه التطورات قد أدت بشكل جماعي إلى ازدياد ثقة حكومة مودي اليمينية بنفسها، واتباع سياسة التغيير الجاد في جامو وكشمير.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق