التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

تعزيز خفر السواحل… رؤية أنصار الله الاستراتيجية للساحل الغربي 

أفادت وسائل إعلام يمنية، يوم السبت المنصرم، أن وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ الوطني قد عززت خفر السواحل، بإصلاح الزوارق الدورية لتوسيع مهامها لحماية الموانئ التجارية وأمن السفن والدفاع عن مصالح اليمن الحيوية في المياه، وسط استمرار الحرب والحصار. يمكن دراسة أهمية هذا الإجراء من نواحٍ مختلفة.

أهمية الساحل الغربي في الحرب

إحدى النقاط فائقة الإستراتيجية في حرب أنصار الله مع قوات التحالف ومرتزقتها الداخليين، كانت الساحل الغربي لليمن.

هذا الساحل الذي يضم تهامة والمخا وذباب(محافظة تعز) وجزء من لحج، يبدأ من منطقة ذباب على شاطئ مضيق “باب المندب” ويستمر حتى ميناء “ميدي” في محافظة “حجة”.

کما يقع الساحل الغربي على طول البحر الأحمر، وعلى الرغم من الموانئ المهمة مثل الحديدة والمخا، إلا أنه الطريق الرئيسي لإرسال المساعدات الإنسانية لليمن، الذي يواجه العديد من المشاكل بسبب الحصار وسوء الوضع الاقتصادي.

من ناحية أخرى، تعتقد حكومة منصور هادي المستقيلة ومسؤولوها العسكريون أن أنصار الله يستوردون شحنات أسلحة أجنبية عبر المناطق الساحلية الخاضعة لسيطرتهم في البحر الأحمر.

ومن ناحية ثالثة، فإن أي قوة تسيطر على الساحل الغربي فهي قادرة على الهيمنة على مضيق باب المندب الاستراتيجي وجزر يمنية مهمة مثل “بريم” في هذه المنطقة، خاصةً وأن السعوديين ينقلون جزءًا كبيرًا من صادراتهم النفطية عبر هذا المضيق.

وكانت أهمية الوصول إلى هذه المنطقة، أحد الأهداف الرئيسية لوجود الإمارات في الحرب. ونقل موقع “العربي الجديد” الإخباري عن مصادر خاصة في الحكومة المستقيلة على الساحل الغربي لليمن، قولها إن أبوظبي تريد أن تجعل السواحل الغربية والشرقية لليمن من أكبر مناطق النفوذ والتواجد خارج الإمارات.

وفي هذا الصدد، أنشأت الإمارات ثكنات وقواعد عسكرية، بما في ذلك في جزيرة “ميون” وميناء “المخا”، بحيث سيطرت بالكامل على الساحل الغربي من الحديدة حتى حدود مدينة “عدن”، کما أن وجود ونفوذ الحكومة المستقيلة في هذه المنطقة قد انتهت.

وتقول مصادر يمنية إن أبوظبي أبعدت الحكومة المستقيلة من الساحل الغربي ومناطقه وموانئه، بمساعدة أسرة الرئيس السابق “علي عبد الله صالح”. وبهذه الطريقة دعمت 9 وحدات مسلحة تحت قيادة العميد “طارق محمد عبد الله صالح” بشكل كامل تمويلاً وتدريباً.

حتى عملية الحديدة عام 2018، التي نُفذت للسيطرة على ميناء الحديدة، أطلقتها القيادة الإماراتية في الساحل الغربي باستخدام ثلاثة تيارات(ميليشيات طارق صالح، القوات الجنوبية والمحلية)، ولکن أنصار الله هزمتها بفتح عدة جبهات على طول الشريط الساحلي.

والهدف من حرب الساحل الغربي، هو قطع وصول أنصار الله إلی البحر بمحورين رئيسيين: الأول جنوب الحديدة والثاني شمال حجة.

ورغم أن الإمارات قد أعلنت العام الماضي أنها ستسحب قواتها من اليمن، وخاصةً من الساحل الغربي، نتيجةً لتهديد أنصار الله باستهداف المراكز التجارية والاقتصادية الحساسة في هذا البلد، ولكن أبو ظبي حققت أيضًا بعض النجاح باستخدام مرتزقتها في اليمن، وسيطرت على معظم الجزر اليمنية، التي تقع في البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن والمحيط الهندي، والحكومة المستقيلة لا تعرف الكثير عن أنشطة الإمارات هناك.

كما أن هزيمة السعوديين في ساحات القتال المختلفة، دفعت الرياض إلى تعزيز قدرتها على مواكبة الإمارات في الساحل الغربي. وفي يوليو/تموز 2019، نقلت وكالة “رويترز” عن قائدين عسكريين يمنيين ومسؤولين يمنيين قولهما، إن ضباطًا سعوديين تولَّوا قيادة قواعد عسكرية في مينائي المخا والخوخة. وذكرت وكالة الأنباء هذه أيضاً أن الرياض أرسلت قوات إلى ميناء عدن وجزيرة بريم الواقعين في مضيق باب المندب بين اليمن وجيبوتي وإريتريا.

ولذلك، يمكن توقع أنه بالنظر إلى أهمية الساحل الغربي في الحرب، والتركيز المحتمل للتحالف السعودي الإماراتي مع الولايات المتحدة والکيان الصهيوني للسيطرة الكاملة على هذه المنطقة في المستقبل، فإن حكومة صنعاء ستعزز قدراتها الدفاعية وتطور المراقبة والسيطرة علی المياه في هذه المنطقة.

منذ بدء غزو اليمن عام 2015، وسع الجيش اليمني واللجان الشعبية قدراتهم العسكرية في مجالات مختلفة مع مرور الوقت، بما في ذلك إنتاج أنواع مختلفة من الصواريخ والطائرات المسيرة الهجومية والاستطلاعية. في غضون ذلك، تمكنت البحرية اليمنية من الدخول علی خط الصراع بشکل أقوى بمرور الوقت.

وتتبنى أنصار الله على نحو متزايد عقيدة الحرب البحرية غير المتكافئة، مع التركيز على القوارب الصغيرة والصواريخ المضادة للسفن المتمركزة على الساحل. وقد حققت هذه الاستراتيجية نجاحاً كبيراً في ضرب القوة العسكرية للمعتدين ومصالحهم الاقتصادية.

فالهجوم على الغواصة السعودية باهظة الثمن المسماة “المدينة” في جنوب البحر الأحمر في 29 يناير 2017، نفَّذه قارب يتم التحكم فيه عن بعد. وفي يونيو 2018 أيضًا، استُهدفت سفينة حربية إماراتية بصاروخين قبالة سواحل ميناء الحديدة اليمني.

من ناحية أخرى، تسبَّب استخدام الألغام البحرية في مشاكل للمعتدين ومؤيديهم. وفي يوليو 2018، أوقفت السعودية نقل النفط الخام عبر مضيق باب المندب بعد مهاجمة ناقلتين في مياه البحر الأحمر.

أنصار الله تستعرض قوتها في البحر الأحمر

لكن بالإضافة إلى أهمية الساحل الغربي في الحرب، فإن تحرك صنعاء لتعزيز خفر السواحل والدوريات البحرية يحمل رسائل رمزية.

فمن ناحية، يمكن اعتبار ذلك عرضًا للقوة وعلامةً على زيادة القدرة الدفاعية لهذه القوات في البحر الأحمر، وتغيير معادلات الحرب اليمنية في البحر، بحيث أنه في نوفمبر 2019، احتجز خفر السواحل اليمني ثلاث سفن، بينها سفينة سعودية، بعد دخولها المياه الإقليمية اليمنية. وهو الإجراء الذي يشير إلی استعداد اليمنيين للدفاع عن مصالحهم البحرية وكسر الحصار في المستقبل.

ومن ناحية أخرى، فإن تعزيز الدوريات البحرية وخفر السواحل للدفاع عن مصالح اليمنيين، يمثل ضربةً قاسيةً لجسد حكومة منصور هادي المستقيلة والتابعة، التي تم تدمير شرعيتها اليوم في جنوب اليمن أيضاً.

فبينما تدافع أنصار الله عن مصالح الشعب اليمني في مواجهة أطماع الإمارات والسعودية في المياه والجزر والموانئ اليمنية، لا يستطيع منصور هادي حتى انتقاد الإجراءات التوسعية العلنية لهذه الدول في اليمن.

ومن هنا، وبالنظر إلى أن الكثير من سكان الساحل الغربي غير راضين عن استعمار الإمارات والسعودية، وخاصةً بعد أن حظرت القوات الإماراتية مرارًا وتكرارًا الصيادين من صيد الأسماك، فإن تعزيز خفر السواحل سيزيد من شرعية حكومة صنعاء في هذه المناطق.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق