التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

كيف حول ماكرون فرنسا إلى أرض النفاق 

منذ أن أدلى الرئيس الفرنسيّ، إيمانويل ماكرون، بتصريحات عنصريّة مسيئة للدين الإسلاميّ والنبي محمد (ص)، انكشفت النوايا الفرنسيّة بوضوح من خلال حملتها على الإسلام و سماحها بنشر الرسوم المسيئة للرسول الأكرم بدعم من دول عربيّة، يتزامن مع الهرولة نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، لكن “حبل الكذب قصير” كما يقول المثل العربيّ، لأنّ باريس التي زجت بممثل كوميديّ قبل أشهر في السجن وأرغمته على دفع ضريبة كبيرة بتهمة “الإساءة لليهود”، لا يمكنها اليوم اختلاق التبريرات والادعاءات الكاذبة التي تتحدث عن “حرية التعبير” المغلفة بإهانة مقدسات الآخرين ورموزهم، وهذا ما حصل أيضاً في إحدى محاكم بلجيكا وكانت العقوبة السجن لمدة شهرين إضافة إلى غرامة 9000 يورو، ما يدل بوضوح على “وهم الحرية” الذي يسوقه الغرب لنا وهم أبعد ما يكون عن ذلك.

وفق منظمة العفو الدوليّة، فإن الحكومة الفرنسية ليست نصيرة حرية التعبير كما تزعم، ففي عام 2019، أدانت محكمة فرنسية رجلين بتهمة “الازدراء” بعد أن أحرقا دمية تمثل الرئيس ماكرون خلال مظاهرة سلمية، في الوقت الذي يناقش البرلمان الفرنسيّ قانوناً جديداً يجرّم تداول صور المسؤولين عن إنفاذ القانون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبذلك من الصعب التوفيق بين هذا التوجه وبين دفاع السلطات الفرنسية الشرس عن حق تصوير النبي محمد في رسوم كاريكاتوريّة.

وفي حين تدعي باريس حرصها على “حق التعبير عن الرأي” أو الآراء التي قد يُنظر إليها على أنها مُسيئة للمعتقدات الدينية، فإن حريات المسلمين في التعبير والمعتقد عادة ما تحظى باهتمام ضئيل في فرنسا تحت ستار “شمولية مبادئ الجمهورية”، وباسم العلمانيّة لا يمكن للمسلمين في فرنسا ارتداء الرموز الدينيّة أو اللباس الديني في المدارس أو في وظائف القطاع العام.

وإنّ حادثة سجن وتغريم الفنان الكوميديّ الفرنسيّ، بسبب تقديمه عرضاً يهن اليهود، يظهر مدى النفاق الفرنسيّ الواضح في التعاطي مع الأمور، في الوقت الذي وصف ماكرون الدين الإسلاميّ بأنّه يعاني من “أزمة”، معلناً عن خطط وقوانين أكثر صرامة لمواجهة ما سماه “الانفصاليّة الإسلاميّة” في بلاده، وأكّد أنّ أقلية من مسلمي فرنسا الذين يقدر عددهم بستة ملايين، في خطر تشكيل “مجتمع مضاد”، مهاجماً البعض في أكبر جالية مسلمة في أوروبا الغربيةّ بمحاولة قمع دينهم، في محاولة إضفاء الشرعيّة على “الإسلاموفوبيا”.

وتعمل الحكومة الفرنسية الآن على حل الجمعيات وإغلاق المساجد، على أساس مفهوم “التطرف الغامض”، وعلى امتداد حالة الطوارئ، غالباً ما كان مصطلح “التطرف” يُستخدم كناية عن “المسلم المتدين”.

كما أعلن وزير الداخلية، جيرالد دارمانين عن عزمه حل “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا” (CCIF)، وهي منظمة تكافح التمييز المجحف ضد المسلمين، وقد وصف التجمع بأنه “عدو للجمهورية” و”غرفة خلفية للإسلام”، ولم يقدم الوزير أي دليل يدعم مزاعمه.

ومن الجدير بالذكر، أنّ الاقتصاد الفرنسيّ تلقى ضربة قاسمة بعد حملات المقاطعة العربيّة والإسلاميّة للبضائع الفرنسيّة، باعتبار أنّ الدول الإسلاميّة لها أهميّة وتأثير كبيرين في التجارة الخارجيّة لفرنسا، على خلفية نشر مجلة “شارلي إيبدو” الساخرة رسوماً مسيئة للنبيّ محمد (ص)، على مرافق إسلامية في فرنسا، وتلقيها التأيّيد والدعم من قبل الرئيس الفرنسيّ، فيما نُفذت الكثير من حملات المقاطعة للمنتجات الفرنسيّة، ومن أبرز الدول الإسلاميّة المُقاطعة، الكويت، تركيا، الأردن، فلسطين، السعودية، ومصر، والعراق.

كذلك، فتحت فرنسا على نفسها أبواب جهنم، لأنّها خسرت محبة واحترام ربع سكان الأرض بسبب غباء وحماقة الرئيس ماكرون ومعاداته للإسلام، الذي زاد طين “الأزمة الاقتصاديّة” بلة في فرنسا وسط ارتفاع تكاليف المعيشة وتزايد الضرائب وتباين المعاشات بين الأثرياء والطبقة الوسطى والعمال.

في النهاية، إن ادعاء الحكومة الفرنسية المتعلق بحرية التعبير لا يكفي لإخفاء نفاقها الفاضح، فما معنى حرية التعبير إذا كانت تنطبق على لون أو عرق أو جنس أو دين بعينه؟ ، وما فائدة حملة الحكومة الفرنسيّة تحت عنوان “حماية حرية التعبير” إذا كانت للتستّر على الإجراءات التي تعرض الناس لخطر انتهاكات حقوق الإنسان؟.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق