التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

ما مدى استعداد الصهاينة لخوض حرب شاملة 

هناك الكثير من الجدل هذه الأيام حول قدرة الکيان الصهيوني على مواجهة حرب عسكرية شاملة.

إن وقوع عملية إرهابية في إيران ضد عالم عسكري ونووي، وجَّه مرةً أخرى أصابع الاتهام إلى الصهاينة، ويستند هذا الاتهام الموجَّه إلى تل أبيب بالطبع إلى تاريخ الکيان في اغتيال الباحثين والعلماء النوويين الإيرانيين من جهة، وكذلك إشارة مسؤولين صهاينة في السنوات الأخيرة إلی اسم “فخري زاده” كعالم نووي تم اغتياله.

قبل عامين، أشار بنيامين نتنياهو إلى “فخري زاده” على أنه عالم نووي إيراني، وقبل ذلك ذكر رئيس وزراء الکيان الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت اسم هذا العالم النووي الإيراني أيضاً.

وفي ظل هذه الظروف، وبعد العمل الإرهابي الأخير الذي استهدف هذا العالم الإيراني، فإن آثار أقدام الصهاينة في هذا العمل العدواني التخريبي واضحة للغاية، ولا توجد شکوك في هذا الصدد.

ومع ذلك، بعد هذا العمل الإرهابي في إيران، رفع الصهاينة بطبيعة الحال مستوى التحذير، وأصبحت المخاوف في فلسطين المحتلة من نشوب نزاع عسكري مع إيران أكبر بكثير من أي وقت مضى. ولكن إلى أي مدى تل أبيب جاهزة لخوض حرب شاملة ضد إيران؟

الاغتيال هو علامة على عدم القدرة على الحرب

بشكل عام، في تقييم القوة العسكرية للصهاينة، يمكننا أن نشير إلى عملهم الإرهابي الأخير في إيران، وهذا العمل يُعتبر بحد ذاته عجزاً في مواجهة حرب شاملة مع إيران.

إن هدف الصهاينة هو إيقاف برنامج ايران النووي، الذي هم قلقون منه جداً. من ناحية أخرى، وعلى الرغم من مزاعم المسؤولين الصهاينة، بمن فيهم نتنياهو، بقصف المنشآت النووية الإيرانية، فإنهم يدركون جيداً أنه ليس لديهم القدرة على القصف والقيام بعمل عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، لأن ذلك قد يشعل فتيل حرب إقليمية شاملة.

وفي الواقع، إن الخوف من مواجهة عسكرية مع إيران قد دفع الصهاينة إلى اللجوء إلى عمليات الاغتيال، وبما أن تل أبيب غير قادرة على شن حرب عسكرية واسعة النطاق أو تنفيذ مزاعمها بقصف المنشآت النووية الإيرانية، لذلك فإنهم اختاروا مشروع الاغتيال واستهداف الباحثين والعلماء النوويين الإيرانيين.

لقد تابع الصهاينة مشروع اغتيال الشخصيات العلمية لبرنامج إيران النووي في السابق خلال سنوات 2009 إلى 2011، والذي ترافق مع رد فعل عالمي سلبي وتكاليف باهظة تکبَّدوها.

مع ذلك، فإن استئناف اغتيال عالم نووي في إيران، يظهر أن مشروع الاغتيالات السابق في إيران قد فشل في تحقيق أهداف الصهاينة بوقف برنامج إيران النووي وشلّ القدرات النووية الإيرانية، وبالتالي فقد لجأت تل أبيب مرةً أخرى وعلی الرغم من التكلفة السياسية الباهظة، إلى اغتيال الأشخاص المؤثرين في برنامج إيران النووي السلمي.

صعوبات الحرب الإقليمية لتل أبيب

في أي حرب محتملة، فإن التهديدات ضد الکيان الإسرائيلي ليست فقط من داخل حدود إيران، بل ستواجه تل أبيب شبكةً من فصائل المقاومة في المنطقة، تمتد من السواحل اليمنية على البحر الأحمر إلى سواحل فلسطين المحتلة في لبنان، إلى العمق الاستراتيجي لمجموعات المقاومة في العراق وسوريا.

حتى إنه مع تدخل الولايات المتحدة أو بعض الدول الغربية لمصلحة الصهاينة في أي حرب محتملة، فإن شبكة المقاومة المتحالفة مع إيران في المنطقة واسعة جداً وتنتشر في جميع أنحاء المنطقة، بحيث لن تتركز المعركة المحتملة على جزء أو نقطة محددة، بل ستفتح جبهات مختلفة على فلسطين المحتلة.

وعليه، فإن شبكة حلفاء إيران الإقليميين في اليمن والعراق وسوريا وفلسطين ولبنان، ستحوِّل أي صراع محتمل مع الکيان الصهيوني إلى حرب إقليمية، وليس من المتوقع أن يتمكن الکيان الصهيوني الذي يمتلك مساحةً صغيرةً ويفتقر إلى العمق الاستراتيجي، من التعامل مع ساحات القتال المختلفة في المنطقة.

نقاط الضعف الهيكلية للکيان الصهيوني في حرب محتملة

يعاني الکيان الصهيوني من عدد من نقاط ضعف بنيوية، ونقاط الضعف هذه هي التي تعزز سيناريو هزيمة تل أبيب في أي حرب محتملة.

خلال السنوات الأولى لإنشاء الکيان الصهيوني في فلسطين في الأربعينيات من القرن الماضي، كان جيشه المشكَّل حديثًا جيشًا أيديولوجياً قائماً على التعاليم المتطرفة للصهيونية، وأصبحت هذه المعتقدات الأيديولوجية نفسها نقطة القوة للصهاينة في حربهم ضد العرب.

ولکن هذه السمة الأيديولوجية للجيش الصهيوني قد تلاشت تدريجياً على مدى العقود القليلة الماضية، وتضمّ القوات العسكرية لهذا الکيان بشكل أساسي مهاجرين يبحثون عن عمل ويفتقرون إلى وثائق الهوية، وخاصةً من إفريقيا، الذين هاجروا إلى فلسطين المحتلة لأغراض مادية ولم يؤمنوا كثيراً بالتعاليم الصهيونية.

وفي الواقع، فإن الجسم الحالي للجيش الصهيوني، وعلى عكس سنواته الأولى، يفتقر إلى الانتماء الأيديولوجي، وليس لديه رغبة تُذكر في الدخول في حرب شاملة.

کما أن الموقع الجغرافي للکيان الصهيوني عامل آخر في الضعف البنيوي لهذا الکيان. حيث قامت فصائل المقاومة في لبنان وقطاع غزة بحفر أنفاق على حدود فلسطين المحتلة، يمكن استخدامها بسهولة عبر الحدود لمهاجمة القوات الصهيونية.

والصهاينة يبحثون دائمًا عن الأنفاق المذكورة، وبمجرد العثور عليها يقومون بتدميرها، ولكن يتم دائمًا حفر أنفاق جديدة وغير معروفة، ولا يستطيع الصهاينة تحديد وتدمير كل هذه الأنفاق.

من ناحية أخرى، لطالما تمت المبالغة في القوة العسكرية للکيان الصهيوني. وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة الإندبندنت الصادرة في لندن، في تقرير كتبته “أمل شحادة” ونُشر في شباط 2017: إن العديد من خبراء الأمن غير متأكدين من القدرات الدفاعية للجيش الإسرائيلي، ويرون أن القدرات الدفاعية لهذا الجيش هي دعاية.

ووفقًا لبعض التقارير السرية، فإن الوحدة العسكرية 319، المسؤولة عن محاربة حزب الله، تعاني من العديد من نقاط العجز التي تجعل قدرتها على مواجهة تهديدات حزب الله موضع شك.

حيث تواجه هذه الوحدة العسكرية نقصاً في الآليات العسكرية، ونقصاً في القوى البشرية، ونقصاً في الخدمات الطبية واللوجستية. إضافةً إلى ذلك، فإن القوات البرية الإسرائيلية غير مستعدة وغير قادرة على التعامل مع سيناريوهات الحرب المختلفة.

ونظراً لوجود إيران بالقرب من الحدود الإسرائيلية، ونشر أنظمة الصواريخ من قبل حزب الله والجماعات المسلحة الأخرى الموالية لإيران على طول الحدود مع “إسرائيل”، فيمكن لعجز الجيش الصهيوني أن يخلق التحديات لأمنه واستقراره.

طبعاً، حاول الجيش الإسرائيلي دائماً منع نشر تقارير تكشف نقاط ضعف هذا الجيش، لكن في النهاية وافقت محكمة هذا الکيان على نشر هذا التقرير في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فاتضح ضعف الجيش الإسرائيلي للجميع.

ويمكن أن يضاف ضعف الأنظمة الدفاعية، إلى نقاط الضعف العسكرية والهيكلية للکيان الصهيوني. وأكثر ما يقلق الصهاينة هو أن نظام الدفاع الجديد بالليزر، الذي كلَّف ملايين الدولارات، غير قادر على التعامل مع الصواريخ بشكل كامل وصحيح.

إن تشغيل هذا النظام لا يمكن أن يمنع الصواريخ المتطورة من دخول أراضي فلسطين المحتلة، لأنه لكي يتمكن نظام الدفاع الليزري الجديد من استهداف صاروخ، فيجب أن يكون بعيدًا عنه بما يكفي. في حين أن معظم الصواريخ التي تهدد الصهاينة تقع بالقرب من الحدود، وليست بعيدةً عن أنظمة الدفاع بالليزر الجديدة.

ونتيجةً لذلك، فإن تهديد الصواريخ من حزب الله وفصائل المقاومة الأخرى في سوريا وقطاع غزة، سيستمر في إرعاب الکيان الصهيوني.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق