هل سيساعد رفع الحظر المفروض على قطر في إيقاظ مجلس التعاون من غيبوبته
بعد مرور ثلاث سنوات على الأزمة الخليجية والحصار الجائر الذي فرضته السعودية والإمارات وعدد من الدول العربية على دولة قطر، وفشل جميع المحاولات الدبلوماسية والسياسية لحل هذه الأزمة، أعلن وزير الخارجية الكويتي، الشيخ “أحمد ناصر المحمد الصباح”، قبل عدة أيام عن إجراء مباحثات مثمرة لحل الأزمة الخليجية، بعد جهود كويتية واقليمية. وأضاف الشيخ “أحمد” في بيان قصير ألقاه عبر التلفزيون الكويتي، أن كل الأطراف التي شاركت في مباحثات المصالحة، أعربت عن حرصها على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي، وعلى الوصول إلى اتفاق نهائي، يحقق التضامن الدائم بين الدول.
ومن جانبه، صرح نائب وزير الخارجية الكويتي، “خالد الجار الله”، أنه تم التوصل اتفاق نهائي للأزمة الخليجية. وقال “الجار الله”، “إن الخلاف الخليجي طوي، وتم التوصل إلى اتفاق نهائي برعاية كويتية”. وأشار الجار الله إلى أن “خطوات ما بعد اتفاق إنهاء الخلاف الخليجي ستكون مدروسة ومحسوبة بشكل جيد”. وأكد نائب وزير الخارجية على “وجود جهود كبيرة ومتواصلة من جميع أطراف الخلاف الخليجي لحل الأزمة”. وفي كلمة بثها تلفزيون الكويت، يوم أمس الجمعة، قال نائب الوزير الكويتي إن مباحثات مثمرة جرت خلال الفترة الماضية لحل الأزمة الخليجية المستمرة منذ 2017 بين قطر من ناحية والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من ناحية أخرى. واعتبر وزير الخارجية القطري في تغريدته على “تويتر”، بيان دولة الكويت خطوة مهمة نحو حل الأزمة الخليجية. وسبق أن حاولت الكويت وكذلك سلطنة عمان وإيران وعدد من الدول الاقليمية بذل جهود وساطة لإنهاء الأزمة الخليجية، دون أن تكلل جهودهما بالنجاح. وفي 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات السياسية والتجارية وروابط النقل مع قطر، متهمة إياها بـ”دعم الإرهاب”، وهو ما تنفيه الدوحة، التي اعتبرت أن الحظر المفروض عليها يهدف إلى النيل من سيادتها.
ولكن وفي غضون ذلك، هناك بالتأكيد العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها بعد. أولاً، لم يعلق الجانبان على مصير الـ 12 شرطًا التي فُرضت على قطر في بداية الأزمة، وهو ما يثير التساؤل عما سيؤول اليه ميزان القوى في دول مجلس التعاون الخليجي في المستقبل. وفي المقابل، لا يمكن إنكار دور الضغط الأمريكي في الوصول إلى هذه النقطة الحالية، كما ورد في بيان وزير الخارجية الكويتي، ولهذا فإن السؤال التالي، هو كيف سيكون مستقبل العلاقات الإيرانية القطرية؟ وبمعنى آخر، وبينما أعلنت واشنطن مؤخراً عن نيتها بناء تحالف وإجماع اقليمي ضد إيران لزيادة الضغط الاقتصادي على طهران، فهل يمكن أن يضر هذا الاتفاق بين الدول العربية بإيران؟
إيران ترحب بقرب حل الأزمة الخليجية
لقد راهن مستشار “ترامب” وصهره “جاريد كوشنر” في زيارته الأخيرة للدوحة والرياض على إمكانية حلحلة الأزمة الخليجية، عبر إقناع القادة في السعودية بإمكانية فتح مجالهم الجوي أمام الطيران القطري من أجل حرمان إيران 100 مليون دولار رسوماً سنوية ولقد كان الهدف من هذه الخطوة هو زيادة الضغوط والعقوبات الاقتصادية على طهران ولكن طهران التي تمكنت من التغلب على كل العقوبات الماضية لم تنزعج من هذه الخطوة الأمريكية. وقبل عدة أيام عندما أعلن وزير الخارجية الكويتي عن قرب حل الأزمة الخليجية بين قطر وعدد من الدول العربية، كانت طهران في طليعة المرحبين بهذه الخطوة التي ستعيد الأمن والاستقرار للمنطقة. حيث أعرب وزير الخارجية الايراني “محمد جواد ظريف” عن ترحيبه ببيان وزير الخارجية الكويتي “احمد الناصر المحمد الصباح” حول ايجاد حلول للخلافات بين البلدان العربية المطلة على الخليج الفارسي. وورد في تغريدة لـ”محمد جواد ظریف” على حسابه الشخصي في موقع “تويتر” مساء أمس الجمعة: “إننا نرحب بالتقارب المعلن في الكويت بشأن الخليج الفارسي.” وأضاف: إن “السياسة القديمة لايران تقوم على الدبلوماسية القائمة على حسن الجوار والحوار الاقليمي”. وأعرب عن أمله بأن تساهم المصالحة في تعزيز الاستقرار والتنمية السياسية والاقتصادية لجميع شعوب المنطقة.
خلافات مستمرة وخطوات قطرية حذرة
فيما يتعلق بمستقبل دول مجلس التعاون الخليجي وتوازن القوى في هذا المجلس بعد الاتفاق على حل الأزمة القائمة بين قطر وعدد من الدول العربية، من المهم النظر في بعض النقاط والتي من أهمها:
في المقام الأول، إن الإعلان عن الاتفاقية دون أي علامة على حل الخلافات العميقة الجذور بين قطر والسعودية والإمارات والبحرين لن يكون قادراً على استعادة مصداقية مجلس التعاون الخليجي المفقودة. ولسنوات طويلة، لم يقم تحالف ما يسمى بمجلس التعاون الخليجي بأي انجازات واقعية على أرض الواقع، وذلك يرجع إلى وجود خلافات سياسية وجيوسياسية وأيديولوجية عميقة بين أعضاءه وهذا الامر قد شلّ هذا المجلس عمليًا في اتخاذ خطوات نحو تحقيق أهدافه الأولية. وفي هذا السياق، يدرك القطريون جيدًا أن استعداد السعوديين لفك الحصار لا يعني انتهاء الحرب مع الدوحة، ولكن فقط نتيجة ضغط “ترامب” وخوف “بن سلمان” من تولي “جو بايدن” منصبه وذلك من أجل تقليل المخاطر التي قد تعصف به في المستقبل.
وفي المقام الثاني، يمكن التكهن بأن قطر ستستغل هذا الانتصار كخطوة نحو تحسين وضعها الدولي وتغيير ميزان القوى في مجلس التعاون الخليجي وذلك من أجل تقليل دوره وتأثيره في صياغة استراتيجيات سياستها الخارجية. والدليل على ذلك يمكن رؤيته في الموقف الحذر لوزير الخارجية القطري، الذي قال يوم الجمعة: “لا يمكننا القول إن كل المشاكل ستحل في يوم واحد وإن تطبيع العلاقات مع إسرائيل في هذا الوقت ليس في مصلحة الشعب الفلسطيني”، مضيفا أن “أزمة الدول الخليجية لا علاقة لها باتفاقات إبراهام أو تطبيع العلاقات مع إسرائيل”. كما أعرب الوزير القطري على أن السلطات القطرية أكدت على الحفاظ على العلاقات بين الدوحة وطهران.
المصدر / الوقت