المغرب يبيع القدس بسعر تراب الصحراء
أصبح المغرب الوجهة الجديدة لقطار تطبيع العلاقات بين العرب والکيان الصهيوني. وكما في الاتفاقات السابقة، ترامب هو الذي أعلن عن الحدث من أجل تسجيل إنجاز آخر لنفسه في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض.
حيث غرَّد ترامب مساء الخميس الماضي: “إنجاز تاريخي آخر … اتفقت إسرائيل والمملكة المغربية على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة. خطوة كبيرة إلى الأمام من أجل السلام في الشرق الأوسط…”. وبعد الاتفاق، من المقرر أن يفتح الجانبان سفارتين في تل أبيب والرباط، وإطلاق خطوط جوية بينهما.
المغرب هو رابع دولة تطبع العلاقات مع تل أبيب في الأشهر الأخيرة، بدعوة من الولايات المتحدة. وتأتي هذه الخطوة بعد أن قطع المغرب علاقاته مع الکيان الصهيوني في عام 2000، في أعقاب الحملة العسكرية الإسرائيلية على الفلسطينيين.
صفقة مخزية مع مصير الفلسطينيين
في حين أن العديد من الدول الإسلامية والعربية تعتبر تصرفات بعض الدول العربية لتطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني، خيانةً للفلسطينيين وسبباً في تكثيف الإجراءات القمعية الصهيونية ضد الحقوق الفلسطينية، فإن السمة المشتركة البارزة في انضمام الإمارات والبحرين والسودان والمغرب إلی عملية التطبيع، هي صفقة أبرمها حكام هذه الدول على بيع الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى.
يراهن المغرب كغيره من الدول الثلاث السابقة على دعم البيت الأبيض لحل مشاكله الداخلية، فيما وضع ترامب شرط تطبيع العلاقات مع الصهاينة لدعم مطالبهم، وهو الأمر الذي يعني صفقةً مخزيةً من حكام الرباط لخيانة الفلسطينيين.
وقد أفادت تقارير إعلامية بأن الولايات المتحدة وعدت بدعم السيادة المغربية على منطقة الصحراء الغربية مقابل الاعتراف بالصهاينة، حيث كان المغرب على خلاف مع جبهة البوليساريو منذ عقود، وكان هناك قتال بين الجانبين في الشهرين الماضيين.
وقال ترامب في البيان الموقَّع، إن “الولايات المتحدة تعتقد أن إقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية ليس خياراً واقعياً لحل الصراع”. كما دعا البيت الأبيض أطراف النزاع في الصحراء الغربية إلى “الدخول في مفاوضات بأسرع ما يمكن، في إطار خطة الحكم الذاتي المغربية كإطار للمفاوضات”.
تم الإعلان عن هذه المسألة من قبل وسائل الإعلام سابقاً، كما كتبت صحيفة نيويورك تايمز في فبراير 2020: “لقد تعهدت الحكومة الإسرائيلية للمملكة المغربية بإجبار الولايات المتحدة على قبول السيادة المغربية على الصحراء الغربية إذا دعمت صفقة القرن. وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية المغربي بعد أن عارضت جامعة الدول العربية صفقة القرن: يجب ألا نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم”!
كما يبدو أن واشنطن تعهدت بتقديم مساعدة عسكرية في صراع المغرب مع جبهة بوليسارو. حيث أنه بعد وقت قصير من إعلان التطبيع، كشفت مصادر أمريكية مطلعة أن الولايات المتحدة تجري محادثات لبيع طائرات بدون طيار متطورة من طراز MQ-9B للمملكة المغربية.
شکَّل الهروب من المشاكل الاقتصادية، عاملاً آخر أعطى الرباط الأمل بالوعود التي قُطعت له جراء قبول التطبيع. وفي هذا الصدد، أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس، قرار بلاده تسهيل الرحلات الجوية المباشرة إلى الأراضي المحتلة وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتكنولوجية، وإعادة فتح مكاتب الاتصال بين الجانبين.
لقد تدهور الوضع الاقتصادي في المغرب في الأشهر الأخيرة مع تفشي وباء كورونا، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 4.5 بالمئة في 2020، وهو ما يظهر تراجعاً حاداً مقارنةً بالنمو الاقتصادي البالغ 3.6 بالمئة في 2019.
کما دفعت صدمة وباء الكورونا، اقتصاد المغرب المعتمد على السياحة إلى ركود عميق. وزادت صدمة العرض والطلب التي سبَّبها الوباء، مع ضعف أداء القطاع الزراعي نتيجة فصل الشتاء الجاف بشكل غير عادي، حيث انخفضت الصادرات بنسبة 18.3٪.
وارتفع الدين العام والأجنبي على حد سواء، وتضرر سوق العمل والقطاع الخاص بشدة من الأزمة، ولا سيما في القطاع غير الرسمي، حيث فقد 66 في المائة من العمال وظائفهم، وانخفض دخل 19 في المائة من الأسر. بينما من المتوقع أن يزداد الإنفاق على الدعم الصحي والاجتماعي بحلول عام 2020.
ولكن من المؤکد أن محاولة حل المشاكل الاقتصادية بقبول التطبيع مع الصهاينة، بالإضافة إلى تقليص المكانة الدولية لهذه الدول بين الجاليات العربية والإسلامية، وأيضًا بسبب قلة الدعم المحلي والطبيعة غير الذاتية لهذه السياسة، ستؤدي إلی تصاعد المواجهة بين هذه الحكومات ومجتمعاتها.
المصدر/ الوقت