التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, ديسمبر 27, 2024

عام 2020 كان قاسياً على أفغانستان… كورونا وأمريكا ومحاولات للعيش 

شهدت أفغانستان في عام 2020 مجموعةً متنوعةً من التطورات والأحداث، بدأت عام 2020 بمحادثات السلام في أفغانستان، واستمرت في الأيام الأخيرة حتى تصاعد التوترات.

محادثات طالبان وأمريكا

أعلن ممثلو أمريكا وحركة طالبان، بعد جولات عديدة من المفاوضات، أخيراً في مارس 2010 أنهم توصلوا إلى اتفاق في العاصمة القطرية.

ومن بين 11 اجتماعاً بين دبلوماسيين أمريكيين وممثلي طالبان، عقدت 10 اجتماعات في الدوحة عاصمة قطر، واجتماع واحد في أبو ظبي بالإمارات.

عقدت الجولة الخامسة من هذه الاجتماعات في 25 فبراير 2019 في الدوحة بقطر، حيث التقى المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان “زلماي خليل زاد” لأول مرة مع “الملا عبد الغني برادر” نائب زعيم طالبان، واستمرت هذه الجولة من المحادثات 16 يوماً.

اختُتمت الجولة السادسة من المحادثات بين أمريكا وطالبان بعد تسعة أيام، في يوم الخميس 9 مايو 2019، وذكر الجانبان أن الاجتماع رافقه تقدم، ثم بدأت الجولة السابعة في 29 يونيو حزيران في الدوحة عاصمة قطر، واستمرت عدة أيام، وخلال هذه الفترة، قال الجانبان إنه تم إحراز تقدم، والتوصل إلى اتفاق حول العديد من القضايا.

والجولة العاشرة من المحادثات بين أمريكا وطالبان بدأت في 7 ديسمبر 2019، واستمرت حتى 13 ديسمبر، كان الموضوع الرئيس لهذه الجولة هو الحدّ من العنف ووقف إطلاق النار. وفي نهاية الجولة، منحت أمريكا طالبان فرصةً للتحدث مع قادتها حول الحدّ من العنف ووقف إطلاق النار.

ثم عقدت الجولة الحادية عشرة من المحادثات في الدوحة في فبراير 2017، وكان وزير الخارجية الأمريكي قد قال “نأمل أن نصل إلى نقطة لا يكون فيها انخفاض العنف على الورق فحسب، بل ينخفض ​​بدرجة كبيرة”.

بعد 11 جولة من المحادثات، أعلنت أمريكا أنها ستسحب قواتها من أفغانستان، فيما يوجد نحو 17 ألف جندي أمريكي في أفغانستان، ومن مطالب طالبان انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان.

ومن أهم بنود اتفاق السلام التي يُطلب من واشنطن تنفيذها، هي الانسحاب التدريجي لجميع القوات الأمريكية والحلفاء، إخلاء القواعد العسكرية، إطلاق سراح سجناء طالبان مقابل إطلاق سراح أسراهم لدی الحرکة، وبدء الإجراءات القانونية في واشنطن للتغيير ورفع العقوبات عن هذه الحركة وأعضائها. كما تعهدت أمريكا بعدم تهديد سلامة أراضي أفغانستان واستقلالها السياسي.

من جانبها تعهدت طالبان بإطلاق سراح السجناء، ومنع أعمال “القاعدة” الإرهابية من أراضي أفغانستان ضد أمريكا وحلفاء البيت الأبيض. کما ستمتنع طالبان عن التعاون أو القيام بأي عمل يهدد أمريكا أو شركائها ومواطنيها.

اتفاق أشرف غني وعبد الله عبد الله

بعد خمسة أشهر من بداية عام 2020، وقَّع الرئيس الأفغاني “أشرف غني” ومنافسه “عبد الله عبد الله” اتفاقيةً لتقاسم السلطة، وبموجبها سيترأس عبد الله عبد الله مجلساً يسمى “المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية”، وسيكون له دوره في تعيين الوزراء.

وبعد نحو ثمانية أشهر من الانتخابات الرئاسية الأفغانية، اتفق الخصمان السياسيان الرئيسيان في البلاد على كيفية تقاسم السلطة.

وفي هذا الصدد، قال “صديق صديقي” المتحدث باسم الرئيس الأفغاني في تغريدة على تويتر، إن “الدكتور عبد الله عبد الله سيرأس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية، وسيكون أعضاء فريقه جزءاً من الحكومة”.

المجلس الأعلى للمصالحة هو مؤسسة مؤلفة من قادة سياسيين وشخصيات وطنية وممثلين عن مجلس الشعب، وممثلين عن مختلف الشرائح السياسية والاجتماعية والمجتمع المدني والنساء والشباب، ويتكون من قسمين هما الجمعية العامة واللجنة القيادية. کما تتكون اللجنة القيادية للمجلس من قادة سياسيين وشخصيات وطنية.

وللمجلس الأعلى للمصالحة هيئة تنفيذية ستضم هيئةً تفاوضيةً، وهي وزارة الدولة للسلام، وإذا لزم الأمر ستضاف هيئة أخرى بعد التشاور مع الرئيس.

في الحكومة الأفغانية السابقة، التي كان من المفترض أن تكون حكومة وحدة وطنية، كان عبد الله عبد الله الرئيس التنفيذي، وكان أشرف غني رئيساً. ومع ذلك، لم تحقق حكومة الوحدة الوطنية نجاحاً كبيراً في أفغانستان، ثم تولى عبد الله عبد الله قيادة عملية السلام كرئيس للمجلس الأعلى للمصالحة الوطنية.

بعد الانتخابات الرئاسية الأفغانية، أعلن كل من أشرف غني وعبد الله عبد الله فوزهما في الانتخابات. وأدى غني وعبد الله اليمين الدستورية في حفل تنصيب منفصل، هذا الخلاف حول نتيجة الانتخابات الرئاسية أدى إلى تأخير تشكيل الحكومة لأشهر، وأصبح تحدياً لمحادثات السلام بين الحكومة الأمريكية وطالبان.

إطلاق سراح سجناء طالبان الخطرين

في بداية محادثات السلام، أعلنت الحكومة الأفغانية وقف إطلاق النار كشرط لبدء المحادثات. في غضون ذلك، أصرت قوات طالبان على أن تفرج الحكومة عن نحو 5000 سجين من الحرکة.

وفقاً لذلك، قبل شهر من بدء المحادثات بين الحكومة وطالبان، أعلن مسؤولون في الحكومة الأفغانية إطلاق سراح أول مجموعة من 400 سجين “خطير” من طالبان، ومن المقرر أن يمهد إطلاق سراحهم الطريق لإجراء محادثات مباشرة لإحلال السلام في البلاد.

وتجدر الإشارة إلى أن “اللويا جيرغا” قد اتخذ هذا القرار، قبل يوم واحد من توقيع الرئيس مرسوماً بشأن إطلاق سراح سجناء طالبان “الخطرين”.

وفي القرار الصادر عن أعضاء “اللويا جيرغا” بالموافقة على إطلاق سراح من تبقى من سجناء طالبان، وإذ تم التأکيد على الوصول إلی “سلام دائم ومشرِّف يؤدي إلى الأمن والاستقرار في البلد”، اعتُبر القرار وسيلةً “لإزالة العقبات أمام بدء محادثات السلام ووقف إراقة الدماء والسعي لتحقيق المصلحة العامة”.

ومصير ما تبقى من سجناء طالبان البالغ عددهم 400، هو أحد أهم الشروط المسبقة لطالبان للمشاركة في المحادثات المباشرة والمحادثات بين الأفغان للتوصل إلى اتفاق سلام.

وقد تم إطلاق سراح بعض هؤلاء السجناء، على الرغم من ارتكابهم جرائم مثل الهجمات القاتلة التي أودت بحياة العديد من المواطنين والجنود الأفغان، وكذلك القوات الأجنبية.‌

طالبان تبدأ محادثات السلام مع حكومة كابول

في منتصف سبتمبر 2020، بدأ ممثلون عن الحكومة الأفغانية وطالبان محادثات في الدوحة، عاصمة قطر.

ووصل ممثلو الحكومة الأفغانية ووفد حركة طالبان إلى الدوحة العاصمة القطرية صباح السبت 12 سبتمبر، لحضور حفل افتتاح “محادثات السلام الأفغانية الأفغانية”.

وقال عبد الله عبد الله رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية الأفغانية، الذي ترأس وفداً من 21 عضواً إلى الدوحة، إن المحادثات ستدخل التاريخ باعتبارها نهايةً للعنف.

وأضاف: “جئنا إلى هنا بنية حسنة لإنهاء أربعين عاماً من إراقة الدماء وإحلال سلام دائم في جميع أنحاء أفغانستان”.

كما شارك وفد طالبان برئاسة “الشيخ مولوي عبد الحكيم” في المحادثات مع 21 شخصاً. ولسنوات رفضت قوات طالبان التفاوض مباشرةً مع الحكومة الأفغانية، لأنها اعتبرتها “فزاعة الغرب وأمريكا”.

کذلك، أعرب المجتمع الدولي وجيران أفغانستان، بما في ذلك إيران، عن دعمهم لبدء محادثات الحكومة الأفغانية مع طالبان.

حيث وصف الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو جوتيريش” الاجتماع بأنه فرصة عظيمة لتحقيق رغبة الشعب الأفغاني في السلام، وقال إنه يتعين على الأفغان أنفسهم تحديد مساحة وعملية المفاوضات، وأضاف إنه يأمل أنه مع بدء المحادثات، سيتم التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار وعدم إهدار المزيد من أرواح المدنيين.

ولکن توقفت هذه المحادثات في منتصف الطريق بعد شهر، ودعا الجانبان إلى مزيد من المحادثات في الجولة الثانية لمزيد من المشاورات، وعلى الرغم من عدم الإعلان عن موعد الجولة الثانية من المحادثات، فمن المتوقع أن تبدأ الجولة الثانية من المحادثات قريباً.

تصاعد انعدام الأمن والتفجيرات والاغتيالات في أفغانستان

على الرغم من توقع تراجع انعدام الأمن والانفجارات في أفغانستان بعد محادثات السلام، إلا أن ذلك لم يحدث واستمر انعدام الأمن في أفغانستان، بل زاد منذ توقيع اتفاق السلام.

ووفق إحصائيات وزارة الدفاع الوطني الأفغانية، يدور القتال حالياً بين القوات الحكومية وطالبان في أكثر من 20 محافظة.

كما ذکر المفتش العام الأمريكي الخاص لإعادة إعمار أفغانستان (سيغار) في تقريره الأخير، أن هجمات “العدو” في البلاد في الأشهر الثلاثة الماضية (من يوليو إلى سبتمبر) زادت بنسبة 50٪ مقارنةً بالأشهر الثلاثة السابقة (أبريل إلى يونيو).

ووفق تقرير المنظمة، قُتل 876 مدنياً وأصيب ألف و685 آخرون بين شهري يوليو وأيلول.

وأضافت المنظمة: إن هذا الرقم يظهر زيادةً بنسبة 43٪ مقارنةً بالربع السابق، وانخفاضاً بنسبة 36٪ مقارنةً بالربع المماثل من العام الماضي.

کذلك، بعد سلسلة متزايدة من التفجيرات والاغتيالات الهادفة في أجزاء مختلفة من البلاد التي مزقتها الحرب، أصبح الجميع تقريباً، وخاصةً الصحفيين والنشطاء الاجتماعيين والسياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، قلقين على حياتهم.

وفي الأسبوع الماضي وحده، اغتيلت صحفية وأربعة موظفين صحيين ورئيس هيئة مراقبة الانتخابات وسائقه وناشطة في مجال حقوق المرأة وشقيقها، في هجمات منفصلة في أفغانستان.

بالطبع، في عام 2020، لم تكن الشخصيات الثقافية فقط هي التي استُهدفت بالاغتيال، ولكن الشخصيات الدينية قد تعرضت لسلسلة من الاغتيالات أيضاً.

إن سلسلةً من التفجيرات والهجمات الإرهابية ضد كبار المسؤولين والشخصيات السياسية والثقافية، فضلاً عن اغتيالات لعلماء دين بارزين ونشطاء المجتمع المدني في أقل من عام، وسط جهود لإحلال السلام وإنهاء الحرب، قد عززت التكهنات بشأن الغرض من التفجيرات وأثارت مخاوف في البلاد.

وعلی الرغم من أن فرع خراسان لتنظيم داعش الإرهابي يعترف بالضلوع في بعض الاغتيالات الأخيرة في أفغانستان، من أجل التشكيك والتأثير في المحادثات الأفغانية المستقبلية، ولكن لم يعلن أي فرد أو جماعة مسؤوليتها عن سلسلة الاغتيالات لرجال دين وشخصيات دينية وشخصيات في أفغانستان في السنوات الأخيرة، وخاصةً في العام الماضي، وقد أدانتها حركة طالبان بشدة في الوهلة الأولی.

استمرار أزمة كورونا

كان وباء كورونا في أفغانستان، كما هو الحال في البلدان الأخرى، من أكبر مشاكل البلاد في عام 2020، والشيء الأكثر إثارة للاهتمام في مركز علاج كوفيد-19 الرئيس في أفغانستان، هو عدم وجود تدابير أساسية لمنع انتشار كوفيد-19.

في الواقع، في أفغانستان، كدولة مليئة بالمآسي والحرب، قوبل انتشار کورونا ببعض اللامبالاة والإهمال، لكن الأرقام لا تزال في ارتفاع.

ومع انتشار الفقر والافتقار إلى أنظمة الرعاية الاجتماعية لدعم الناس، فإن الأغلبية العظمى من الأفغان غير قادرين على متابعة التغييرات السلوكية ونمط الحياة الموصى بها والفعال في الحد من انتشار کورونا في أجزاء أخرى من العالم. وربما يكون هذا هو التحدي الأكبر الذي يواجه مسؤولي الصحة في أفغانستان.

كما أدت المعتقدات الدينية التي تتجاوز المشورة الطبية والميل الثقافي إلى القدر، إلى نهج للتعامل مع کورونا يكون عملياً في أحسن الأحوال ومستسلماً في أسوأ الأحوال.

حيث يفضل العديد من الأفغان الذين يعانون من الأعراض انتظار انتهاء المرض بدلاً من المخاطرة بالذهاب إلى المستشفى، والانتظار طويلاً للحصول على النتائج.

کما يسعى آخرون عموماً للحصول على العلاج الطبي، لأنهم يخشون أنه إذا ماتوا، فسيتم نقل جثثهم وحرمانهم من الدفن الإسلامي. وفي المناطق الريفية أيضاً، حيث يكون الوصول إلى المعلومات والرعاية الطبية محدوداً، يتم تجاهل النصائح الصحية إلى حد كبير.

وبسبب ضعف سعة اختبارات كورونا، يهتمّ أفراد المجتمع والصحفيون بالمؤشرات السردية لقياس شدة المرض والوفيات، ووفق ما ورد في التقارير نقلاً عن حفار قبور، ذُکر أنه قبل كورونا كان يحفر سبعة أو ثمانية قبور في اليوم، لكن هذا العدد ارتفع الآن إلى 20.

ومقارنةً بالعديد من الدول، نفذت الحكومة الأفغانية إجراءات سريعة للحد من انتشار كورونا. لكن قلة من الأفغان يستطيعون التخلي عن وظائفهم وأعمالهم، حتى مع زيادة الإصابة بکورونا.

وقال متحدث باسم برنامج الغذاء العالمي في أفغانستان في مايو، إن 44 في المئة من جميع الأفغان – أكثر من 16 مليوناً – يعتمدون على سبل العيش غير المستقرة التي قد تتعطل بسبب صدمات كورونا.

حالياً تم نسيان العديد من القيود والإجراءات لمنع انتشار كورونا، بسبب المشاكل الاقتصادية. وفي كابول، فإن الباعة الذين کانوا يبيعون الأقنعة والقفازات في أوائل مارس خوفاً من كورونا، قد استأنفوا الآن بيع النظارات الشمسية وإكسسوارات الهواتف المحمولة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق