التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

العقوبات الاقتصادية على سوريا ونفاق الخارجية الأمريكية 

لم تؤثر العقوبات الاقتصادية التي فرضتها وتفرضها أمريكا على الدولة السورية بقدر تأثيرها على الشعب السوري الذي أصبح يعاني الأمرين في ظل هذه العقوبات التي أوصلته إلى حال يرثى لها، لدرجة قد يصل فيها إلى شراء الهواء، في المقابل تتبجح وزارة الخارجية الأمريكية وتلقي اللوم على الحكومة السورية وتحملها مسؤولية ما يجري في سوريا من ظروف تعيسة يعاني منها المواطن السوري.

التصريحات الامريكية في هذا الشأن دفعت وزارة الخارجية السورية إلى الرد على بيان رد أمريكا على دعوات المقرر الخاص للأمم المتحدة، إلينا دوهان، لرفع العقوبات عن سوريا، لافتة إلى أنه يبين “إصرار أمريكا على نهج الهيمنة والغطرسة وسيطرة القطب الواحد وعدم الاستماع إلا للأصوات التي تناسب قراراتها الرعناء في المنطقة”.

جاء تصريح الخارجية السورية على لسان مصدر رسمي قال لـ وكالة الانباء السورية “سانا”: ليس غريباً ما تضمنه البيان المنشور على صفحة السفارة الأمريكية الفارغة في دمشق من أكاذيب وذلك رداً على دعوة المقرر الخاص للأمم المتحدة إلينا دوهان لرفع العقوبات عن سورية واعتبارها السبب في الظروف القاسية التي يعيشها السوريون الأمر الذي شكل صدمة لمسؤولي الإدارة الأمريكية الذين اعتادوا أن على المنظمات الدولية التقيد بتوجهاتهم.

وشدد المصدر على أن الأكاذيب ومحاولات التضليل التي تضمنها البيان الأمريكي لم تعد تنطلي على أحد وأصبحت سمة الرياء والكذب ملازمة للإدارة الأمريكية وحلفائها الغربيين ولم يعد باستطاعتهم التهرب من مسؤولية النتائج الكارثية لسياساتهم المتهورة الرعناء سواء على السوريين أم على الاستقرار والسلم في العالم.

وتابع المصدر: آن الأوان للإدارة الأمريكية أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن معاناة السوريين من خلال دعمها للإرهاب وفرض الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تخالف القوانين الدولية وشرائعها وتحرم السوريين من توفير متطلبات العيش والحياة الكريمة وتضاعف من خطورة جائحة كورونا وتعيق جهود الدولة السورية للتصدي لها.

وختم المصدر تصريحه بالقول إن نتائج هذه السياسات الأمريكية ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية ودعوة المقرر الخاص للأمم المتحدة يجب أن تشكل البداية لمحاسبة الإدارة الأمريكية على جرائمها بحق السوريين أمام القضاء الدولي المختص.

الوضع الحالي في سوريا

لا نبالغ اذا قلنا أن السوريين يعانون من ظروف اقتصادية مريرة لا تطاق، فالحرب يضاف إليها العقوبات الاقتصادية قضت على الطبقة الوسطى في الداخل السوري وأصبح الأغلبية يعيش تحت خط الفقر، ناهيك عن ان أبسط مستلزمات الحياة غير متوافرة في سوريا، فالكهرباء لا تأتي سوى 8 ساعات من أصل 24 ساعة ولا يوجد وقود للتدفئة في هذا الشتاء البارد، وما جعل الأمور أكثر قسوة انتشار فيروس “كورونا” في سوريا وعدم وجود بنية تحتية ومواد طبية ومستشفيات لديها امكانية استقبال أعداد كبيرة من المصابين، وبعد كل هذا تأتي أمريكا لتقول: “الهدف من العقوبات معاقبة “الحكومة السورية”، هم يعلمون جيداً أنهم يعاقبون الشعب السوري وليس “الحكومة” ومع ذلك مستمرون في هذه العقوبات، في مشهد لم تره الانسانية منذ قرون طويلة. ارهاب اقتصادي قذر بحق شعب يعاني الويلات ومعاقبة هذا الشعب دون وجه حق.

الصدمة اليوم بالنسبة لواشنطن أن المنظمات الدولية بدأت تتحرك وتصرخ في وجه أمريكا مع ان أغلبية قراراتها وتصريحاتها تكون منسجمة مع الإدارة الأمريكية، ولكن لم يعد أحد يملك ذرة إنسانية يستطيع تحمل ما يجري في سوريا، وحديث واشنطن الممل عن معاقبة الحكومة السورية لم يعد يجدي نفعا في العالم، فالجميع يعلم اليوم ان الادارة الامريكية تعاقب ملايين السوريين، لتكشف عن وجهها القبيح الذي اختبرناه على مدى عقود طويلة.

التقارير الأمريكية اليوم أيضا تهاجم الادارة الامريكية وطريقة تعاملها مع الملف السوري، ففي وقت سابق نشرت مجلة Foreigen Affairs الأمريكية تقريراً مفصلًا بعنوان “العقوبات الأمريكية على سوريا هل تسقط النظام أم تضر المدنيين؟”، وخلص التقرير إلى أنَّ العقوبات الأمريكية على سوريا وحلفائها، تضر بالشعب السوري ولا تخدم المصالح الأمريكية، وهذا ما جاء على لسان السفير الأمريكي السابق في دمشق روبرت فورد حيث أكد في مقال صحفي له “أن الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب تريد من العقوبات الأمريكية والغربية ضد سورية بما في ذلك ما يسمى قانون قيصر، أن تزيد من وطأة الضغوط الاقتصادية على الدولة السورية وتصور هذه الضغوط بأنها مؤشر واضح على النجاح الأمريكي في سوريا”.

الإدارة الامريكية بقيادة ترامب لم تحقق اي نصر في سوريا ومحاولاتها الدؤوبة لسلخ الشمال الشرقي عن سوريا باءت بالفشل، وما العقوبات الحالية إلا محاولة فاشلة لإفراغ مقومات الانتصار السوري، من مفاعيله ونتائجه الاستراتيجية.

ما يحدث في سوريا وتحديداً في مناطق وجود المحتلين التركي والأمريكي، مع كمّ العقوبات القسرية الأحادية الجانب، وقطع المياه عن مليون مواطن سوري في الحسكة، والممارسات التعسفية الإجرامية لميليشيا قسد من اختطاف وقتل وتجنيد للسوريين قسراً في صفوف قسد، إضافة إلى العقوبات التي فُرضت على شخصيات سورية، وبنوك تتعامل مع سوريا، لأكبر دليل على الإجرام الممنهج الذي يخالف كل القوانين والمواثيق الدولية، الأمر الذي أكده نائب وزير الخارجية الدكتور بشار الجعفري في مجلس الأمن مراراً وتكراراً، لجهة ممارسات الغرب ضد سوريا، والتي تُرهق السوريين دون وجه حق، ودون رادع أخلاقي.

العنجهية الأمريكية، سواء لجهة القوانين الأمريكية المتعلقة بإرهاق السوريين عبر عقوبات ظالمة، أو لجهة الممارسات التركية حيال سرقة القمح السوري وإرهاق السوريين في الشمال السوري عبر ممارسات ترقى لمستوى جرائم الحرب، ما هي إلا محاولات بائسة لحرف مسار الانتصار السوري على الإرهاب، وذلك لتحقيق مآرب العدو الإسرائيلي في سوريا، وإعادة عقارب الساعة إلى العام 2011، عبر تنفيذ مخطط الخنق الاقتصادي الذي يمس قوت الشعب السوري، وخاصة في ظل انتشار فيروس كورونا، وتأثيراته التي طالت كل مناحي حياة السوريين.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق