التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

سوق بمليارات الدولارات للطائرات دون طيار تبحث عن بائعين جدد 

تقوم الطائرات المسلحة دون طيار حالياً بعمليات عسكرية واستخباراتية واسعة النطاق في أجزاء عديدة من العالم، ولا سيما في غرب آسيا وشمال إفريقيا، وكانت إحدى الركائز الرئيسة للصراع في العديد من المناطق خلال السنوات القليلة الماضية.

وتتعلق الحالة الأخيرة بحرب “ناغورنو كاراباخ” والطائرات دون طيار تركية الصنع وبعض الطائرات الانتحارية الإسرائيلية التي وصلت إلی جيش جمهورية أذربيجان وتمكّنت من لعب دورها في تقدُّم الأذريين في هذه الحرب.

وعلى الرغم من أن “بيرقدار” ليست الطائرة دون طيار المسلحة الوحيدة في العالم اليوم، وبسبب تنوع المعدات المستخدمة في مختلف البلدان، فهي ليست طائرةً محليةً للجيش التركي، ولكنها من الخيارات غير المكلفة تقريباً في أسواق العالم اليوم، والتي يمكن أن تؤدي حجماً كبيراً من أداء المهام المطلوبة لطائرة دون طيار استطلاعية أو قتالية.

كانت نتائج وجود طائرات دون طيار رخيصة وفعالة مهمة جداً للجيوش الغربية، لدرجة أنها غير راضية إلى حد كبير عن هيكلها الحالي، حتی إن المسؤولين البريطانيين أعلنوا أنه من المقرر أن يتوجَّهوا نحو تطوير طائرات دون طيار منخفضة التكلفة، وذلك وفق مشروع سينفَّذ لمصلحة جيش هذا البلد بين عامي 2021 و 2025.

ويرجع هذا التحوُّل إلى التقديرات التي تظهر أن تكلفة الطائرات دون طيار مثل “بيرقدار” تتراوح بين مليون ومليوني دولار (على الرغم من أن الطرز الإيرانية الحديثة أقل تكلفةً بكثير)، لكن تکلفة طائرة دون طيار مثل “إم كيو-9 ريبر”، وهي نوع تم شراؤه من قبل البريطانيين، بنحو 20 مليون دولار.

تؤكد هذه الخطوة الجديدة من قبل جيش معروف مثل الجيش البريطاني، أهمية الانتباه إلى الطائرات دون طيار الرخيصة والفعالة. لكن قبل شرح ذلك، من الجيد الإجابة على سؤال مهم: هل کانت تركيا البادئة في تطوير الطائرات دون طيار منخفضة التكلفة في العالم؟

طائرات باهظة الثمن تحوِّلها إيران إلی رخيصة

إذا أردنا إلقاء نظرة على مفهوم الطائرات المسيرة بشكل عام، فيجب أن نقول إن أمريكا كانت البادئة في هذا المسار، وأصبح مصطلح الطائرات دون طيار ومسألة إطلاق الصواريخ من الطائرات دون طيار مع طائرة “MQ-1 بريداتور” المعروفة في العالم.

لكن في جمهورية إيران الإسلامية، استمرت الجهود المبذولة لتطوير طائرات دون طيار في مسار آخر وبعقلية مختلفة. واليوم، في ساحة المعركة، نحن نواجه إما مساحةً لا توجد فيها قوة مضادة للطائرات، أو نواجه مساحةً محميةً للتعامل مع الطائرات.

في منطقة محمية، رأينا أن طائرةً مثل MQ-9 الأمريكية تم إسقاطها عدة مرات في مكان مثل اليمن، مع الحد الأدنى من أنظمة الدفاع الجوي. وإذا كان الفضاء المعني خالياً من الدفاع الجوي، على سبيل المثال بالنسبة إلی المواجهة مع عصابة مخدرات أو جماعة إرهابية، مثل الإرهابيين المتمركزين خارج حدود شمال غرب أو جنوب شرق إيران، فنحن في الأساس لا نحتاج إلى طائرات دون طيار باهظة الثمن.

في الوقت نفسه، مع وجود أعداد كبيرة من الطائرات دون طيار منخفضة التكلفة، من السهل شن هجوم جماعي، ومع الخسارة المتعمدة لعدد من الطائرات والاشتباك مع دفاعات العدو ومشغلتها، ستصل أنظمة الأسلحة الرئيسية وتوجِّه الضربة الرئيسة، ويمكن لهذه القدرة أيضاً أن تقلل بشكل كبير من تكلفة العملية القتالية.

في جمهورية إيران الإسلامية، أصبح تطوير طائرات دون طيار مسألةً جادةً وذات أولوية عالية مع “شاهد 129”. حاليًا، لا توجد إحصاءات دقيقة عن تكلفة هذه الطائرة، ولكن نظراً لبعض أوجه التشابه بينها وبين العينات المصنوعة في البلد المجاور، يمكننا تقدير سعر يتراوح بين مليون و3 ملايين دولار- اعتماداً على الأنموذج المجهزة بالقمر الصناعي أو التحكم العادي من سلسلة شاهد 129-، لعرض هذا المنتج في الأسواق العالمية. ولا يزال هذا الرقم أقل بكثير من أغلى الطائرات دون طيار في العالم، مثل Reaper أو MQ-1C.

بالطبع، يجب أن نلاحظ أن طائرة “شاهد 129” دون طيار الإيرانية قد شاركت في تدريبات الحرس الثوري عام 2011، وفي الواقع وصلت إلى الوضع التشغيلي ودخلت الخدمة أخيراً عام 2013، هذا بينما دخلت “بيرقدار” التركية الخدمة منذ 6 سنوات.

لكن عندما ننظر إلى إيران، نجد أن الخيارات الرخيصة والمسلحة المتوافرة في إيران قد نمت أكثر في السنوات الأخيرة، إذا أردنا التحدث عن هذا المجال، فربما تكون “أبابيل 3” خياراً جيداً.

ظهرت هذه الطائرة دون طيار، التي اكتسبت شهرةً كبيرةً في أواخر الثمانينيات بتصويرها لحاملة طائرات أمريكية في الخليج الفارسي، في مجال الاستطلاع لسنوات عديدة، ولكن تم الكشف مؤخراً عن طرازها المسلح، المجهز بقنبلتين، المستديرة والعمودية المصغرة.

يتميز خيار “أبابيل ۳ المسلحة” بتصميم بسيط للغاية، مع القدرة على الإنتاج بالجملة بشكل أسرع وأرخص بكثير من العينات في فئة “شاهد 129” أو “بيرقدار”، وفي الوقت نفسه، في خيارات عمليات مكافحة الإرهاب أو مكافحة جماعات التخريب أو جماعات الاتجار بالمخدرات، فهو خيار بسيط وغير مكلف، وفعال في نفس الوقت.

الخيار الآخر المثير للاهتمام لإيران في هذا القسم هو طائرة “شاهد 133” دون طيار، وهي طائرة مسيرة صغيرة على غرار “شاهد 129” ويمكن أن تحمل قنبلتين صغيرتين موجهتين.

والأنموذج الآخر للقوات المسلحة الإيرانية في هذه الفئة هو الطائرة دون طيار من سلسلة “مهاجر 6″، والتي لا تختلف عن فئة “شاهد 129” من حيث حمل القنابل الموجهة المصغرة، ويمكنها حمل 4 قنابل، وفي الوقت نفسه، نظراً لتصميم الجسم البسيط، فإن سعرها أقل بكثير.

كما ذكرنا سابقاً، كشف إسقاط بعض طائرات بيرقدار المسيرة أنه لا يوجد أساساً شيء باسم طائرة دون طيار تركية الصنع، وأن جميع الأجزاء الرئيسة تقريباً لهذه الطائرة دون طيار، من المحرك إلى النظام البصري وأدوات التحكم، صنعت في أوروبا الغربية وكندا وأمريكا.

هذا في حين أن إيران تواجه عقوبات شديدة منذ بداية النقاش حول الطائرات دون طيار، والتي أصبحت أثقل كل يوم، ولكن في الوقت نفسه تزايدت إنجازات إيران في هذا المجال كل يوم.

والقضية الأخرى التي تُظهر أن إيران هي أول قوة رئيسة في مجال الطائرات دون طيار في العالم تتَّجه نحو طائرات دون طيار رخيصة ولكنها فعالة، هي تقدم فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ولبنان، وآخر مثال على ذلك ظهر في تدريبات الأسبوع الماضي، وحظي بتغطية كبيرة في وسائل الإعلام الإقليمية، وأظهر التقدم الذي أحرزته هذه الفصائل في هذا المجال بمشورة ومساعدة إيران.

ومن الصور التي لفتت انتباه الخبراء العسكريين والمحللين الإقليميين بعد هذه التدريبات، کانت الكشف عن طائرة مسيرة انتحارية جديدة للمقاتلين الفلسطينيين، ما يدل على أنهم دخلوا أيضاً في هذه المنافسة والمرحلة المهمة من المواجهة العسكرية.

قد لا تبدو هذه الطائرة دون طيار البسيطة والصغيرة والمبتكرة، والتي ربما تكون مصنوعةً من الخشب والفوم ولها محرك صغير ونحو 5 كجم من المتفجرات، مهمةً جداً وعمليةً للوهلة الأولى، لكن استخدام مثل هذه الأسلحة البسيطة والرخيصة سيكون بشکل رئيس من أجل فرض تكلفة باهظة على العدو الصهيوني، لمواجهة هذه الأسلحة بصواريخ باهظة الثمن.

في الواقع، إن إنتاج واستخدام مثل هذه الطائرة دون طيار أو حتى بعض نماذج صواريخ القسام، والتي تكلف القوات الفلسطينية أقل من 100 دولار، إذا تم إطلاقها على الأراضي المحتلة، فسيتعين على الدفاع الجوي للکيان الصهيوني استخدام صواريخ باهظة الثمن من نظام القبة الحديدية لاعتراضها.

وفي الماضي رأينا أن بعض المقذوفات قد مرّت عبر الحاجز الدفاعي لهذا النظام الدفاعي، وفي حال إطلاق عدد كبير وعشرات من هذه الصواريخ والطائرات دون طيار، سيصبح نظام دفاع العدو في حالة تسمى “Out Number”، بحيث لم يعد لديه صواريخ للتعامل مع التهديدات.

هذه الاستراتيجية، التي اتبعتها ونفذتها جمهورية إيران الإسلامية لسنوات عديدة في القوات المسلحة ومجموعات المقاومة في المنطقة، تستخدم الآن من قبل جيوش غربية مهمة.

ويمكننا التأكد من أن فكرة استخدام طائرات دون طيار مسلحة رخيصة، لم تبدأ من تركيا وبيرقدار، بل من إيران في الأصل، وهذه المسألة، إلى جانب تحويل قارب “بلید رانر” إلى الأنموذج العسکري، هي الاستنتساخ الأوروبي الثاني من إبداعات إيران الدفاعية رسمياً.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق