الشبكات الاجتماعية.. هل حقاًً اجتماعية أم إنها بؤر لمافيات صهيونية وأمريكية
من المعلوم والمتعارف عليه، أن شبكات التواصل الاجتماعي تقوم بدور مهم في تشكيل الرأي الحرّ العام لدى مستخدميها، وهذا ما يثبته ويؤكده الإقبال المتزايد لشرائح المجتمعات المختلفة من شتى بقاع العالم والانتماء والارتماء في أحضان هذه الشبكات، أملاً في نيل الغايات وتحقيق التواصلات.
وقد ساعدت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات السريعة على ربط ثقافات الشعوب بمختلف توجهاتها ومستوياتها، متجاوزة بذلك كل الحدود الجغرافية والضوابط والقوانين والأعراف المتداولة، الادارية والسياسية. فقدمت هذه الشبكات عروضاً لأنماط متعددة من الأفكار والآراء ساعدت بشكل وبآخر في تنمية إبداعات المشتركين وإزالة الفوارق الطبقية فيما بينهم، سواء أكانوا أفراداً أم جماعات. وصارت شبكات التواصل الاجتماعي اليوم تنافس أفضل وسائل الاعلام، المقروءة منها وغير المقروءة، والمسموعة منها وغير المسموعة، التفلزيونية والإذاعية على وجه التحديد.
شبكة التواصل، فيسبوك، هي واحدة من شبكات التواصل الاجتماعي التي أخذت حيزاً وشهرة أكثر من غيرها من شبكات التواصل الأخرى في العالم، وكما عرف عنها؛ هي شبكة اجتماعية كبيرة، بل ضخمة جداً تدار من قبل شركة فيسبوك المساهمة، التي انطلقت أولى بداياتها من جامعة هارفارد الامريكية على يد الطالب، وقتذاك، مارك زوكربيرغ.
بعد أن ذاع صيت الشبكة وصارت تحتل حيزاً كبيراً بين أوساط المشتركين في العالم، استحوذت وكالة الاستخبارات الامريكية على الشبكة بطريقة خاطفة وغير معلنة، لتوظيفها، الفيسبوك، لمصلحة تحركاتها التجسسية وعملياتها العسكرية المشبوهة. فقد ذكرت مصادر متعددة، استخدام مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك من أجل تجنيد عملاء سريين له، وذكر دوني أوسوليفان وديفيد شورتيل من شبكة الاخبار الامريكية سي ان ان، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي بات يستخدم اعلانات فيسبوك من أجل تجنيد جواسيس له من شتى بقاع العالم. وجاء في بيان للمكتب الفيدرالي أنه قرر استخدام كل الوسائل المتاحة لتحديد مواقع الأفراد الذين بحوزتهم معلومات يمكن أن تساعد في حماية الولايات المتحدة من أي تهديدات، وفق زعم المكتب. كما وأعلن إدوارد سنودن وهو موظف سابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية، لصحيفة الغارديان مسؤوليته عن تسريبه معلومات تكشف أن الولايات المتحدة تستخدم برامج سرية لمراقبة مستخدمي الانترنت مثل الفيسبوك في أي مكان في العالم عبر وكالة الأمن القومي الأمريكية. ما أدى الى أن واجه موقع فيسبوك العديد من الدعاوى القضائية بسبب الاختراقات المتكررة أو حجب أسماء أو غلق حسابات لمشتركين من كل أنحاء العالم.
ومن ضمن ممارساتهم الهمجية الارهابية اللاإنسانية واللاأخلاقية، عمد عملاء الصهيونية العالمية في فيسبوك الى إغلاق صفحة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوم الثلاثاء الخامس من يناير، كانون الثاني للعام الجاري، ما دفع الاتحاد الى إعلان استنكاره وشجبه لهذه الممارسة الخبيثة، ليضطر الى إطلاق صفحة أخرى جديدة، داعياً جميع المسلمين، والمنصفين في العالم إلى دعمها، وأرجع الاتحاد في بيان، الإغلاق إلى مواقفه الداعمة للحق ولقضايا الأمة، وخاصة القضية الفلسطينية.
ويأتي الإغلاق بعد فتوى نشرها الاتحاد عبر صفحته على فيسبوك، السبت 2 كانون الثاني، بوجوب المقاطعة الشاملة للاحتلال الصهيوني، بما فيها مقاطعته اقتصادياً، إلى أن ينسحب من كل الأراضي العربية المحتلة.
وقال البيان إنه بسبب مواقف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لمصلحة الحق ودعمه لقضايا أمتنا.. فوجئنا بخبر إغلاق صفحتنا على الفيسبوك بعد محاولات كبيرة لاختراق مواقعنا. كما أضاف: وما نقمت علينا إدارة الفيسبوك إلا أننا نقول الحق، وندافع عن قضايا أمتنا العادلة في فلسطين وفي غيرها.
إذن، وبدلاً من استثمار مواقع شبكات التواصل الاجتماعي في نشر المعرفة والكلمة الطيبة والرأي الحر بين أقطاب المعمورة، راحت القوى العظمى تسلط إرهابها وخططها المشوهة والمشبوهة في تزييف الحقائق، ونقل عدوى الارهاب من أرض الواقع الذي فرضته على شعوب عدة في المنطقة، الى العالم الافتراضي، بسبب ما تعانيه هذه القوى من ضعف داخلي مريض طالما أجج روح العداء لديها ودفع بها لتغطية ممارساتها اللانزيهة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أسست لخدمة البشرية جمعاء.
وهنا، علينا الإشارة الفورية الى ضرورة العمل على خدمة القضايا الاسلامية كل من موقعه ولو بكلمة، والدعوة للتصدي لمحاولات أعداء الاسلام، بل علينا أن نستمد من الاسلام ونهجه، المعنويات العالية والعبر لصب كل خطوة في مصلحة تنوير الفكر وتقويم الرأي لئلا ينحرف البسطاء وغيرهم وراء نوايا العدو الشريرة الذي يحاول بث الفرقة والطائفية وإرساء صور مخالفة ومغايرة لحقيقة وواقع أمتنا الاسلامية السمحاء.
كذلك، علينا المساهمة كل من موقعه، في تأسيس فكرة عالمية إسلامنا، بأنه لا يخص إقليماً معيناً أو دولة معينة، إنه دين نزل على صدر نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ليكون ديناً يملأ الدنيا من شرقها الى غربها ومن شمالها الى جنوبها، لما جاء به من قيم العدالة والمساواة والحرية.
إن الاستقلالية التي انتهجها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بأن رسخ استقلاليته بانتسابه الى الاسلام وأمته فقط، والعلمية التي أسس بها واستند إليها، ودعويته التي تبناها عن الاسلام، وغيرها من الاسباب، هي بالمحصلة ما دفعت جهات استخباراتية عميلة ترتبط بأجهزة التآمر الأمريكية والصهيونية، لأن تقف حجر عثرة أمام نداءات ودعوات هذا الاتحاد.
المصدر / الوقت