إقليم کردستان يعجّ بـ”داعش” .. هل الحلّ التضرّع لأمريكا
وسط انخراط التيارات السياسية العراقية في قضية موازنة 2021، تواصل الجماعات الإرهابية تهديد البنية السياسية والاجتماعية للبلاد على نطاق واسع.
في غضون ذلك، أكد “جمال امينكي” رئيس أركان قوات البيشمركة في إقليم كردستان، في مقابلة مع موقع “خندان”، أنه وفقاً لآخر المعلومات الاستخباراتية والأمنية، يوجد حالياً أكثر من 5000 مقاتل من داعش في العراق وإقليم كردستان.
كما أشار المسؤول العسكري في حكومة إقليم كردستان إلى أن الجيش العراقي لم يتخذ الاستعدادات اللازمة لمواجهة داعش، وأنه لم يتم تحديد موعد لإجراء محادثات بين وزارة البشمركة والجيش العراقي لمواجهة داعش وملء الفراغ الأمني.
بمعنى آخر، يرى إمينكي أن العمليات التي نُفِّذت للقضاء على داعش غير كافية، متهماً بطريقة ما الجيش العراقي والحكومة المركزية بالفشل في التعامل مع التهديد الذي يشكله تنظيم داعش الإرهابي.
ووفق المسؤول العسكري الكردي العراقي، هناك فراغ أمني خطير في منطقة “خورماتو” بمحافظة صلاح الدين و”البلكانة” في كركوك، بين مواقع القوات العراقية وقوات البيشمركة، والقوات العراقية غير قادرة على توفير الأمن في هذه المناطق، كما أن عدد الهجمات والحوادث الأمنية والإرهابية في هذه المناطق آخذ في الازدياد.
وتأتي تصريحات جمال إمينكي رئيس أركان قوات البيشمركة في إقليم كردستان، بينما شدد مسؤولون سياسيون وعسكريون آخرون في أربيل سابقًا، على عدم السماح للجيش العراقي بدخول إقليم كردستان، وطالبوا بدعم التحالف الدولي بقيادة أمريكا ضد داعش لمحاربة فلول هذه المجموعة الإرهابية.
وهکذا، هناك بعض النقاط التي يجب ملاحظتها فيما يتعلق بمواقف حكومة إقليم كردستان في محاربة داعش، والتعاون الأمني والعسكري بينها وبين الحكومة المركزية.
وجود 5 آلاف داعشي.. والخطأ الاستراتيجي لحکومة الإقليم
تعبير مسؤولي حكومة إقليم كردستان عن شعورهم بالقلق من وجود داعش على حدود الإقليم، بالنظر إلى عددهم الكبير الذي يبلغ 5000 شخص، يأتي في وقت كانت هناك شائعات منذ ظهور هذا التنظيم الإرهابي أواخر عام 2013، عن التنسيق والصلات بين أربيل وبعض شيوخ ورجال القبائل السنة الموالين لداعش، بوساطة أمريكا والسعودية. وهذا ما أكده وصول تنظيم داعش إلى أبواب بغداد، مقابل صمت أربيل وموقفها السلبي.
حتى عندما غزا داعش المناطق التي يسيطر عليها الأكراد العراقيون بعد شن هجومه في “سنجار”، تجددت التكهنات بأنهم كانوا ينسحبون عمداً من المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
وفي السنوات الأخيرة أيضاً، كان لأربيل الحد الأدنی من التنسيق مع بغداد في محاربة داعش، بحيث إنها وضعت كل بيضها في سلة ما تسمى قوات التحالف المناهض لداعش بقيادة أمريكا.
إن وجود 5000 من أعضاء داعش، هو الآن نتاج نفس السياسة التي انتهجتها حكومة إقليم كردستان، من خلال عقد الآمال علی أمريكا وأوروبا، لکن حكومة إقليم لا تزال تواصل الإصرار على استمرار هذه السياسة.
لقد حان الوقت الآن لسلطات أربيل، بدلاً من سياسة الإسقاط وتضليل الرأي العام للمواطنين الأكراد العراقيين، أن تسأل نفسها ما هي نتائج كل تعاونها مع أمريكا والغرب؟ ولولا المخططات السرية الماضية، فهل کان هناك 5000 داعشي الآن على حدود إقليم كردستان؟
محاولات أربيل للحفاظ على القوات الأمريكية والتحالف
إن تأكيد المسؤولين العسكريين في إقليم كردستان على وجود 5000 من أعضاء داعش وعدم قدرة بغداد على التعاون معهم، يعني أنهم يعيدون مناشدة الأمريكيين للمساعدة.
بطريقة ما، يعتزم الأكراد الآن لفت انتباه واشنطن إلى الحاجة إلى البقاء في العراق، عشية تولي إدارة بايدن السلطة بعد 20 يناير 2021. ويأتي هذا المطلب بعد قرار مجلس النواب العراقي في الـ 5 من كانون الثاني 2020، القاضي بضرورة مغادرة قوات الاحتلال الأمريكي العراق.
الآن وبعد أن أصبح انسحاب الأمريكيين من العراق شبه مؤكد، تعتزم أربيل تمهيد الأرضية للحفاظ على الوجود العسكري الأمريكي، من خلال إثارة قضية انعدام الأمن وعدم قدرة الحكومة العراقية على محاربة داعش.
ويأتي هذا الموقف الکردي بينما تثبت كل الأحداث الميدانية عدم صحة ادعاءات الأكراد، لأن الحشد الشعبي وقوات الجيش العراقي يوفران الآن أمن مناطق وسط وجنوب البلاد على أعلى مستوى ممكن.
على سبيل المثال، نجحت قوات الحشد الشعبي في إرساء استقرار نسبي في مدينة “كركوك”، باعتبارها أحد المراكز الرئيسة للأزمة في العراق. ولكن يبدو أن الأكراد ومن خلال عقد الآمال على الدعم الأمريكي، يكررون خطأهم التاريخي في الاعتماد على واشنطن.
التناقض بين التخوُّف من التهديد الأمني والاستناد إلی الأعذار الواهية
من ناحية أخرى، من النقاط اللافتة للنظر هي أنه إذا كان الأكراد غير قادرين حقًا على تأمين الحدود الخاضعة لسيطرتهم، وغير قادرين على التعامل مع وجود 5000 داعشي، فمن الأفضل أن يسلموا إدارة مناطقهم إلی قوات الحشد الشعبي والجيش العراقي.
لكن يبدو أن قادة الإقليم يعانون من نوع من التناقض الخطير، فمن ناحية، يزعمون أنهم غير قادرين على توفير الأمن لمناطقهم، ومن ناحية أخرى، ليسوا مستعدين للتعاون وتسليم حدودهم للجيش وقوات الحشد الشعبي. وهذا يوضح مدى عدم صحة أعذارهم وافتقارها إلی المنطق الصحيح والسليم.
المصدر / الوقت