كيف ستكون العلاقة التركية مع الإدارة الأمريكية الجديدة
هذه الأيام تنتشر الكثير من الشائعات في وسائل الإعلام التركية والإقليمية تدور حول أن أنقرة تحاول الاتصال بالرئيس الأمريكي “جو بايدن”. وتأتي هذه الشائعات وسط انتشار تقارير خلال الفترة الماضية تفيد بأن سياسات وقرارات السياسة الخارجية لـ”بايدن” لن تؤثر فقط على العلاقات بين أنقرة وواشنطن، ولكن أيضًا على علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي. وبينما تكهنت العديد من وسائل الإعلام التركية والمحللين الأتراك بشأن نهج “بايدن” تجاه تركيا، وضع معهد أمريكي خارطة طريق بشأن نهج هذا الرئيس المنتخب تجاه تركيا، بما في ذلك نظام الصواريخ الروسي “إس 400”. ويبدو أن قضية “إس 400” هي قضية حساسة واستراتيجية لواشنطن وربما لهذا السبب أعلن الرئيس التركي “أردوغان” يوم أمس الجمعة أنه لم يكن على علم بقرارات “بايدن” وموقفه، وأعرب “أردوغان” أنة لن يطلب من أي شخص الإذن لتحديث وتطوير الصناعات الدفاعية ونشر نظام الصواريخ “إس 400” في البلاد.
من الأفضل أن يتصل “جو بايدن”
أعرب “راغب صويلو”، المحلل في “ميدل إيست آي”، أنه قد مر شهر انتظر خلاله فريق “أردوغان” التنسيق وسماع مكالمة هاتفية من “جو بايدن” تؤكد أن هذا الاخير يريد التحدث والتفاوض مع “رجب طيب أردوغان” ولكن للأسف لم يتم الاتصال. ووفقًا لتقرير “صويلو”، فقد أرسلت أنقرة “محمد علي يالجين داغ”، رجل الأعمال التركي المعروف والناشط الاقتصادي الذي اتخذ سابقًا خطوات مثمرة لبناء جسر تواصل بين “أردوغان” و”ترامب”، برسالة من “أردوغان” إلى “جو بايدن” وأبلغه رسميًا أن رئيس جمهورية تركيا في انتظار مكالمته الهاتفية، لكن منذ ذلك الحين، لم يتم تلقي أي اتصال ولم يرن رقم هاتف المؤسسة الرئاسية في قصر “بيش تابيه” في أنقرة حتى هذه اللحظة.
من الممكن أن يتصل “بايدن”
تحدث وزير الخارجية التركي “مولود تشاووشو” للصحفيين حول الوضع الحالي للسياسة الخارجية التركية بعد زيارة استمرت يومين لـ”إسلام أباد” أثناء طريق عودته إلى تركيا. وأراد توضيح حقيقة أن الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” أرسل رسالة إلى “أردوغان”، تضمنت هذه الرسالة المكتوبة بخط اليد باللغة التركية عبارة: “عزيزي طيب”. ولقد تصدرت تصريحات “تشاووشو” حول رسالة “ماكرون”، عناوين صحيفة “يني شفق”، لكن مسألة انتظار مكالمة “جو بايدن” لم تكن شيئًا يتجاهله الصحفيون. ولقد قال “جاويش أوغلو”، الذي تحدث بلغة دبلوماسية: “اتصل رئيسنا بالرئيس بايدن قبل عدة أيام وهنأه. وكان هناك احتمال لإجراء محادثة بعد ذلك. لا يهمنا أي حكومة تصل إلى السلطة، سنعمل دون تحيز”.
تقرير المؤسسة الأمريكية ضد تركيا
اقترحت المؤسسة الأمريكية للدفاع عن الديمقراطيات (FDD) خارطة طريق من خمس نقاط لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة. ووصفت هذه المؤسسة الأمريكية تقريرها بأنه خارطة طريق تتكون من خمس نقاط، لكن عند قراءة أحكامها يتبين للقارئ أنها أشبه بالتهديد أكثر من كونها خارطة طريق. وأشار “إيكان دمير”، مدير البرنامج التركي في المؤسسة الأمريكية، وكذلك “فيليب كوالسكي”، خبير الأبحاث في هذه المؤسسة، في اقتراحهما إلى أنهم لا يعرفون أن تصرفات “دونالد ترامب” أضرت بالعلاقات الأمريكية التركية، وأن “جو بايدن” الآن محطم فعليًا ولقد ورث عدداً من القضايا المعقدة. وكاتبي هذا التقرير أيضًا “أردوغان” وحزب العدالة والتنمية، قائلين: إن “أردوغان قد حول جمهورية علمانية ذات توجه غربي إلى نظام استبدادي بمظهر ديمقراطي”. وفي نص تقرير هذه المؤسسة الأمريكية، هناك بعض الادعاءات الحادة ضد تركيا، والتي من أهمها ما يلي:
الف) حزب العدالة وحزب “أردوغان” يرتكزان على جماعة الإخوان المسلمين، لذلك لديه نظرة عالمية مناهضة لأمريكا ومعادية لليهود.
ب) دفعت طموحات “أردوغان” العدوانية والتوسعية إلى تدهور علاقات تركيا مع جيرانها.
ج) منذ عام 2017، تعمل أنقرة كملاذ لحركة حماس، وبالإضافة قامت تركيا بتجاهل أنشطة القاعدة وداعش في المنطقة.
د) تتعاون تركيا بشكل كبير مع أعداء الولايات المتحدة مثل روسيا وإيران وفنزويلا.
ه) نشرت تركيا قوات بالوكالة تابعة لها في منطقة شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط لتخلق بعض المشاكل لحلفاء الناتو والشركاء الإقليميين للولايات المتحدة.
و ) أخذ الرئيس التركي مواطنين أمريكيين كرهائن لإبرام صفقات سياسية مع واشنطن ولقد خلق هذا النموذج عداء بين أنقرة وواشنطن خلال السنوات الماضية.
كما ذكر تقرير المؤسسة الأمريكية للدفاع عن الديمقراطيات، أن “دونالد ترامب” قد حوّل العلاقة بين واشنطن وأنقرة إلى علاقة شخصية بينه وبين “أردوغان” وهذا الأمر ألحق أضرارًا كبيرة، والآن يتعين على فريق “جو بايدن” فعل شيء، لكي تعود العلاقات بين البلدين إلى القناة المؤسسية والتنظيمية وأن يُعاد بناؤها في إطار البروتوكولات والقواعد الدبلوماسية. ولقد أشار “أردوغان” أيضًا إلى أربعة إجراءات مهمة، يقول الخبراء إنها أضرت بهيمنة الولايات المتحدة في المنطقة وهي كالتالي:
1) تجاهل موقف ونهج مجلس الشيوخ والكونغرس الأمريكي وربط العلاقة مع جماعات الضغط في فريق “دونالد ترامب”.
2) شراء نظام صاروخي من روسيا بغض النظر عن عواقب قانون العقوبات (CAATSA).
3) تنامي قوة تركيا في ليبيا.
4) استعراض القوة التركية في شرق البحر المتوسط.
اقتراحات للضغط على تركيا
قدمت المؤسسة الأمريكية للدفاع عن الديمقراطيات، في خطابها إلى “جو بايدن”، مقترحات للضغط على تركيا، وخلاصة هذه المقترحات ليست أكثر من لكمة لأنقرة من أجل اجبارها على الانصياع لسياسات واشنطن. وتشمل هذه الاقتراحات ما يلي:
الف) دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في تركيا. حيث يواجه “أردوغان” معارضة قوية ومعارضة ديمقراطية حققت فوزًا ساحقًا في الانتخابات النهائية للبلديات في تركيا خلال الفترة الماضية.
ب) يجب على واشنطن تخصيص موارد إضافية لتحسين القدرة المؤسسية للمنظمات غير الحكومية التركية وفرض عقوبات عالمية ضد الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان في تركيا.
ج) يجب على واشنطن الضغط على الرئيس التركي لإطلاق سراح الرهائن وإطلاق سراح اثنين من موظفي القنصلية الأمريكية، تم القبض عليهم بتهم ملفقة تتعلق بالإرهاب والتجسس، وهذا مثال على المضايقات القانونية للمواطنين والموظفين الأمريكيين.
د) إنهاء التدخل السياسي في الإجراءات القانونية ضد بانك “هالك”.
ه) الضغط على أنقرة للتخلي على نظام الدفاع الجوي “إس 400” وإبعاد الاتراك عن برنامج “إف 35”.
و) تعميق التعاون في مجال الطاقة والأمن مع الحلفاء والشركاء الإقليميين في شرق البحر المتوسط.
ز) تشجيع تركيا على متابعة عملية السلام مع الأكراد.
ح) ترسيخ سيادة القانون بجعل تركيا تعتمد على الدعم الاقتصادي الأمريكي.
ومع ذلك، فإن نص ما يسمى بخريطة الطريق التي طورتها المؤسسة الأمريكية للدفاع عن الديمقراطيات ليس له قيمة علمية أو تقنية. لكنها يمكن أن تعكس على الأقل موقف بعض مراكز الفكر والمؤسسات ووسائل الإعلام الأمريكية تجاه تركيا، والتي يمكن أن تؤثر في بعض الأحيان على سياسات الحكومة. ويُظهر هذا أن تيارًا قويًا مناهضًا لتركيا قد تشكل في مجلس الشيوخ والكونغرس الأمريكيين، والذي، حتى لو لم يؤثر بشكل مباشر على قرارات “جو بايدن”، فإنه لا يزال يحاول إقناع الرأي العام بأن تركيا تقوم بالكثير من الأنشطة المناهضة للولايات المتحدة.
المصدر/ الوقت