التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

الحريري يغني على ليلاه… والشعب اللبناني يقتل بأزمات لا حل لها 

يبدو أن الأمور في الداخل اللبناني ليست في أحسن أحوالها، فهناك تعنت من عدة أطراف سياسية للوقوف في وجه أي حل سياسي يخلص لبنان من أزماته، والأسباب مجهولة، قد يكون الأمر مصالح شخصية وحسابات خاصة ولكن النتيجة المزيد من المعاناة لشعب لبنان الذي أصبح يعاني من ظروف معيشية صعبة وقاسية لم تعد تطاق، والوضع أصبح أقرب للانفجار أكثر من أي وقت مضى.

على المستوى السياسي وتشكيل الحكومة، ليس هناك أي بوادر لحلحلة الأوضاع، فجميع الاتصالات بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والرئيس اللبناني ميشال عون تعطلت، وليس هناك أي أمل بتشكيل حكومة جديدة، وما زاد الطين بلة، أزمة كورونا التي تجتاح لبنان دون التمكن من السيطرة عليها.

الحريري يفرض شروطاً ولا يريد التنازل عنها، وبالتالي لا تشكيل جديد للحكومة، وهذا ما أكده ايضا الرئيس عون، فهناك خلافات في مجالات عدة ولم يتوقف الامر عند تقسيم الحقائب الوزارية وتوزيع الحصص، فالتيار الوطني الحر لم يعد يريد “الحريري” رئيسا للحكومة ويعتبرونه “غير مؤهل”، وما زاد الامور تعقيدا الفيديو الذي تم تسريبه من مقر الرئاسة، والذي يجمع الرئيسين عون وحسان دياب، تناول فيه رئيس الجمهورية الحريري بكلام وصفته مصادِر مستقبلية بأنه “لا يليق بالموقع”. فعون الذي أكد لدياب، وفق الفيديو، أن “لا تأليف الحكومة”، اتهم الحريري بأنه “يكذب”، و”لم يقدّم أي ورقة”.

مصادر مطلعة أكدت أن رئيس الحكومة المكلف، الذي سعى بعد استقالته في الماضي من ​رئاسة الحكومة​، على خلفية ​التظاهرات​ الشعبية التي انطلقت في 17 تشرين الأول من العام 2019، إلى رمي كل مشاكل البلاد على كاهل “التيار الوطني الحر”، لم يقصّر في زيادة حدّة التوتر، من خلال طريقة تعامله مع رئيس التيار أو رئيس الجمهورية، فهو يدرك جيداً أنه لا يستطيع أن يؤلّف حكومة بعيداً عن رغبة “​الثنائي الشيعي​” أو رئيس “​الحزب التقدمي الاشتراكي​” النائب السابق ​وليد جنبلاط​، إلا أنّه في المقابل يريد تجاهل عون وباسيل.

في ظل هذا الواقع المأزوم، يبدو أن رئيس الحكومة المكلف قرّر الاهتمام بأمور أخرى، أبرزها السعي إلى إبراز قدرته على الحضور في الساحتين الإقليميّة والدوليّة، من خلال الزيارات الخارجيّة التي يقوم بها، بالتزامن مع تسريب معلومات عن دور كبير يقوم به على مستوى الوساطات بين بعض العواصم، بانتظار ما قد يحصل من تطورات، في المرحلة المقبلة، على المستوى المحلي.

في هذا الإطار، أشارت مصادر سياسية، إلى أن رئيس الحكومة المكلف يسعى من خلال ما يقوم به للإيحاء بأنه بوابة لبنان إلى ​العالم​ الخارجي، بعد أن فشل رئيس حكومة تصريف الأعمال بلعب أيّ دور يذكر على هذا الصعيد، على قاعدة أن هذا الأمر من المفترض أن يعزّز الموقع الذي يتفاوض منه، في مؤشر إلى أنه يريد أن يردّ من خلال ذلك على محاولات دفعه إلى الاعتذار عن تأليف الحكومة.

وتؤكد هذه المصادر أن ذلك لا يلغي الدور الذي من الممكن أن يقوم به بعض “المصلحين”، خصوصاً “​حزب الله​” و​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​، تقريب وجهات النظر، لكنها تلفت إلى أنّ المهمة باتت أصعب من الماضي، بسبب تعاظم الخلافات إلى الحدود القصوى، الأمر الذي يتطلب معالجة دقيقة لا يبدو أن ظروفها متوافرة في الوقت الراهن، بالرغم من كل الصعوبات التي تمر بها البلاد.
ومع التعقيدات التي تزداد، وتعثّر الإفراج عن الحكومة، قالت مصادر مطّلعة على الملف الحكومي إن “التسريبات من شأنها أن تؤخر التأليف وتزيد من الصعوبات”، وتساءلت “ما إذا كانت هذه التسريبات مقصودة لدفع الحريري إلى الاعتذار”. ولفتت المصادر إلى أن ما قيل عن مسعى يقوده حزب الله بين عون والحريري لتقريب وجهات النظر وتعجيل التأليف، إذا ما صحّ، فإنه بالتأكيد بات أمام صعوبات وعراقيل أكبر.

أمام هذا الاهتراء، انتقل ملف تأليف الحكومة إلى مرحلة جديدة من المناكفات، إما أن تُفضي الى تسوية أو انفجار. فبعد الخلاف على الحصص والحقائب والأسماء، صارت المعركة في مكان آخر، يتضح فيها أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا يريد أن يكون سعد الحريري هو الرئيس المكلف بتأليف الحكومة، بينما يردّ المقرّبون من الأخير بالتأكيد أن “لا اعتذار ولا تنازل”.

كورونا يغزو لبنان

ينتشر فيروس كورونا بقوة في لبنان ولم يعد بمقدور الدولة السيطرة عليه، والأصعب من هذا ان الدولة اللبنانية لا تملك امكانيات لمواجهة الفيروس، فلا مشافي تكفي ولا أسرة والمشافي الخاصة لا تملك سوى 1250 سريراً لمرضى كورونا والضغط يقع على كاهل المستشفيات الحكومية، والارقام تتزايد كل يوم وفي هذا الاطار أعلنت وزارة الصحة، أمس، وفاة 53 شخصاً خلال 24 ساعة، ما رفع إجمالي ضحايا الوباء إلى 1959، فيما وصلت معدلات الوفيات إلى 280 شخصاً في المليون، وهو رقم يفوق ذلك المسجل في الهند (110 في المليون) التي تحتل المرتبة الثانية عالمياً في إجمالي الإصابات. كذلك سُجلت 3144 إصابة (18 منها وافدة) من أصل 12 ألفاً و371 فحصاً فقط (نصف المعدل المعتاد للفحوصات)، ما يعني أن نسبة إيجابية الفحوصات بلغت 25%!

الحال الراهنة مرشحة للاستمرار على ما هي عليه أقله ستة أشهر إضافية، وهو الموعد الذي يفترض أن يتبيّن معه خير الإدارة الأمريكية الجديدة من شرّها فيما يتعلق بملفات المنطقة. وهذا يعني أن صورة البلاد في المرحلة المقبلة ستكون على الشكل التالي: عهد محاصر، فراغ حكومي، برلمان معطّل، استنزاف مالي واقتصادي، اتساع بؤر التوتر وبؤس اجتماعي ومعيشي متفاقم.

في المحصّلة، الحكومة باتت “أسيرة” الخلافات الشخصيّة، التي يقدّم المسؤولون عنها مبررات متعددة لتعزيز وجهة نظرهم، بينما تغيب المخارج الدستوريّة، التي من الممكن أن تنهي ​الأزمة​ بطريقة أو بأخرى، بانتظار تسوية من الممكن أن تحصل في أيّ وقت، مع العلم أن تأخّر موعدها يدفع ثمنه جميع اللبنانيين دون استثناء.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق