التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

معهد الاستخباراتي الأمريكي: النزعة الشعبوية الترامبية لن تختفي بانتهاء عهده 

وكالات ـ الرأي ـ
أكد معهد “ستراتفور” الاستخباراتي الأمريكي أن النزعة الشعبوية الترامبية في العالم لن تختفي بانتهاء عهده.

وقال في تحليل نشره على موقعه إن رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة تركت بصمة لا تمحى على السياسة العالمية.
وأشار إلى أنه برغم انتهاء عهد ترامب، ستظل القومية والشعبوية قوى مؤثرة في السياسة العالمية في المستقبل المنظور، مع تنامي الدوافع الاجتماعية والاقتصادية التي تغذيها بما في ذلك عدم المساواة في الدخل، والخوف من تأثير العولمة على الوظائف، والهوية الوطنية، والتغيرات الديموغرافية، والاستياء الشعبي من المؤسسة السياسية والاقتصادية التقليدية.
وذكر بأنه على مدى الأربعة أعوام الماضية من رئاسة ترامب، قام عدد كبير من القادة السياسيين في جميع أنحاء العالم بتقليد خطابه الشعبوي وأسلوبه وسياساته الحكومية، بدءا من الدعوات لاستعادة نوع من العظمة الوطنية “المفقودة” وانتقاد السياسيين التقليديين، إلى المواقف المتشددة بشأن قضايا القانون والنظام والنهج القومي للهجرة والتجارة.
ورأى بعض هؤلاء القادة أن استراتيجية ترامب السياسية وسيلة ناجحة لكسب الأصوات، بينما دعم آخرون الرئيس الأمريكي من أجل الاستفادة من وجود علاقة وثيقة مع البيت الأبيض.
وجمع الكثير منهم بين التحركات التكتيكية والتقارب الأيديولوجي الحقيقي مع ترامب.

وقدم التحليل في هذا الصدد نماذج لآثار خطاب ترامب مثل رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون”، الذي دعا إلى “استعادة السيطرة” على القرار في المملكة المتحدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في حين ساير حزب القانون والعدالة الحاكم في بولندا آراء إدارة ترامب بشأن القضايا الاجتماعية والسيادة الوطنية والهجرة.
ولفت التحليل إلى الخطاب العدواني لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهجماته على وسائل الإعلام بشكل مشابه لـ “ترامب”، في حين كان موقف الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو المتشدد بشأن الجريمة قريبا جدا من موقف الرئيس الأمريكي.
وفي غضون ذلك، أشادت أحزاب المعارضة اليمينية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الرابطة الإيطالية والتجمع الوطني الفرنسي، بـ “ترامب” ووعدت بتبني سياسات مماثلة إذا وصلت إلى السلطة.
وأكد تحليل “سترافور” أن العديد من هؤلاء القادة استفادوا من علاقاتهم الجيدة مع البيت الأبيض في عهد ترامب.
واستخدم بوريس جونسون تحالفه مع ترامب لإرسال رسالة إلى الناخبين في المملكة المتحدة مفادها أن الولايات المتحدة دعمت بريطانيا خلال مفاوضات التجارة الحرة المتوترة مع الاتحاد الأوروبي، حتى وإن كان الأمر انتهى بـ “جونسون” بالتوقيع على صفقة مع الكتلة.
ورأت بولندا في الحفاظ على العلاقات الوثيقة مع “ترامب” وسيلة لتحقيق هدفها طويل الأمد المتمثل في تأمين وجود أكبر للقوات الأمريكية في البلاد.
وكان اعتراف ترامب بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، والأهم من ذلك، انسحابها من الاتفاق النووي الإيراني، قدم خدمة لنتنياهو.
ومن جانبه، استخدم “بولسونارو” الخطاب العام الأولي لـ “ترامب” حول “كوفيد-19” لإثبات صحة توجهه لإعطاء الأولوية لإبقاء الاقتصاد مفتوحا مع التقليل من خطورة الوباء.
وأشار التحليل إلى أنه في الوقت نفسه، قدم تقارب ترامب الشخصي مع القادة الديكتاتوريين المثيرين للجدل، مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، دعما سياسيا من البيت الأبيض لهؤلاء القادة على الأقل لفترة من الوقت.

في الأشهر المقبلة، من المحتمل أن يصبح القادة الشعبويون والقوميون أكثر براغماتية ويتجنبون تأجيج التوترات مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن.

ويتوقع التحليل أنه في الأشهر المقبلة، من المحتمل أن يصبح القادة الشعبويون والقوميون أكثر براغماتية، وأنه وفي بعض الحالات، قد يخفف بعضهم من حدة العناصر الأكثر تطرفا في سياساتهم لتجنب تأجيج التوترات مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن.
ولفت أنه في حين أن بايدن قد يكون من أشد المنتقدين للأنظمة الشعبوية والاستبدادية مقارنة بسلفه، فإن المصلحة وليس الأيديولوجية ستظل تهيمن على علاقات إدارته الجديدة مع هذه الحكومات.
وستحتفظ واشنطن بعلاقاتها مع حلفائها الاستراتيجيين، بغض النظر عن أيديولوجية قادة هذه الدول.
وذكر أن الشيء نفسه ينطبق على الحكومات القومية والشعبوية التي تتعامل مع الولايات المتحدة.
وتوقع أن تستمر دول أوروبا الوسطى والشرقية في اعتبار البيت الأبيض الضامن النهائي ضد العدوان الروسي، ما يعني أنها ستسعى إلى التحالف مع واشنطن بغض النظر عن المسؤول.
وسيظل حلفاء الولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ أيضا يتطلعون إلى البيت الأبيض للحصول على تطمينات ضد صعود الصين، في حين سيظل التعاون مع الولايات المتحدة أحد أعمدة السياسة الخارجية لكل من “إسرائيل” والمملكة المتحدة.
ومن غير المرجح أن تُترجم نهاية عهد ترامب في الولايات المتحدة إلى نهاية الأيديولوجيات القومية والشعبوية العالمية لسبب أساسي وهو أن جميع العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي دفعت شعبية هذه المعتقدات لا تزال سائدة كما كانت دائما.
وفي الواقع، ستؤدي الأزمة الاقتصادية العميقة التي أحدثتها جائحة “كوفيد-19” إلى تفاقم البطالة وعدم المساواة والغضب من المؤسسة السياسية والاقتصادية، وهي الظروف التي دفعت “ترامب” والقادة المشابهين إلى التفكير في السلطة على مدى العقد الماضي.
ويعني هذا أن السردية التي تقول إن الحكومات لا تفعل ما يكفي لحماية الوظائف المحلية وإن الحروب التجارية وتراجع العولمة هي أفضل طريقة للفوز بالسباق ضد الاقتصادات المنافسة والشركات متعددة الجنسيات، قد وجدت لتبقى وستستمر في تشكيل السياسة العالمية في المستقبل المنظور.

ويمكن قول الشيء نفسه عن الأيديولوجية المناهضة للمؤسسية، التي تلقي باللوم على النخب الوطنية والدولية، بما في ذلك السياسيون والمنظمات الدولية ووسائل الإعلام الرئيسية، وتتبنى الخطاب الذي يربط الهجرة بالجريمة والإرهاب وتراجع الأجور.
وكانت القوى الشعبوية والقومية مزعجة للغاية للبلدان التي ظهرت فيها. وفي أوروبا الغربية، أدت إلى مزيد من الأنظمة السياسية المجزأة بسبب تحدي هيمنة الأحزاب التقليدية، ما أدى إلى حكومات أكثر هشاشة وعملية صنع سياسات أطول وأكثر تعقيدا.
وفي غضون ذلك، شهدت أوروبا الشرقية صعود الحكومات التي أضعفت سيادة القانون، وأدت إلى تهميش الأقليات، وزادت من الضغط على وسائل الإعلام الناقدة.
وفي الولايات المتحدة، عمقت طبيعة “ترامب” الشعوبية الانقسامات الاجتماعية والسياسية بطرق قد تستغرق عقودا لإصلاحها.
وبحسب التحليل ففي الأعوام القادمة، سيستمر هذا المناخ السياسي المتغير في إجبار قادة أحزاب الوسط في جميع أنحاء العالم على التحرك إما إلى اليمين أو اليسار أكثر لجذب الناخبين بسبب الاستقطاب المتزايد، ما يجعل تحقيق الإجماع السياسي والاجتماعي صعبا بشكل متزايد.
وبالرغم من اعتبارها “ترامبية”، فإن معظم السياسات المرتبطة بإدارة “ترامب” لم تولد معه ولن تنتهي برئاسته.
وفي الواقع، كان العديد من أقران ترامب الأيديولوجيين في السلطة قبل فترة طويلة من انتخابه، ومن المرجح أن يصمدوا بعده عدة أعوام.
ومن المؤكد أن الكثيرين سيتبعون خطاه في المستقبل.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق