التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

اللبنانيون بين مطرقة الأزمة الاقتصاديّة وسندان كورونا.. إلى متى يستمر العجز الحكوميّ 

مع استمرار حظر التجول في لبنان بسبب الإجراءات الاحترازيّة في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد، عادت الاحتجاجات الشعبيّة إلى الشارع اللبنانيّ، اعتراضاً على تمديد قرار الإغلاق العام الذي أعلنته الحكومة حتى 8 شباط القادم، ورغم وعود الحكومة بتعويض العاملين المياومين ودعم العائلات الأكثر فقراً بمخصصات ماليّة، شهدت 3 مدن رئيسة تحركات احتجاجيّة رفضا للتدهور الاقتصاديّ والمعيشيّ في لبنان.

غضب شعبيّ

بسبب الغضب الشعبيّ العارم إزاء الأوضاع المعيشيّة الصعبة في ظل الإغلاق، انطلقت الاحتجاجات الشعبيّة الأكبر في مدينة طرابلس شمالي البلاد، قبل أن تمتد إلى معظم المناطق اللبنانيّة، بدءاً من صيدا جنوبا التي أقدم المحتجون فيها على إغلاق دوار “إيليا” وسط المدينة تضامناً مع طرابلس واحتجاجاً على ما وصفوها “سياسات التجويع” الحكوميّة، وليس انتهاء بالعاصمة بيروت، حيث خرج عدد من المتظاهرين بمظاهرة وسط المدينة، رفعوا خلالها شعارات تُحمّل الطبقة السياسيّة مسؤولية الانهيار الاقتصاديّ.

وفي هذا الصدد، شهدت مناطق لبنانيّة كثيرة قطعاً للطرق الرئيسة، بينها شتورة وتعلبايا، وسعدنايل والمرج في منطقة البقاع، وطريق المنية الدوليّ شمالاً، وفي منطقة الجية، وبرجا، على الأوتوستراد الساحليّ جنوباً، فيما قطع محتجون جسر الرينغ وطريق الصيفي في بيروت، إضافة إلى ذلك شهدت الاحتجاجات قطع طرقات في منطقة كورنيش المزرعة وعلى جسر سليم سلام والدورة، احتجاجاً على الأوضاع المعيشيّة الصعبة وتضامناً مع مدينة طرابلس والموقوفين فيها، وأقدم المتظاهرون اللبنانيون على قطع طريق “جسر الرينغ” الحيويّ في العاصمة لنحو نصف ساعة، قبل أن يعاد فتحه وسط حضور مكثف لعناصر قوى الأمن الداخلي، ولم تسفر الاحتجاجات الغاضبة عن وقوع أيّ مواجهات حادة، لكن الشرطة استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع، في حين قام بعض المحتجين برشقهم بالحجارة.

ومنذ أيام على إعلان الحكومة اللبنانيّة تمديد الإغلاق الكامل، ضمن تدابير مواجهة كورونا، والتي تتضمن إغلاق المؤسسات والمحلات التجاريّة، ضج الشارع اللبنانيّ الذي يعيش أزمة اقتصاديّة خانقة، وقام محتجون برشق مكثف للحجارة على مبنى سرايا طرابلس الحكوميّ، احتجاجاً على الإقفال العام ومحاضر الضبط التي تنظم بحق المخالفين، والأزمة الاقتصاديّة الخانقة ما أدى إلى تضرر عدد من السيارات.

يشار إلى أنّ أزمة فيروس كورونا زادت طين الأزمة الاقتصاديّة بلة في البلاد، التي يمر بأسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهليّة بين عامي 1975 و 1990، ما أفرز تراجعاً غير مسبوق في قيمة الليرة اللبنانيّة مقابل الدولار ودمر قدرتها الشرائيّة، في ظل الوضع الاقتصاديّ المأساويّ الذي يعيشه معظم المواطنين اللبنانيين.

قرار حكوميّ

جاء القرار الحكوميّ اللبنانيّ، للتخفيف من آثار فيروس كورونا، لكنه انعكس سلباً على هذا الموضوع، الذي فجر التحركات الشعبيّة للبنانيين الذين يعيشون التزاماً لا بأس به من ناحية الإغلاق العام المفروض من قبل السلطات، بسبب الانتشار الكثيف لكورونا وبلوغ القدرة الاستيعابيّة للمستشفيات حدها الأقصى، وإنّ الاحتجاجات خرجت من طرابلس مدينة التجار والمياومين، التي تعتبر من أكثر مدن لبنان فقراً، وفق مواقع إخباريّة.

وأقدم المحتجون الغاضبون بقطع طرق رئيسية في عاصمة الشمال بالإطارات المشتعلة والعوائق، في حين جابت المظاهرات أحياء عدة من المدينة بينها القبة وساحة عبد الحميد كرامي، مطلقة شعارات تندد بالإقفال العام والسياسات الحكوميّة التي لم تعوض عليهم أو تقدم لهم أيّ مساعدات خلال الأيام والأشهر الماضيّة التي شهدت إغلاقاً عاماً.

وفي هذا الخصوص، استقدم الجيش والقوى الأمنيّة اللبنانيّة، تعزيزات إضافية، وقد تعرض عدد من المحتجين للاعتقال في حين تم تفريق الباقين بالقوة، الأمر الذي رفع من حدة التوتر في طرابلس، حيث استمرت التظاهرات حتى ساعات متأخرة بعدما أعلن المحتجون بقاءهم في الشارع إلى حين النظر في أوضاعهم الاقتصاديّة المزرية.

من ناحية أخرى، أعلن الصليب الأحمر اللبنانيّ، أنّ 6 فرق إسعافيّة قامت بمهمة إسعاف الجرحى في ساحة النور وعمدت إلى نقل 12 منهم لمستشفيات المنطقة إضافة إلى إسعاف 29 حالة في موقع الاحتجاجات، فيما أشارت الوكالة الوطنيّة للإعلام إلى سقوط عدد من الجرحى في صفوف القوى الأمنيّة من حرس السرايا وقوات مكافحة الشغب.

وتأتي تلك التطورات، بعد 10 أيام من الإقفال التام سجل خلاله الأهالي التزاماً بالقوانين، وانتظروا على أساسه تعويضات وعدت بها الحكومة اللبنانيّة للعائلات الأكثر فقراً لكنها لم تنفذ على أرض الواقع، وهذا ما جعل الأمور تتجه إلى التصعيد، إضافة إلى أنّ الحالة المعيشيّة وصلت إلى وضع مأساويّ غير قابل للتحمل بالنسبة للمواطنين بمختلف مجالاتهم وخاصة أصحاب المحال التجاريّة أو بسطات بيع الألبسة أو سائقين عموميين أو أصحاب الأفران وغيرهم، إضافة إلى عدد هائل من الشبان العاطلين عن العمل.

ويؤكّد المحتجون أنّ الدولة كانت على علم مُسبق بالظرف الشعبيّ في المدينة خلال الأيام الماضية، وهددوا السلطات بخرق الإقفال العام وقوانين حظر التجول، كما صدرت تقارير أمنيّة متعلقة بالمزاج السائد هناك، ومع ذلك لم يتحرك أحد لضبط الوضع أو تهدئة الناس عبر إرشادهم لحقوقهم أو تعويضهم عليها، بل آثر المسؤولون على الصمت المعتاد تجاه المدينة وأهلها إلى أن انفلت الشارع، بحسب مصادر إعلاميّة.

ختاماً، لا يبدو أنّ الأمور في لبنان متجهة نحو الأفضل، زخاصة في ظل الأزمة الاقتصاديّة الخانقة وانتشار كورونا، ما يعني مزيداً من التصعيد والتظاهرات في الشارع اللبنانيّ الذي يعيش الأمرين نتيجة لذلك، في ظل شلل حكوميّ عن انقاذ لبنان من المشكلات الاقتصاديّة الكبيرة وعجز المسؤولين عن مساعدة الشعب الذي لم يعد يهمه انتشار الفيروس ومخاطره أكثر من كونهم يموتون جوعاً، وبرأيهم فإنّ هذا المرض لن يكون أسوأ من معاناتهم بسبب الإهمال الرسميّ، والتدخلات الأجنبيّة، وخاصة السعودية منها، حيث إنّ الرياض تشكل حجر الزاوية في فشل تشكيل الحكومة اللبنانيّة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق