التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

موجة احتجاجات ضد تأجيل الانتخابات المبكرة في العراق 

في 20 كانون الثاني (يناير) 2021 أعلن مجلس وزراء العراقي خلال اجتماعه تأجيل الانتخابات المبكرة. وفي وقت سابق ، حدد مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء العراقي يوم 6 يونيو 2021 موعدًا لإجراء انتخابات مبكرة ، ولكن وفقًا للإعلان الجديد لمجلس الوزراء ، فقد تم تأجيل هذه الانتخابات إلى 10 أكتوبر ، 2021. يشار إلى أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق اقترحت مؤخرًا تأجيل الانتخابات البرلمانية العراقية حتى 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2021.

ومع ذلك ، أثار القرار الجديد لحكومة مصطفى الكاظمي ردود فعل شديدة من العديد من قبل القوى والأحزاب السياسية العراقية ، وترى معظم هذه التيارات أن تأجيل الانتخابات أمر غير دستوري. في غضون ذلك السؤال هو لماذا قرر الكاظمي تأجيل الانتخابات لنحو 4 أشهر؟ هل هنالك دافع وراء القرار أم إنه نتيجة لأسباب فنية وعدم استعداد الحكومة لإجراء الانتخابات؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال ، يبدو أولاً أنه من الضروري دراسة تبريرات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وردود فعل التيارات السياسية.

ذرائع المفوضية العليا المستقلة لتأجيل الانتخابات

في أجواء العراق السياسية الملتهبة ، يحظى أي قرار سياسي ، وخاصة إذا كان يتعلق بالانتخابات النيابية ، باهتمام جدي من التيارات والمراقبين السياسيين. وفي هذا الصدد نرى أن سبب تأجيل الانتخابات المبكرة تم بحثه من قبل المفوضية العراقية العليا للانتخابات.

وفي هذا الصدد ، يبرر رئيس المفوضية العليا للانتخابات ، جليل عدنان خلف ، في مخاطبته الكاظمي ، أسباب تأجيل الانتخابات المبكرة قائلا: ” حرصا من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على اجراء انتخابات متكاملة نزيهة وعادلة ونظرا لانتهاء المدة المحددة لتسجيل التحالفات السياسية ولقلة عدد التحالفات المسجلة في دائرة شؤون الاحزاب والتنظيمات السياسية للفترة المحددة في جدول العمليات ما يتطلب تمديد فترة تسجيل التحالفات وما يترتب على ذلك من تمديد فترة تسجيل المرشحين ولافساح المجال امام خبراء الامم المتحدة والمراقبين الدوليين ليكون لهم دور في تحقيق اكبر قدر ممكن من الرقابة والشفافية في العملية الانتخابية المقبلة ولضمان نزاهتها وانسجاما مع قرار مجلس الوزراء بشأن توسيع التسجيل البايومتري واعطاء الوقت الكافي للمشمولين به واكمال كل الاستعدادات الفنية .. وحيث ان تمديد فترة تسجيل التحالفات تستدعي تمديد موعد الانتخابات المعلن وبعد مراجعة الجدول الزمني للعملية الانتخابية المعد من الادارة الانتخابية بمشورة الامم المتحدة قرر مجلس المفوضين بموجب قراره رقم 1 للمحضر الاستثنائي 5 المؤرخ في 17 /1/2021 اقتراح يوم 16 /10/2021 موعدا لاجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة

ردود فعل القوى السياسية على تأجيل الانتخابات

على الرغم من أن الدور الفني للحكومة وعدم قدرتها على الاستعداد للانتخابات يلعب دورًا رئيسيًا في تأجيل الانتخابات ، إلا أنه يبدو أن التيارات السياسية العراقية تعارض التأجيل وتعتبر قرار حكومة الكاظمي غير قانوني.

الشيعة: يمكن أن نعزو أهم مستوى من ردود الفعل من التيارات السياسية العراقية إلى التيارات السياسية الشيعية. وفي هذا الصدد ، أصدر تحالف الفتح في مجلس النواب العراقي بقيادة هادي العامري بيانا أعرب فيه عن استيائه الشديد من التأخير في إجراء الانتخابات النيابية المبكرة ، مؤكدا أن ذلك مخالف للاتفاقات. وقال البيان: “يعرب تحالف الفتح عن استيائه الشديد من تأجيل الانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها في 6 يونيو 2021. وهذا يتعارض مع كل الاتفاقات التي تقضي بإجراء انتخابات في موعد أقصاه عاما واحدا بعد تشكيل الحكومة.

كما رد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري وزعيم تحالف سائرون في البرلمان العراقي على ذلك في تغريدة على تويتر كتب فيها: “نأمل أن يكون اقتراح مفوضية الانتخابات اقتراحا مهنيا خالصا لإتمام كل آليات الانتخابات وإجرائها بإجراءات مقبولة”.

واضاف “كما نأمل أن تكون بعيدة عن التدخلات السياسية والحزبية والطائفية والعرقية”، مشيرا الى انه “إذا كان التأجيل لأسباب مهنية فسنذعن وإلا فانتظروا قرارنا.. على أن يكون آخر تأجيل للانتخابات المبكرة التي وعدت الحكومة بإجرائها لدرء الفساد والظلم والاحتلال والتطبيع”.

وقال السيد عمار الحكيم رئيس ائتلاف “عراقيون” في كلمة ألقاها في البصرة ردا على تغيير توقيت الانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة “نحذر مفوضية الانتخابات من تكرار أو تأجيل الانتخابات من موعدها المحدد في تشرين الأول. وقال “كنا نأمل أن تلتزم الحكومة بالموعد النهائي لإجراء انتخابات مبكرة في 6 يونيو”.

الأكراد: على عكس التيارات السياسية الشيعية ، كان رد فعل الحزبين الرئيسيين في سلطة الاقليم مختلفًا. من جهة رحب الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني بالتأجيل. وفي هذا الصدد ، اعتبر “ريبين سلام” عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي ، ردا على هذا القرار ، أنه قرار جيد وقال: “يجب توفير الوقت والظروف الكافية لنجاح الانتخابات”. وأضاف إنه يجب توفير الظروف المناسبة لنجاح الانتخابات، على أن تحديث معلومات الناخبين سيستغرق وقتًا ، اضافة الى عودة العائلات النازحة إلى مناطقها ، وأنه يجب الانتهاء من الشروط الأخرى لانتخابات ناجحة ، بما في ذلك تسوية المناطق المتنازع عليها.

من جهة أخرى ، انتقد حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ، بزعامة لاهور شيخ جنكي وبافل طالباني ، تأجيل الانتخابات المبكرة. وفي هذا الصدد ، يؤكد بيستون عادل ، العضو البارز في الاتحاد الوطني ، أن “توقيت الانتخابات يجب أن يتحدد بتقديم كتاب رسمي من رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب وتصويت النواب على اقتراح رئيس الجمهورية ولم يحدث اي من ذلك حتى الان “.

فك تشفير تأجيل الانتخابات: أسباب فنية أم سياسية؟

على الرغم من ادعاء المفوضية العراقية المستقلة للانتخابات أن هناك حاجة إلى مزيد من الوقت للتحضير لانتخابات مبكرة ، يمكن رؤية عامل أساسي في ذلك وراء كواليس المنافسة السياسية.

الكاظمي والوعود المنجزة: كان مصطفى الكاظمي ، الذي يتولى رئاسة الحكومة العراقية منذ 7 مايو 2020 ، شخصية أتت الى السلطة لتجاوز الأزمة أكثر من كونه رئيس وزراء مستقر. وقد أتت احتجاجات المواطنين العراقيين التي أدت إلى استقالة عادل عبد المهدي إلى الكاظمي في السلطة كرئيس مؤقت للوزراء حتى الانتخابات القادمة.

في بداية فترة ولايته ، وعد مصطفى الكاظمي المتظاهرين والشعب العراقي بأنه سيجري إصلاحات كبيرة في الهيكل الاقتصادي للبلاد ضد الفساد وتمهيد الطريق لانتخابات مبكرة. في الواقع ، يدرك الكاظمي جيدًا حقيقة أنه فشل في الوفاء بوعوده وأنه لن ينجح ، وهو ما سيشكل على الأرجح نهاية حكمه.
لذلك يمكن القول الآن إن تأجيل الانتخابات المبكرة هو نوع من شراء الكاظمي للوقت للبقاء في السلطة ، وعمله مخالف لاتفاقاته ووعوده الأولية وقت توليه الحكم. ةيبدو الآن أنه يحاول شراء بضعة أشهر لتكثيف جهوده لتشكيل حزب سياسي جديد حتى يتمكن من استعادة رئاسة مجلس الوزراء.

الجو السياسي العراقي تجاه الانتخابات

هناك سبب آخر للمواجهة بين النقاد وأنصار تأجيل الانتخابات وهو بالتأكيد التصور والتحليل لدى الجماعات السياسية لأجواء المجتمع ودرجة تقبل الخطابات الانتخابية المختلفة في الوضع العراقي الحالي.

وعليه ، ونظراً لتوقعات المجتمع من صندوق الاقتراع الذي يدعم بشكل أساسي خطاب مكافحة الفساد ، فإن وجود شخصيات جديدة وشابة وخبراء في القوائم الانتخابية ، والمدافعين عن استقلال العراق من التدخل الأجنبي ، وحراس الأمن ضد الإرهاب ، والاهتمام الأساسي بمطالب المعيشة مثل القضاء على البطالة وتراجع التضخم وما إلى ذلك ، فإن الجو الحالي للمجتمع العراقي لا يتماشى بأي حال من الأحوال مع المصالح الأمريكية والتيارات العلمانية القريبة من الغرب.

بطبيعة الحال ، في ظل هذه الظروف ومع رحيل ترامب من البيت الأبيض ، تأمل الجماعات والشخصيات المقربة من الولايات المتحدة في أن تؤدي دبلوماسية بايدن اللينة وتخفيف التوترات في البيت الأبيض في العراق إلى تغيير الجو السياسي للمجتمع حتى موعد انتخابات جديد.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق