التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

هل حقاً الولايات المتحدة تريد الخير للسوريين 

ما يقارب العشر سنوات والأزمة السورية مستعرة ولم تهدأ نارها يوما واحداً. أسباب كثيرة تقف خلف استمرار العنف هناك، وفي كل مرة يعتقد السوريين أن الأمور تتجه نحو التهدئة والأمان يجدون أنها أبعد ما تكون عن ذلك، من يقف خلف كل هذه الفوضى؟.

الولايات المتحدة الأمريكية تحاول دائما أن تقدم نفسها على أنها تريد حماية السوريين والدفاع عنهم، ولكي تثبت ذلك مدّدت يوم الجمعة العمل بإجراء مؤقّت يسمح لآلاف السوريين الذين تشهد بلادهم حرباً، بأن يبقوا على الأراضي الأميركية رغم انتهاء تأشيراتهم.

و”حالة الحماية المؤقّتة” (تي. بي. إس) التي مدّدها القائم بأعمال وزير الأمن الداخلي ديفيد بيكوسكي تسمح لنحو 6700 سوري، كانوا سيُضطرّون إلى المغادرة، بأن يبقوا في الولايات المتحدة حتى سبتمبر 2022. يذكر أن هذه الحماية كانت ستنتهي في 31 مارس المقبل.

كما سمحت الولايات المتحدة لـ1800 سوري إضافي بأن يُقدّموا طلبات للحصول على هذه الوضعية.

بهذه الصورة قدمت الولايات المتحدة الامريكية للعالم أنها تخاف على السوريين وتريد حمايتهم من براثن الحرب. نحن هنا نتكلم عن قرابة الـ 7000 سوري على الاراضي الامريكية، ولكن ماذا عن ملايين السوريين الذين يعانون الأمرين بسبب التواجد الامريكي على الاراضي السورية؟.

في الفترة التي بدأ الرئيس الامريكي الجديد جو بايدن ولايته الجديدة، بدأت الفوضى تعود إلى سوريا تدريجيا من خلال اعادة تفعيل التنظيمات الارهابية وعل رأسها “داعش” التي عادت لتهاجم المواطنين وقوافل الجيش السوري، وهذا ما هو إلا غيض من فيض، فالقادم سيثبت للعالم ماذا يعني قدوم بايدن للحكم، فجميع من هو متفائل بإدارة بايدن نقول له ستكون أسوء دورة أمريكية على الاطلاق، فالولايات المتحدة الامريكية بجميع اداراتها الديمقراطية والجمهورية لم تجلب لهذه المنطقة سوى الدمار والخراب والفوضى، وكل ما تحاول تقديمه على انه لحماية المدنيين هو نفاق فذر.

لو كانت الولايات المتحدة الامريكية تريد الخير للسوريين، لما كانت تواجدت اساسا على الاراضي السورية بدون رغبة الحكومة السورية، فهذا تعدي على السيادة، ولو كانت تريد الخير لما كانت تعمل على تقسيم سوريا ودعم “قسد” و”داعش” من اجل التمهيد لتقسيم سوريا، وحاليا جميع المؤشرات تؤكد استمرار سياسة أسلافه دونالد ترامب وباراك أوباما، أو ربما الانتقال إلى سياسة أكثر عدائيّة.

ومن الواضح من خلال تحركات “قسد” و”داعش” الأخيرة، أن هناك محاولة لتسخين وتوتير الأوضاع في سوريا، ومن يمسك بالملف الأميركي في شرق سوريا، هو من يحرص على التسريع والتسعير في خلط بعض الأوراق في المنطقة، قبل أن يعلن بايدن سياسته الواضحة في سوريا.

لذلك نشهد مؤخراً نشاطاً كبيراً في سوريا، أولاً من خلال استقدام مسلحي داعش من سجون “قسد” في الشمال إلى قاعدة “التل”، وهناك رصد تحركات هذه الخلايا التي هاجمت عناصر وحافلات للجيش السوري أكثر من مرة منذ نهاية العام 2020 وحتى اليوم.

بالإضافة إلى ما تفعله “قسد” في الحسكة وقامشلي، وكيف حاصرت مناطق تواجد الدولة والجيش السوري، ولا تزال تضرب هذا الحصار منذ أكثر من 10 أيام، من دون أن تسمح بدخول المواد الغذائيّة والأدوية والمساعدات الانسانيّة.

هذه التحركات، هي ما تبني عليه واشنطن في محاولة لخلط جميع الأوراق، بمواجهة الجيشين السوري والروسي في المنطقة.

بايدن يريد القول بهذه الطريقة أنه يريد فعل شيء ما وإحداث تغيير في سوريا، وبنى سياسته منذ البداية على أساس التناقض مع ادارة ترامب السابقة، التي يتهمها بأنها أفقدت الولايات المتحدة نفوذها في سوريا.

ما تفعله “قسد” هو بوضوح محاولة لجرّ روسيا إلى صدام مباشر معها، وبالتالي إلى إعادة تسخين المنطقة، بطريقة رد الفعل من قبل الحكومة السوريّة وحلفائها وتحديداً موسكو.

وليس من الواضح بعد، كيف سيكون التعاون الأميركي-الروسي في سوريا مع الإدارة الجديدة.

السفير الروسي لدى الولايات المتحدة الأميركيّة أناتولي أنطونوف، كان أكد مؤخراً أن واشنطن وموسكو “بإمكانهما التعاون في سوريا”، خاصةً في المسائل الإنسانيّة وعودة النازحين السوريين فضلاً عن مكافحة الإرهاب

لكن أنطونوف شدد في الوقت نفسه، على أن أيّ تعاون أميركيّ روسيّ “يجب أن يحترم ويحفظ سيادة الدولة السوريّة”.

وبخصوص “داعش”، يبدو أن هناك محاولة لإعادة بعثها من جديد، وهي الملعب الذي تمارس فيه أميركا نشاطها.

من الجدير القول، أنّ السياسة الأميركيّة الجديدة تجاه سوريا قد تكون أكثر عدائية من سياسة ترامب، ولكن ليس أكثر عدائية من سياسة أوباما، التي كان لها دور كبير في صناعة “داعش”.

ورأى متحدثٌ باسم وزارة الخارجية الأميركيّة اليوم الخميس، أن قوات سوريا الديمقراطيّة “لن تتمكن من الاستمرار في قطع دابر الإرهاب وحدها”، مشيراً إلى أن “واشنطن تتعاون عن قربٍ مع شركائها في شمال سوريا وشرقها”.

يذكر أنّ “قسد” كانت ضاعفت منذ أكثر من أسبوعين، حصارها على الأحياء الخاضعة لسيطرة الجيش السوري، في مدينتي الحسكة والقامشلي، من خلال إغلاق كافة المداخل والمخارج لهذه الاحياء، والتضييق في إدخال المواد الغذائيّة والطحين إلى هذه الاحياء، تزامناً مع قطع الجيش التركي والمجموعات المسلحة التابعة له المياه عن مدينة الحسكة وأريافها.

في هذه المرحلة يتمركز الاحتلال الأمريكي في شمال شرق سوريا، المنطقة التي كانت تفيض على سوريا بالخيرات، وهي بالحقيقة غلة سوريا ومركز مؤنها من المحاصيل الزراعية والثروات النفطية، ونظرا لتواجد الاحتلال الأمريكي سابقا في العراق، وجد في الشمال السوري خاصرة رخوة يمكن احتلالها لسببين:

الأول: المساحات الشاسعة التي تمتد عليها هذه المنطقة وعدم قدرة الدولة السورية على ارسال أعداد كافية لحمايتها

الثاني: تواجد “الأكراد” حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية، الذين يقدمون لها ما تريد ويساعدوهم في سرقة خيرات سوريا وتهريبها، ويقبلون بكل سرور أن تستخدم واشنطن كأدوات لمشاريعها القذرة.

وتستمر عمليات السرقات الأمريكية في نهب الثروات السورية وخصوصا النفط والحبوب بشكل يومي وتحت حماية ميليشيا “قسد” التي تسهل عمليات دخول وخروج المستعمر الذي يقوم يوماً بعد يوم بعمليات السرقة العلنية.

وليس جديدا على الولايات المتحدة سرقة المحاصيل السورية والانتقام من السوريين، ففي وقت سابق أقدمت طائرات تابعة للجيش الأمريكي على إحراق مئات الدونمات من حقول القمح والشعير عبر رميها “بالونات حرارية” فوق الأراضي الزراعية في خمسة قرى بريف بلدتي تل براك والهول جنوب شرقي الحسكة السورية.

الخدمة الوحيدة التي يمكن ان تقدمها الولايات المتحدة الامريكية لسوريا هو الخروج من اراضيها ونقطة آخر السطر.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق