أمين عام شيوخ العرب في العراق وبصحبته حقيبة وعود
في حين أن الوضع المتردي لمجلس تعاون الخليج الفارسي في السنوات الأخيرة لم يتحسن حتى بعد المصالحة الأخيرة بين قطر والدول المحاصرة، ويقضي الأمين العام أياما حافلة في صياغة سياسات المنظمة لفترة ما بعد المصالحة، فقد قرر جعل العراق وجهة سفر إقليمية له في مثل هذه الظروف. وعلى الرغم من أن أجندة نايف الحجرف للمحادثات مع المسؤولين العراقيين كانت لتعزيز العلاقات مع العراق ودعم دول مجلس التعاون الخليجي لبغداد في الحرب ضد الإرهاب، فإن الغرض من هذه الزيارة يتجاوز أجندة المباحثات.
استعادة الكرامة في العراق
تأتي زيارة الأمين العام للعراق في وقت تكافح فيه بغداد لمواجهة عودة ظهور داعش والمخاوف من انتشار الأعمال الإرهابية في الأسابيع الأخيرة. حيث نفذ الحشد الشعبي والجيش العراقي عدة عمليات واسعة النطاق العام الماضي لتطهير ما تبقى من مراكز داعش السرية في المحافظات الوسطى والسنية، والتي تم فيها تنفيذ أعمالا إرهابية وانقسامية.
أما الآن، ومع المطلب العام بانسحاب قوات الاحتلال الأمريكية من العراق، فقد كثفت العناصر التكفيرية من جديد عملياتها وتحركاتها من خلال الدخول عبر الاراضي السورية لجعل العراق غير آمن وجعل القوات الأمنية عاجزة عن ضمان أمن البلاد. وفي الوقت نفسه، فإن أصابع اتهام الرأي العام في العراق تتوجه نحو الجهات الأجنبية الراعي المالي والاستخباراتي والعسكري لإرهابيي داعش نحو السعودية. حيث ان هدف السعوديين هو الحفاظ على الأزمة في المحور الجغرافي للمقاومة ومحاولة إبقاء القوات الأمريكية وقوات الناتو في العراق والمنطقة. بطبيعة الحال، مع إصرار امريكا على استمرار الوجود في العراق واحتمال المواجهة مع حركات المقاومة العراقية، يمكن أن يكون ذلك بهدف التأثير على السياسة الإقليمية لحكومة بايدن، وخاصة تجاه إيران.
لكن في هذه الحالة، يمكن ملاحظة أن مهمة الأمين العام لمجلس التعاون تغيير المناخ السلبي الذي تشكل ضد التدخل السعودي المدمر في العراق من خلال الذهاب إلى بغداد وإعلان دعم العراق حكومة وشعبا في محاربة الإرهاب. وبحسب بيان صادر عن الحكومة العراقية، أكد الحجرف في محادثاته مع المسؤولين العراقيين، دعم مجلس التعاون للعراق في تحقيق أمنه واستقراره وسيادته. وأضاف أن دول مجلس تعاون الخليج الفارسي تقدر تجربة العراق الناجحة في محاربة الإرهاب.
الانشقاق في بغداد
لكن هناك قضية مهمة أخرى لهدف زيارة الأمين العام للعراق حيث يمكن أن تكون الضربة الأخيرة على السعودية من خلال طائرة بدون طيار أقلعت من الأراضي العراقية. لم يبدي السعوديون اي رد فعل الأسبوع الماضي بعد أن أعلنت جماعة عراقية مسؤوليتها عن هجوم بطائرة بدون طيار على الأراضي السعودية (ردًا على دعم الرياض للإرهاب في العراق)، لذلك فمن المرجح جدًا أن يكون الحجرف قد نقل رسالة الرياض إلى حكومة الكاظمي حول هذا الحدث.
وهذا بدوره سيخلق شرخاً بين الحكومة والجماعات السياسية والعسكرية التابعة للمقاومة في العراق. حيث ترى السعودية وامريكا أن وجود الحشد الشعبي في النسيج العسكري والسياسي والاجتماعي العراقي يمثل عقبة رئيسية أمام مؤامراتها المزعزعة للاستقرار.
التفاوض مع طهران
البعد الآخر المحتمل والخفي الذي يمكن أن يكون على جدول أعمال المباحثات بين المسؤولين العراقيين والأمين العام لمجلس التعاون هو دراسة شروط المباحثات بين مجلس التعاون (بتعبير أدق، السعودية والإمارات) مع إيران.
أعلن العراق عن استعداده للوساطة بين إيران والسعودية، سواء في عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي وحتى الآن. واتخذ وزير الخارجية السعودي مؤخرا موقفا سلبيا من استعداد طهران للتفاوض مع السعودية، مكررا مزاعم لا أساس لها من الصحة بشأن إيران. ومع ذلك، فإن الطريق المسدود في الحرب اليمنية وزيادة الضغط الخارجي لإنهاء الحرب مع وصول جو بايدن إلى السلطة في امريكا، يحتاج المسؤولون السعوديون إلى التفاوض مع طهران. في غضون ذلك، يعد العراق خيارا جيدا يمكن أن يكون بمثابة مُيسر للعملية الدبلوماسية وتقييم الوضع بالنسبة للرياض.
المصدر / الوقت