“ذو الجناح” الحامل للأقمار الصناعية..أحدث اختبارات إيران الصاروخية الناجحة
جمهورية إيران الإسلامية، باعتبارها واحدة من 10 دول في العالم لديها القدرة المحلية على إطلاق الأقمار الصناعية في مدار الأرض، قدمت نفسها للعالم كلاعب جديد منذ حوالي عشر سنوات مع صاروخ “سفير” الحامل للأقمار الصناعية.
وبعد عدة عمليات إطلاق ناجحة لصاروخ “سفير”، ظهر صاروخ إيراني جديد حامل للأقمار الصناعية أثقل وزنًا يسمى “سيمرغ” في المدار، والذي لم يحقق النجاح المطلوب لأسباب فنية، ودفعت هذه المسألة بعض المنافسين الأجانب وأعداء إيران إلى المناورة علی إنهاء قدرة إيران التقنية والعلمية في هذا المجال، فانتهى الأمر في مايو من هذا العام بإطلاق ناجح ومفاجئ لقمر “نور” الصناعي بواسطة صاروخ “قاصد” الحامل للأقمار الصناعية من الصحراء الوسطى لإيران على ارتفاع 425 كم.
مع حلول الرابع عشر من فبراير، يوم صناعة الفضاء في إيران، بث التلفزيون الإيراني لأول مرة صور التجربة الأخيرة لجيل جديد من الصواريخ الحاملة للأقمار الصناعية يسمى “ذو الجناح”.
وفي هذا البرنامج، قدَّم السيد “أحمد حسيني” المتحدث باسم المجموعة الفضائية التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، إيضاحات مهمة للغاية حول خارطة الطريق واستمرار مشروع الفضاء الإيراني في مجال الأقمار الصناعية.
ووفق هذه الإيضاحات، فإن الصاروخ الحامل للأقمار الصناعیة “ذو الجناح” هو في الواقع نظام من ثلاث مراحل، أول مرحلتين منه يستخدم الوقود الصلب، والمرحلة الأخيرة تستخدم الوقود السائل.
وبالنظر إلى شكل الصاروخ وقت الاختبار، يتضح أن الاختبار الذي جری علی صاروخ “ذو الجناح” الحامل للأقمار الصناعیة، والذي بثت صوره أيضًا، كان لإحدى المراحل الثلاث المعنية على ما يبدو. وفي هذه المرحلة، كان نظام الدفع نشطًا لمدة 70 ثانية، وكان قادرًا على الوصول إلى ارتفاع 15 كم.
تبلغ قوة المرحلتين الأولى والثانية من هذا القمر الصناعي، وهما من الوقود الصلب، 74 طنًا لكل منهما، ويمكن أن تصل هذه القوة إلى 100 طن.
کما يبلغ قطر محركات المرحلتين الأولى والثانية التي تعمل بالوقود الصلب في صاروخ “ذو الجناح” الحامل للأقمار الصناعیة، والتي تعدّ أقوى مراوح الوقود الصلب في جميع أنحاء إيران حتى الآن، 1.5 متر، ويصل قطر المرحلة الثالثة إلی 1.25 متر.
كذلك، يبلغ الطول الكامل لهذا الصاروخ الحامل للأقمار الصناعیة 25.5 مترًا، ووزنه 52 طنًا، ويمكنه إيصال قمر صناعي يزن 220 كجم أو سلسلة من المقذوفات المتعددة بوزن نهائي 220 كجم إلى مدار 500 كم.
وللمقارنة، من الجيد معرفة أن صاروخ “سفير” الحامل للأقمار الصناعية، باعتباره الجيل الأول من الصواريخ الإيرانية الحاملة للأقمار الصناعية في قطاع الدفع القطري، كان يبلغ حوالي 1.25 متر ووزنه الإجمالي 26 طنًا، ويمكنه إيصال قمر صناعي بوزن 50 كجم إلى مدار 450 كم في الحد الأقصی.
والمثال الثاني، لفهم قوة هذا الصاروخ الحامل بشكل أفضل، هو أن “ذو الجناح” بمراحله الثلاث الكاملة، يمكنه إطلاق حوالي 10 أقمار “نور” الصناعية التي تم إطلاقها في الفضاء في مايو بواسطة سلاح الجو التابع للحرس الثوري الإيراني، في عملية إطلاق واحدة.
وفي الاختبار الأخير، الذي تم إجراؤه للمرحلة الأولى من الوقود الصلب فقط، تم تركيب سلسلة من أجهزة الاستشعار اللازمة لإجراء الحسابات اللازمة، لتقدير أداء أنظمة هذا الصاروخ الحامل، في الجزء الأول من الصاروخ.
ومن الأسئلة التي تطرح هنا، هي لماذا لم يتم استخدام الوقود الصلب للمرحلة الثالثة من هذا الصاروخ الحامل للأقمار الصناعية؟
والجواب على هذا السؤال هو، أنه بالنسبة للمرحلة النهائية لصاروخ حامل للأقمار الصناعية، وخاصةً في الظروف الجديدة لإيران، حيث تتطلب مسألة الحركة المدارية والحقن دقةً أكثر، من الضروري أن يكون وقت الاحتراق أو تشغيل النظام أطول، وفي بعض الحالات يتم إلغاء تنشيط نظام الدفع وإعادة تنشيطه.
رحلة إلى المدار المتزامن مع الشمس بصاروخ ذو الجناح الإيراني
من النقاط المهمة بشأن هذا الصاروخ الإيراني الجديد الحامل للأقمار الصناعية، هي أنه يطلق على منصة إطلاق متنقلة، ما يعني أن موقع إطلاقه لا يقتصر على نقطة معينة(على سبيل المثال، منطقة محافظة سمنان باعتبارها إحدى القواعد الرئيسة للإطلاق الفضائي في إيران)، بل يمكن أن ينطلق من أجزاء أخرى من البلاد، وخاصةً المنطقة الجنوبية الشرقية وسواحل “مكران”.
تم الإعلان عن نبأ بدء الدراسات الخاصة ببناء قاعدة الإطلاق الفضائي الثانية لإيران في “تشابهار”، ولكن من الواضح أن هذه مسألة مكلفة وتستغرق وقتًا طويلاً.
في الوقت نفسه، فإن امتلاك منصة إطلاق متنقلة لحاملات الأقمار الصناعية، يمكن أن يمكّن إيران من الإطلاق من منطقة مثل “تشابهار” بأقل بنية تحتية ممكنة.
بدايةً دعونا نقدِّم تعريفاً عن المدار المتزامن مع الشمس. المدار المتزامن مع الشمس هو نوع من المدارات القطبية المتمركزة حول الأرض(أو الكواكب الأخرى)، والتي تكون دائمًا في ساعة محددة بالنسبة إلى الأرض(الكوكب المضيف). يُعرف هذا المدار باللغة الإنجليزية باسم Sun-synchronous orbit، ويشار إليه بـ SSO اختصاراً.
بمعنى آخر، النقاط الموجودة أسفل القمر الصناعي في نصف المدار تکون في ساعة محددة من اليوم في أي لحظة(على سبيل المثال، 10:00 صباحًا) وفي النصف الآخر، أو بفارق 12 ساعة، لا تزال في ساعة محددة أخری من اليوم(على سبيل المثال، الساعة 22:00).
يُستخدم هذا المدار للأقمار الصناعية التي تحتاج إلى موقع إنارة محدد لإكمال مهمتها، أو يجب أن تمر فوق أقطاب الأرض وفق مهمتها. وعادةً ما يكون هذا المدار مناسبًا للتصوير الفوتوغرافي والأرصاد الجوية وأقمار الاستشعار عن بعد. ويتراوح الارتفاع المعتاد لهذا المدار المتزامن مع الشمس بين 600 و800 كيلومتر.
والقضية المهمة الأخرى هي الأهمية الاستراتيجية لمنطقة تشابهار لهذا الإطلاق، والوصول إلى هذا المدار. تشابهار هي أقرب نقطة من البر الرئيسي لإيران إلى خط الاستواء نوعاً ما، ووفقًا لموقع المدارات الأرضية المختلفة، كلما اقتربت نقطة الإطلاق الفضائي من خط الاستواء، كانت المسافة أقصر للوصول إلى المدارات المختلفة، وستكون عملية الحقن أسهل وأقل وقتاً.
وإذا نظرنا بدقة إلى موقع بعض القواعد الفضائية في العالم، مثل قاعدة الفضاء الأمريكية في فلوريدا أو قاعدة الفضاء الفرنسية في منطقة البحر الكاريبي، فسنرى أن مواقع الإطلاق هذه قريبة من خط الاستواء قدر الإمكان.
ومع أخذ ذلك في الاعتبار، وبالنظر إلى أن مسألة بناء النظام باستخدام الأقمار الصناعية الخفيفة، أمر شائع اليوم في العديد من البلدان الحديثة في العالم، وأن متطلب بناء النظام في الفضاء هو القدرة على الإطلاق من زوايا مختلفة من المدار، فإن وصول الجمهورية الإسلامية إلی نظام الأقمار الصناعية بات ممكنًا، مع وصول صاروخ “ذو الجناح” الحامل للأقمار الصناعية إلى الظروف المرضية لعمليات الإطلاق المتعددة.\
المصدر/ الوقت