خطر كبير يهدد قناة السويس المصريّة.. والقاهرة تتجرع كأس التطبيع
بعد التقارير الإعلاميّة المُكثفة التي تحدثت عن التأثيرات السلبيّة التي ستتعرض لها قناة السويس المصريّة، بسبب الخطوط البريّة التي يستعد الكيان الصهيونيّ الغاصب، لاستئناف تشغيلها وخاصة في نقل النفط ومشتقاته من ميناء إيلات على البحر الأحمر إلى ميناء عسقلان على البحر الأبيض المتوسط، أوضح رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، أنّه من غير المتوقع أن تتأثر حركة الملاحة عبر القناة بسبب إعادة تشغيل خط أنابيب الغاز إيلات-عسقلان، مضيفاً إنّ الخطوة لن تؤثر بشكل كبير على عائدات القناة، بحسب تصريحات إعلاميّة نقلتها نشرة “إنتربرايز” الاقتصاديّة المحليّة.
خط إيلات – عسقلان
استبعدت الجمهوريّة المصريّة أن يحل خط إيلات – عسقلان محل قناة السويس، وبيّن رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، أنّ حجم تجارة النفط الخام المصدر إلى أوروبا يمثل 0.61% فقط من إجمالي حركة التجارة عبر القناة، وقد توقف خط أنابيب الكيان الصهيونيّ الغاشم منذ أكثر من 20 عاماً، مع تغير خارطة تزود الاحتلال بالنفط، ليكون ميناء حيفا على البحر المتوسط هو الأبرز لاستلام النفط الخام.
وتتحدث الهيئة المصريّة، أنّ حركة الملاحة في قناة السويس تسير وفق المعدلات الطبيعيّة، وأوضحت أنّ الإيرادات خلال عام 2020 بلغت نحو 5.61 مليارات دولار، وسجلت القناة عبور 18829 سفينة بحمولات صافية 1.17 مليار طن، وهي ثاني أعلى حمولة سنويّة صافية في تاريخ القناة، وتوقعت ألا تتعدى نسبة تأثير الخط عند تشغيله 12-16%، من حجم تجارة النفط الخام المتجهة شمالاً وليس من إجمالي حركة التجارة عبر القناة، مشيرة إلى أنّ دول الخليج تصدر البترول الخام بشكل كبير إلى السوق الآسيويّ وخاصة الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان، بنسبة تزيد على 85% من الصادرات البتروليّة لمنطقة الخليج.
ومن الجدير بالذكر، أنّه يمر ما يقرب من 66% من صادرات النفط الخليجيّ إلى الدول الغربيّة عبر قناة السويس، وخط أنابيب “سوميد” الذي يربط الإسكندرية بالبحر الأحمر، في الوقت الذي يسعى فيه الكيان منذ تأسيسه عام 1948 إلى إيجاد بدائل لقناة السويس التي تشكل إحدى أهم الممرات في العالم لنقل النفط إلى أوروبا، بدلاً من دوران السفن حول إفريقيا، والتي تعتبر ثاني أكبر مَصدر للعملة الأجنبيّة لمصر بعد الموارد السياحيّة.
ومن المثير للاهتمام أنّ حركة التجارة في قناة السويس مرشحة للتناقص بأكثر من 17%، مع تشغيل أنبوب “إيلات-عسقلان” بموجب الاتفاق الإماراتيّ الإسرائيليّ، الذي وقعه الجانبان أواخر العام المنصرم، ويهدف إلى استخدام خط أنابيب إيلات – عسقلان وتفادي المرور عبر قناة السويس، لنقل النفط الخليجيّ إلى أوروبا وأميركا الشماليّة، إضافة إلى نقل نفط كل من أذربيجان وكازخستان إلى إفريقيا وجنوب شرق آسيا.
ويسمح الاتفاق التحالف الصهيونيّ الإماراتيّ بإنشاء جسر بريّ لنقل النفط بين دول المنطقة، بما يوفر الوقت والوقود مقارنة بالنقل عبر قناة السويس، فيما تقدم هيئة قناة السويس حالياً تخفيضات تصل إلى 75% على رسوم العبور لناقلات الغاز الطبيعيّ المسال، والعاملة بين الخليج الأميركيّ وشرق آسيا، حتى حزيران القادم على الأقل، ما يقلل من الرسوم المفروضة على السفن ذات الحجم الضخم إلى 99 ألف دولار بدلاً من 397 ألف دولار، وقد أظهرت بيانات حديثة صادرة عن مجلس الوزراء المصريّ، قبل أيام، أنّ قناة السويس أصبحت في الفترة الأخيرة المسار المفضل للناقلات الأمريكيّة التي تنقل الغاز الطبيعي المسال، والمتجهة إلى شرق آسيا بعد التخفيضات الأخيرة على رسوم العبور.
ويبلغ طول أنبوب إيلات – عسقلان 254 كيلومتراً، ويشمل خطين أحدهما للنفط وآخر للغاز، إذ يصل قطره إلى 42 بوصة لنقل الغاز، بينما يوازيه خط آخر بقطر 16 بوصة لنقل المنتجات البتروليّة مثل البنزين والديزل، وتصل طاقته التصديريّة إلى 1.2 مليون برميل يومياً، ومجهز بمضخات عكسيّة، تسمح بنقل النفط بين الميناءين باتجاهين، ويضم ميناء عسقلان خزانات للنفط بسعة 2.3 مليون برميل، ويستقبل ناقلات للنفط الخام بحجم 300 ألف طن، بما يفوق قدرة قناة السويس على استيعاب هذا النوع من الناقلات.
قواعد اللعبة
يحاول العدو الصهيونيّ بكل ما أوتي من قوة استغلال فرص نقل النفط الخليجيّ إلى أوروبا، وكان ذلك واضحاً من خلال الاجتماعات التي عقدتها وزارتا الخارجيّة والدفاع في حكومة الاحتلال، قبل أشهر، وشارك فيها مسؤولون كبار من شركة النفط الحكوميّة “كاتشا”، ويتضمن المخطط الصهيونيّ تفعيل خط “إيلات عسقلان” في الاتجاهين، بحيث يتم عبره نقل النفط الخليجيّ إلى الدول الأوروبيّة، إضافة إلى نقل نفط أذربيجان وكازاخستان، اللتين تربطهما علاقات قوية مع الكيان الصهيونيّ، إلى إفريقيا وجنوب شرق آسيا.
وقبل بضعة أشهر، فضحت صحيفة “ميكور ريشون” العبريّة، خطط حكومة العدو التي تسعى لاستغلال الفرص الاقتصاديّة والاستراتيجيّة، الناتجة عن اتفاقيتيّ التطبيع مع أبوظبي والمنامة، من بينها تحويل الأراضي التي يحتلها الكيان الغاصب في فلسطين، إلى مركز رئيس لنقل النفط الخليجيّ، وكشفت أنّ مخطط تصدير النفط الخليجيّ إلى أوروبا سيُغير “قواعد اللعبة” في الشرق الأوسط بشكل مطلق، حسب تعبيرها، وبيّنت أنّ المشروع في حال نجاحه سيؤثر بشكل سلبيّ على عوائد قناة السويس التي تربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، ومكانة مصر الجيوستراتيجيّة.
إضافة إلى ذلك، زعمت الصحيفة أنّ المشروع الصهيونيّ لنقل النفط الخليجيّ إلى أوروبا، يسعى لتقليص قدرة جماعة “أنصار الله” ، على القيام بعمليات استهداف لأنابيب تصدير النفط السعوديّ، والتي تأتي عقب كل عمليّة إجراميّة ترتكبها الرياض بحق الأبرياء في اليمن الذي دمرته الآلة العسكريّة لتحالف العدوان السعوديّ.
وعلى هذا الأساس، فإنّ الإمارات والبحرين اللتين وقعتا على الاتفاق دون قراءة البنود التي تلزمهم بتبني وتطوير تعاون في مشاريع تتعلق بالطاقة وبناء منظومات نقل إقليميّة لتعزيز أمن الطاقة، يبقى التحدي الأهم لبدء تنفيذ المخطط الصهيونيّ، هو تمكن قادة الإمارات من الضغط على حكام السعوديّة للتعاون من أجل تدشين مشروع العدو وإنجاحه.
وفي حال استطاعت أبوظبي المتحالفة مع الكيان الصهيونيّ، تأمين موافقة السعوديّة، فإنّه سيكون بالإمكان نقل النفط السعوديّ من منطقة “بقيق” شرق البلاد، إلى ميناء “إيلات” في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، عبر خط بريّ طوله 700 كيلومتر، وربطه بخط “إيلات عسقلان”، ليتم بعدها تصديره إلى أوروبا وأميركا الشماليّة.
المصدر/ الوقت