البرهان يطبع على بياض.. ومشاريع صهيونية تنخر الجسد السوداني
عقب تطبيع الخرطوم مع العدو الصهيونيّ الغاصب في 23 تشرين الأول الماضي، ودخول القرار الأمريكيّ برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب حيز التنفيذ، بعد أن عرضت إدارة الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب، ما يصل إلى 850 مليون دولار لضحايا الهجمات الإرهابيّة، أشارت صحيفة معاريف العبريّة، قبل أيام، إلى أنّ وزير المخابرات الصهيونيّ، إيلي كوهين، عرض على المسؤولين السودانيين، أن تقوم شركات تابعة للعدو بتنفيذ مشاريع في السودان، مضيفة إنّ السودان سيرسل قريباً وفداً من رجال الأعمال لتعميق التعاون، في حين لم تُعقب السلطات السودانيّة أبداً على تلك الأنباء.
مشاريع اقتصاديّة
بعد حوالي أسبوع من الزيارة الأولى لوزير الاستخبارات الصهيونيّ، إيلي كوهين إلى السودان، وقيام الجانبين بمناقشة احتمالات التعاون بين الخرطوم وتل أبيب، في مشروعات جزئية في مجالات الطاقة المتجددة والزراعة والصحة والطيران، ستنفذ تلك المشاريع من قِبَل قطاع الأعمال الصهيونيّ، وذكرت صحيفة “معاريف” العبريّة، أنّ شركة الأسمدة الصهيونيّة أعلنت عن استعدادها للنظر في تمويل 100% لإنشاء مصنع في السودان لإنتاج الأسمدة المناسبة للمناطق الجافة.
ويتحدث الإعلام الصهيونيّ، أنّ إيلي كوهين، أسهب في الحديث مع المسؤولين السودانيين عن شركات الأسمدة الصهيونيّة، التي تبيع منتجاتها في أكثر من 100 دولة حول العالم، وتشتهر بالإنتاج الأكثر أمانًا وكفاءة في السوق، وأن منتجاتها تسمح للفلاحين بزراعة المزيد من المحاصيل مع تأثيرات أقل على البيئة، بحسب ادعائه، فيما اقترح وفد العدو أن ترسل الحكومة بعثة إلى السودان، للتحقيق في منتجات الألبان من أجل تحديد الطرق الممكنة لزيادة إنتاج الحليب، وتقديم التدريب والمشورة حول هذا الموضوع في المناطق القاحلة من خلال تغيير أساليب تربية الأبقار.
وفي هذا الصدد، تعتزم الحكومة السودانية إرسال وفد من رجال الأعمال إلى الكيان الصهيونيّ في المستقبل القريب، للتعرف على المشاريع المختلفة عن كثب وبحث تعزيز التعاون وإلغاء قانون المقاطعة ضد الكيان الصهيونيّ المجرم، وتعديل القانون الذي ينص على حبس المهاجرين السودانيين، بما في ذلك من كانوا موجودين في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة وعادوا إلى بلادهم، وتسعى حكومة السودان لاستثمار علاقتها بتل أبيب لتحقيق جملة من المشاريع السياسيّة والاقتصادية، لاسيما بعد قرار شطب السودان من اللائحة الأمريكية للدول الداعمة للإرهاب.
رفض شعبيّ
لا يخفى على أحد أنّ تطبيع العلاقات بين الكيان الصهيونيّ والسودان جاء بعد تفاهمات على إزالة اسم السودان من القائمة الأمريكيّة للدول الداعمة للإرهاب، لكن قوى سياسية وطنية عدة، أعلنت رفضها القاطع لهذا الأمر، ما أفرز عن تشكيل الجبهة المعاديّة للتطبيع والمكونة من 28 حزباً وتكتلاً ومنظمة، وتؤكّد الجبهة أنّ قضيّة التطبيع لها أبعاد سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة، فيما تصر الحكومة السودانيّة على تصورها بأنّها قضيّة قمح ووقود تأخذ منه القليل مقابل بيع القيم السودانيّة، مشيرة إلى أنّها ترفض الدخول في حظيرة التطبيع الأمريكيّة، لأنه سينصب على السودانيين دكتاتور لا يعترف بالحرية والديمقراطيّة، بحسب تعبير القيادي بحزب المؤتمر الشعبيّ طارق بابكر، الذي بيّن أنّ السودانيين يقفون مع فلسطين بكامل أراضيها وعاصمتها مدينة القدس، ولا يعترفون بتقسيمها شرقيّة وغربيّة.
ويصف ميثاق جبهة “القوى الشعبيّة لمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ” التطبيع بأنّه محض صفقة مذلة معزولة تمت في الظلام، وتم استدراج السودان لها رغم أنفه، فيا ينص على أنّ القضية الفلسطينيّة عادلة لشعب احتلت أرضه وانتهكت مقدساته، وأنّ حقوق الشعب الفلسطينيّ ظلت محل إجماع الشعوب الحرة والشرائع الإنسانيّة كافة، إضافة إلى أنّ التطبيع مع الكيان الصهيونيّ يحقق نصراً معنويّاً وسياسياً لكيان محتل ظالم، وخذلاناً قاسياً للشعب الفلسطينيّ والعربيّ.
ومن الجدير بالذكر، أنّه في ليلة الإعلان المشؤوم عن إعلان اتفاق العار بين تل أبيب والخرطوم، خرج السودانيون في تظاهرات غاضبة وسط إحدى الشوارع الرئيسة في الخرطوم، احتجاجاً على الخيانة التي ارتكبتها حكومتهم، بتطبيع علاقاتها مع العدو الصهيونيّ، وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، مقاطع مصورة بثها ناشطون، وجّه المتظاهرون فيها شعارات منددة بينها “اسمع اسمع يا برهان، لا تطبيع مع الكيان” ، كما رددوا: “لا تفاوض ولا سلام، ولا صلح مع الكيان” ، و “لا بنستسلم ولا بنلين.. نحن واقفين مع فلسطين”.
يشار إلى أنّ الإدارة الأمريكيّة السابقة استغلت قضيّة التطبيع الذي قُدّم كإنجازٍ لترامب بعد اتفاق التطبيع الإماراتيّ – البحرينيّ مع العدو الصهيوني، رغم تحذيرات وكالة المخابرات المركزيّة ووزارة الخارجيّة الأمريكيّة، حول أنّ السودان ليس ناضجاً بعد للإعلان عن تطبيع علاقاته مع تل أبيب وأنّه من غير الصحيح فرض هذا الموضوع على الخرطوم.
في النهاية، تواجه الحكومة السودانيّة ضغوطاً داخليّة شديدة منذ توقيع اتفاق الخيانة، ويخشى من انعكاس آخر التطورات على الشارع السودانيّ، بسبب رفض الطبقة المثقفة السودانيّة لأيّ علاقات مع العدو الغاصب باعتبارها “خيانة وطنيّة”، ليبقى السؤال الكبير دون إجابة، وهو هل سيدفع رئيس “مجلس السيادة الانتقاليّ السودانيّ”، عبد الفتاح برهان، ثمن خيانته التي لم يذكر الشروط الأمريكيّة – الإسرائيليّة عليها؟، حيث من المتوقع أن تثقل كاهل السودان وهي عبارة عن 47 شرطاً.
المصدر / الوقت