من يُحرك المياه الراكدة في سوريا؟
عادت الفوضى الأمنية من جديد إلى شمال شرق سوريا وكذلك منطقة البادية، والأمر مرتبط بتنظيمين، الأول “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، والثاني: “داعش”. الاول يقول إنه يحارب الثاني وقضى عليه بدعم القوات الأمريكية، ولكن الواضح أن قوات “قسد” تضيق الخناق على المدنيين السوريين وليس على “داعش”، وتقتل المدنيين وليس “داعش”، السؤال لماذا ترافق إعادة بث الحياة في التنظيم الارهابي “داعش” مع حصار المواطنين في كل من الحسكة والقامشلي من قبل “قسد” في آن واحد؟، ولا ننسى أن ذلك كله تزامن مع وصول الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن لسدة الحكم.
داعش
هل من باب الصدفة يحصل كل هذا في آن واحد، فالتنظيم الارهابي “داعش” صعد من هجماته مؤخرا تجاه الجيش السوري واستهدف عدة قوافل للجيش، بعد أن كان في حالة “كمون” استمرت أكثر من سنتين، فهو ينشط حالياً في البادية السورية الممتدة من شرق محافظتي حماة وحمص (وسط) وصولاً إلى أقصى شرق محافظة دير الزور (شرق).
كيف تمكن هذا التنظيم، أو ما تبقى من فلوله، من ترتيب أوراقه الهجومية في مناطق صحراوية منبسطة خاضعة للمراقبة بسهولة جوا وبرا؟ ما هي الجهات التي تغذي داعش بالاحتياجات والدعم اللوجستي والمعلومات الدقيقة التي يبني عليها خططه الهجومية المباغتة؟ هل تحوّل هذا التنظيم الإرهابي إلى أداة تنفيذية بيد بعض القوى المنخرطة في الأزمة السورية تحركها تبعاً لبوصلة مصالحها؟ هل ما يقوم به داعش ما هي إلا رسائل من تلك القوى للإيحاء بأن سوريا أبعد ما تكون عن ضفاف الاستقرار والخروج من عنق الزجاجة؟ لماذا لا يسارع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية والذي تَشَكّل قبل بضع سنوات خصيصًا لمحاربة التنظيم على أرض العراق وسوريا، إلى القضاء على “داعش” على اعتبار أن جميع الرؤساء السابقين كانوا يتبجحون ويقولون إنهم قضوا على التنظيم ولكن هذا الأمر لم يحصل اطلاقا، ويبدو جليا أن استهداف الجيش السوري بالتحديد وعدم تحرك قوات التحالف وحتى “قسد” لمواجهته وهذه هي مهمتهم كما يقولون، أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من يقف خلف هذا التنظيم الارهابي.
قسد
ضيقت قوات “قسد” الخناق على السوريين المدنيين في كل من الحسكة والقامشلي، وحرمتهم من ابسط حقوقهم، ومنعتهم من التنقل بين المدن، لدرجة أن المواطنين لم يعد بإمكانهم تحمل قذارة “قسد” ما دفعهم للخروج والتظاهر ضد ما تفعله “قسد” بهم، لتكون النتيجة قتل شخص واصابة اربعة اخرين على يد قوات “قسد” التي أطلقت الرصاص الحي نحو المتظاهرين.
الأهالي كانوا سلميين ورفعوا شعارات تطالب بفكّ الحصار عنهم، وإدخال المواد الغذائية والطحين والمحروقات إلى مناطقهم. وانطلق الأهالي باتّجاه حواجز “قسد” عند خطوط التماس بين الجيش السوري و”قسد” في شارع فلسطين، حيث أظهرت مشاهد مصوّرة قيام عناصر القوات الكردية الموجودين على الحواجز بإطلاق الرصاص على المحتجّين، ما أدّى الى استشهاد مدنيّ وإصابة آخرين. وتسبّب إطلاق الرصاص بحالة ذعر في المدينة، أدّت إلى إغلاق معظم المحالّ التجارية أبوابها خشية تطوّر الاشتباكات، وسط تعزيزات عسكرية كبيرة استقدمتها “قسد”.
مؤخراً أنهت “قوات سوريا الديموقراطية” الحصار الذي فرضته على أحياء في مدينتَي الحسكة والقامشلي لنحو ثلاثة أسابيع. خطوةٌ جاءت في أعقاب سلسلة اجتماعات عُقدت بين ممثلين عن الحكومة السورية وآخرين عن “قسد” برعاية روسيا التي أثمرت مساعيها المتواصلة، منذ بدء هذه الأزمة، اتفاقاً يُحتمل أن يمهِّد لإعادة إحياء المفاوضات بين الجانبَين
وفتحت قوات “قسد” يوم الثلاثاء الماضي، الطرقات التي أغلقتها منذ نحو 20 يوماً ضمن حصار فرضته على أحياء وسط مدينة الحسكة وحيي حلكو وطي في مدينة القامشلي في سوريا، مع بدء دخول المواد الغذائية والمحروقات، وتوقعات بالمباشرة خلال الساعات القادمة بإدخال الطحين تمهيداً لإعادة إقلاع الأفران.
لا مفاجآت في الحصار الذي كانت تفرضه “قسد” على المدنيين، الذي جاء استجابة لمطالب أمريكية، من أجل التضييق على معاقل الدولة السورية في المدينتين، ضمن شروط أربعة أخرى، عشية وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض، تشمل وقف توريدات النفط بشكل نهائي إلى مناطق الدولة السورية، وإنجاز الحوار الكردي الكردي، وتخفيف التوتر مع الجانب التركي.
في الختام؛ وجدت واشنطن في مسلّحي التنظيم داخل سجون “قسد” ورقة استثمار سياسي وميداني، لتحويل البادية السورية وشريان الإمداد البري بين دول المحور، طهران وبغداد ودمشق، إلى واحة للتنظيم الإرهابي مرة أخرى، وخصوصاً بعد ترك الممرات مفتوحة بين البلدين، فليس مصادفة أن يتحرك التنظيم في هجمات متزامنة بين ساحتي سوريا والعراق منذ نهاية العام الفائت.
في الفترة التي بدأ الرئيس الامريكي الجديد جو بايدن ولايته الجديدة، بدأت الفوضى تعود إلى سوريا تدريجيا من خلال اعادة تفعيل التنظيمات الارهابية وعل رأسها “داعش” التي عادت لتهاجم المواطنين وقوافل الجيش السوري، وهذا ما هو إلا غيض من فيض، فالقادم سيثبت للعالم ماذا يعني قدوم بايدن للحكم، فجميع من هو متفائل بإدارة بايدن نقول له ستكون أسوأ دورة أمريكية على الاطلاق، فالولايات المتحدة الامريكية بجميع اداراتها الديمقراطية والجمهورية لم تجلب لهذه المنطقة سوى الدمار والخراب والفوضى، وكل ما تحاول تقديمه على انه لحماية المدنيين هو نفاق قذر.
لو كانت الولايات المتحدة الامريكية تريد الخير للسوريين، لما كانت وجدت اساسا على الاراضي السورية دون رغبة الحكومة السورية، فهذا تعدي على السيادة، ولو كانت تريد الخير لما كانت تعمل على تقسيم سوريا ودعم “قسد” و”داعش” من اجل التمهيد لتقسيم سوريا، وحاليا جميع المؤشرات تؤكد استمرار سياسة أسلافه دونالد ترامب وباراك أوباما، أو ربما الانتقال إلى سياسة أكثر عدائيّة.
المصدر / الوقتلا