التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

عرض أول صور لسجن “داعش” في مدينة الرقة السورية.. ملعب تحول إلى “سجن الموت” 

أصبحت مدينة “الرقة” السورية، معقل تنظيم “داعش” الإرهابي بين 2014 و2017، تحمل ثقلاً رمزياً شديد الأهمية ليس فقط على الصعيد السياسي بل على الصعيد الاجتماعي أيضاً وسواء أكانت اللحظة الحالية انتصاراً نهائياً على التطرف أم لا، فإن هزيمة “داعش” في الرقة كانت مترافقةً بمظاهر الاحتفال والفرح وعلى الصعيد الاجتماعي بدأت أبسط مظاهر الحياة التي حُرموا منها في ظل حكم “داعش” الإرهابية تعود تدريجياً إلى المدينة. فحينما كان “داعش” تسيطر على الرقة، قامت بفرض مجموعة من القوانين المتشددة على جميع السكان وبالأخص على الشباب والنساء. وكان يُحظر على الشباب ممارسة أبسط الحقوق مثل الحصول على قصة شعر متماشية مع الموضة الحالية أو حلاقة لحاهم، حيث فُرض عليهم إطلاق اللحية بطول خمسة إلى عشرة سنتيمترات على الأقل وارتداء الإزار وتقصير الثوب وعدم التدخين.


وفي الـ 13 من حزيران 2014 تمكنت قوات الجيش السورية وقوات محور المقاومة، من شن ضربات موجعة على معاقل تنظيم “داعش” الإرهابي، وشهد عام 2015 بداية انحسار للتنظيم الذي سيطر على مساحات واسعة بين العراق وسوريا. ولقد خسر هذا التنظيم الإرهابي معظم أراضيه في سوريا خلال عام 2017، بعدما استطاعت الحكومة السورية السيطرة على محافظة حمص في آب 2017. وكانت أهم خسارة مني بها التنظيم هي هزيمته في مدينة الرقة السورية في تشرين الأول 2017، والتي كان يعتبرها عاصمة له. وخلال تلك الفترة هرب عناصر هذا التنظيم الإرهابي من الرقة إلى شرق محافظة دير الزور، وفي الـ 15 من آذار، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن نسبة سيطرة تنظيم “داعش” على الأرض لا تتعدى 2.2%، بمساحة بلغت 4090 كيلو مترا مربعا ممثلة بجيب كبير في البادية السورية غرب الفرات. ولقد تجمع في تلك المنطقة ما تبقى من عناصر التنظيم، وخاصة في بلدتي “الباغوز وهجين” وهناك كانت نهايتهم في الـ 23 من آذار 2019. على يد قوات الجيش السوري وقوات محور المقاومة.

وحول هذا السياق، نشرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية قبل عدة أيام صوراً مروعة من داخل أحد أكبر السجون التي أسسها تنظيم “داعش” في مدينة الرقة، واصفةً إياه بـ”سجن الموت” حيث تحول لمكان سُجن وعُذب وأُعدم فيه الآلاف. وتُظهر الصور التي التقطت داخل ملعب نادي الشباب الرياضي بالرقة الذي تحول إلى “سجن موت”، أن حبال الإعدام لا تزال تتدلى من الأسقف وهناك آثار يد ملطخة بالدماء على الجدران، وملاحظات يائسة من الضحايا مكتوبة على الجدران أيضاً. ويقع مركز الإعدام المهجور في الطابق السفلي من ملعب كرة القدم في المدينة التي تعرضت للقصف، إذ تظهر الصور كيف تم تحويل المراحيض وغرف تبديل الملابس إلى زنزانات حبس انفرادي وغرف تعذيب. وكان “جيمس بينغهام” الصحفي في صحيفة “ديلي ميل” كان قد التقط الصور بعد أن تمكن من الوصول إلى السجن في أواخر ديسمبر الماضي؛ بينما كان يسافر عبر سوريا كمندوب لمنظمة “فرونت لاين تشيلدرين” ليرى كيف يمكن للمنظمة أن تساعد في دعم جهود الإغاثة.


ولقد ذكر “بينغهام” مندوب المنظمة الخيرية في مذكراته بعد زيارة المكان: “أتبع دليلي عبر المجمع، فوق الأنقاض في أحشاء المبنى.. العديد من الزنازين المؤقتة صغيرة للغاية، ولا تكاد تتسع للاستلقاء. معظمها ليس لها نوافذ أو أي ضوء.. والمدارس على بعد 700 متر. كما تُظهر الصور عدداً من الغرف المليئة بالرسوم على الجدران وأسماء السجناء وآخر الكلمات، لقد عانى الناس الذين تم إحضارهم إلى هنا بشكل رهيب ونادراً ما تُركوا أحياء.. تم إعدام معظمهم ودفنوا في أرض الملعب”.

ولفت المصور إلى أنه عندما سقطت الرقة عام 2017، اتخذ العشرات من المسلحين الذين رفضوا الاستسلام موقفهم الأخير في ملعب المدينة، ما تسبب بدمار كبير للمركز الرياضي، كما أن هناك أدلة على عدة ضربات جوية مباشرة تسببت بانهيار أجزاء من السقف. ويقول المصور، إن “هناك جهوداً اليوم لتطهير الملعب ومحو ماضيه المؤلم، على أمل إعادته إلى الحياة كمكان رياضي. ومع ذلك وفي ظل غياب التمويل والدعم الدولي، فإن التقدم بطيء للغاية، إذ إن شخصين أو ثلاثة فقط يعملون على ترميم المكان”. مضيفاً، “لا تزال باقي مناطق الرقة في حالة دمار مماثلة، حيث يوجد أكثر من 11000 مبنى غير صالح للسكن. كانت هناك اضطرابات مستمرة في إمدادات المياه خلال عام 2020، وخدمات الرعاية الصحية محدودة والصرف الصحي رديء”.

وأعرب المصور أنه خلال عملية طرد “داعش” من الرقة، قُتل أكثر من 1600 مدني نتيجة لآلاف الضربات الجوية لقوات الجيش السوري وعشرات الآلاف من الضربات المدفعية لمحور المقاومة. ويقول “بينغهام”، كانت “هناك مساعدة دولية محدودة للسكان لإعادة البناء، واليوم “أصبحت عائلات بأكملها تعيش مع القذائف في المباني التي تعرضت للقصف”. ويضيف: “وجدت في الرقة العديد من الأطفال الصغار يتجولون في الشوارع، غالباً دون أحذية أو ملابس دافئة، على الرغم من الشتاء، ولا تزال المدينة في حالة خراب بعد سنوات من الحرب والوضع مروع لمن بقوا”.

الجدير بالذكر أن تنظيم “داعش” الإرهابي خلف عشرات آلاف القتلى من المدنيين في السنوات التي سيطر فيها على أراض في العراق سوريا. ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عدد القتلى على يد داعش وصل إلى 5939، منهم 5087 رجلا وشابا، و476 طفلا دون سن 18، و376 سيدة فوق سن الـ 18. فيما بلغ عدد قتلى الفصائل المتشددة من جميع الجنسيات بما في ذلك عناصر تنظيم داعش، نحو 65 ألفا و726 منذ بداية تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا بالتزامن مع اندلاع الثورة في 2011، وفقا لآخر إحصائية للمرصد نشرت في الـ 15 من آذار. ولقد ساهم تنظيم “داعش” الارهابي في ضياع جزء كبير من التراث السوري والعراقي، جنبا إلى جنب مع مهربين للآثار الذين تعاونوا مع عناصر في التنظيم المتشدد. وشملت قائمة المتاحف التي تعرضت للنهب والسرقة والتدمير خلال الحرب السورية: متحف الرقة وقلعة جعبر، ومتحف حماة، ومتحف التقاليد الشعبية في حلب، ومتحف المعرة، وفق تقرير اليونسكو.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق