التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, نوفمبر 14, 2024

اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين بكين وبغداد.. هل يستسلم الكاظمي لرغبة واشنطن؟ 

مع بداية العام الجديد (2021)، ربما يكون العراق في أزمة أكثر من أي وقت مضى في السنوات منذ 2003 من حيث التمويل والأزمة الاقتصادية. في غضون ذلك، انتقدت تيارات سياسية عراقية بشدة أداء حكومة الكاظمي واعتبرت تصرفات الحكومة غير كافية لتجاوز الأزمة الحالية.

في غضون ذلك، كان من بين القضايا التي بحثها أعضاء مجلس النواب العراقي مؤخرا متابعة بنود تنفيذ الاتفاقية الاقتصادية بين الصين والعراق. حيث أعلن وليد السهلاني رئيس كتلة الخدمة والبناء في مجلس النواب العراقي، إرسال رسالة إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يطلب فيها تفاصيل الاتفاق مع الصين، وينتقد فيها عدم تنفيذ بنود الاتفاقية. مشيدا بتنفيذ هذه الاتفاقية لما لها من اثر ايجابي على اقتصاد العراق.

الآن، أثارت القضية التي أثارها هذا العضو في البرلمان سؤالاً عن سبب عدم اتخاذ عملية تنفيذ اتفاقية بكين – بغداد الاقتصادية بعداً عمليا. وهل يمكن تقييم ذلك بسبب الأزمة المالية في العراق أم إن الجهات الأجنبية تعرقل تنفيذ هذه الاتفاقية؟ وللاجابة على هذا السؤال، لا بد أولاً من التطرق إلى بنود هذه الاتفاقية، ثم دراسة التطورات في العراق بعد هذه الاتفاقية.

غموض ابتعاد الكاظمي عن الصين وعزل عبد المهدي

في سبتمبر 2019، قبل شهر من انطلاق احتجاجات الشوارع في العراق، تم توقيع اتفاقية اقتصادية بين البلدين بعقد قيمته 500 مليار دولار خلال زيارة عادل عبد المهدي لبكين التي استمرت خمسة أيام في 19 سبتمبر الماضي. خلال هذه الزيارة تم التوقيع على ثماني اتفاقيات ومذكرات تفاهم، ونفذت هذه الاتفاقية في الأول من أكتوبر بإيداع 500 مليار دولار في صندوق خاص أنشئ لهذا الغرض. وبموجب اتفاق بكين وبغداد، كان من المقرر أن يأتي المبلغ من البيع اليومي لـ 100 ألف برميل من النفط العراقي و 10 مليارات دولار من ضمان البنوك الصينية.

ومع ذلك، يُشار إلى أنه في نفس الوقت الذي تم فيه تنفيذ هذه الاتفاقية بقيمة 500 مليار دولار، بدأت موجة احتجاجات في العراق في الأول من تشرين الأول (أكتوبر)، وتم تنفيذ مشروع الإطاحة بعادل عبد المهدي من السلطة. في الواقع، ألقى العديد من المراقبين السياسيين باللوم على الاتفاقية الصينية العراقية على الغضب الأمريكي من رئيس الوزراء العراقي آنذاك عادل عبد المهدي.

لكن في حكومة مصطفى الكاظمي، أصبح تنفيذ هذا الاتفاق الآن في حالة من الغموض، ويبدو أن الحكومة ليس لديها الكثير من الإرادة لتنفيذ أحكامها. وعلى الرغم من إصرار الكاظمي دائما على أن حكومته لم تلغ أياً من الاتفاقيات الموقعة بين العراق والصين، وأن تنفيذ الاتفاقيات والمذكرات مع الدول العربية والأجنبية يعتمد على الموافقة على مشروع قانون موازنة العام المقبل، إلا أن إجراءات وزارته تظهر بوضوح ان الكاظمي يسعى لإيجاد واستثمار رؤوس أموال جديدة في العراق بطريقة جديدة.

ضغوط أمريكية عربية على الكاظمي لإبعاد بغداد عن بكين

في ظل الظروف العادية، سجلت الحكومتان العراقية والصينية 30 مليار دولار في التجارة قبل تفشي كورونا، ما جعل بكين أكبر مشتر للنفط وشريك تجاري لبغداد. لكن الاتفاق الضخم بين بغداد وبكين أثار سخط وقلق امريكا منذ اللحظة التي وقع عليه الجانبان لأنه وفقا لذلك، كان تبادل عائدات النفط مع تنفيذ مشاريع في العراق من قبل الصينيين على جدول الأعمال. وهذا يعني أن الصين ستصبح أكبر مستثمر في قطاعات الطاقة المدنية والحضرية وحتى المستقبلية في العراق.

ونتيجة لذلك، رأينا أنه منذ اليوم الأول لتنفيذ هذه الاتفاقية، بدأت الاحتجاجات في العراق واستمرت لعدة أشهر في مدن مختلفة. ويشار إلى أن القوات الأمنية العراقية اعتقلت عدة فرق تتبع لامريكا وعدة دول عربية مثل الإمارات والسعودية خلال احتجاجات الشوارع، وهذا وحده يظهر استياء واشنطن والعرب من اتفاق بغداد والصين.

لكن في الأشهر الأخيرة، وخاصة بعد استلام مصطفى الكاظمي منصب رئيس الوزراء العراقي في 7 أيار 2020، بدأت الجهود الأمريكية العربية لإبرام اتفاق اقتصادي واستراتيجي مع بغداد. وفي هذا الصدد، شهدنا مرحلتين من المباحثات الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن. كما قامت دول عربية بتشجيع من امريكا بتقديم عدة مقترحات للاستثمار في العراق. حيث ان كل هذا الضغط دفع الحكومة العراقية إلى الإعلان عن توقيع اتفاقية ومذكرة تعاون مع مصر والأردن بشأن إعادة الإعمار والتعليم والبنية التحتية والقطاع الصحي، والتي يقول الخبراء إنها محاولة لإيجاد بديل غير مناسب لاتفاق بكين.

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن أياً من الجهات العربية الفاعلة التي تدعي الاستثمار في البنية التحتية للعراق ليست فقط قادرة على تقديم المساعدة المالية للعراق، ولكن على المدى الطويل، سيفوت العراق فرصة إعادة اعمار البلاد. في الواقع، ان استثمار الصين البالغ 500 مليار دولار في العراق هو استثمار لا يمكن ان يكون عمليا ليس فقط للعرب، ولكن أيضا لامريكا وأوروبا، وستعاني بغداد كثيرا في حال استسلم الكاظمي لإرادة واشنطن.

المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق