لماذا تنقل واشنطن معداتها مجدداً نحو سوريا
لا نعتقد أن التاريخ شهد وقاحة كتلك التي تتمتع بها الولايات المتحدة الأمريكية، فهي تحتل الدول عنوة وتتدعي أنها تدافع عن ديمقراطية هذه الدول، وحاليا هي تتواجد على الأراضي السورية، بدون اذن من الحكومة السورية، إذاً هي دولة تحتل أراضي دولة أخرى وتعتدي على سيادتها، واليوم جائتنا ادارة أمريكية “ديمقراطية” ولكن جميع المؤشرات تدل أنها ستكون اكثر خطرا على المنطقة من سابقاتها، فهاهي الإدارة الجديدة تعطي الضوء الأخضر لـ”قسد” بمهاجمة الشعب السوري وقوات الجيش، ولكي تدعم هذه المليشيا، أرسلت معدات جديدة نحو شمال شرق سوريا.
وبحسب وكالة “سانا” السورية، قامت قوات الاحتلال الأمريكي بنقل جنود من قواتها ومعدات وأسلحة من الأراضي العراقية باتجاه قاعدتها غير الشرعية في مدينة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي. وذكرت المصادر أن “ثلاث حوامات تابعة لقوات الاحتلال الأمريكي هبطت الليلة الماضية في القاعدة غير الشرعية في مدينة الشدادي قادمة من العراق كان على متنها 15 جنديا من قوات المارينز مجهزين بكامل عتادهم إضافة إلى معدات لوجستية وذخيرة وأسلحة”. ولفتت المصادر إلى أن “استقدام هذه الأسلحة والمعدات يدخل في إطار بدء الاحتلال الأمريكي بإنشاء قواعد جديدة له بريف الحسكة”.
وكانت قافلة مؤلفة من 40 شاحنة محملة بالأسلحة والمواد اللوجستية تابعة لما يسمى “التحالف الدولي” بقيادة واشنطن دخلت أمس إلى قواعده في محافظة الحسكة عبر معبر الوليد الحدودي غير الشرعي مع شمال العراق.
وإذا رجعنا إلى الوراء سنجد، أنه ازداد عدد القوات الأمريكية بشكل تدريجي في سوريا اعتبارا من 2016 ليصل تعدادها رسميا إلى 2000 جندي يتمركزون في قواعد عسكرية بمناطق شرق وشمال البلاد حسب ما كشفت عنه صحيفة نيويورك تايمز.
أين تتواجد القواعد الأمريكية؟
أبرز هذه القواعد هو مطار الرميلان بمحافظة الحسكة في شمال شرق سوريا قرب الحدود مع تركيا والعراق. المطار موجود في منطقة تضم عددا من الآبار النفطية، تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من امريكا.
وإلى جانب هذا المطار تنتشر القوات الأمريكية في خمس مواقع رئيسية أخرى في هذه المنطقة الغنية بالنفط، والواقعة في محيط نهري دجلة والفرات.
بينها قاعدة الشدادي الواقعة بين محافظتي الرقة ودير الزور، وقرب نهر الخابور، ما يكسبها أهمية إستراتيجية خاصة، عدا عن قربها من الحدود السورية العراقية، ما يمنحها القدرة على سرقة النفط السوري بسلاسة. وتضم هذه القاعدة مهبطا للطائرات المروحية ومعسكرا للتدريب.
بالإضافة إلى موقع منطقة كوباني (عين العرب) الواقعة على الحدود العراقية التركية، والقريبة من مواقع القوات التركية والفصائل السورية المعارضة التي تدعمها أنقرة، كذلك هناك قاعدة المبروكة وقاعدة تل البيدر في محافظة الحسكة، قرب محافظتي الرقة ودير الزور اللتين كانتا المعقلين الرئيسيين للتنظيم المتطرف. وعلى مقربة من مدينة الحسكة، مركز المحافظة التي تحمل نفس الاسم، ومدينة القامشلي، إحدى أهم وأكبر المدن ذات الأغلبية الكردية في المنطقة.
وتتواجد القوات الأمريكية كذلك في قاعدة عسكرية بمدينة تل أبيض في محافظة الرقة، قرب الحدود السورية التركية، غير بعيد عن مدينة الرقة، العاصمة السابقة للتنظيم المتطرف.
وخارج مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية أنشأت القوات الأمريكية قاعدة عسكرية عند حقل العمر النفطي قرب مدينة الميادين بمحافظة دير الزور.
إلى جانب قاعدة التنف ذات الأهمية الإستراتيجية عند المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن، والتي كانت محور توتر عدة مرات بين الولايات المتحدة والحكومة السورية، وأنشأت قاعدة الزكف على بعد 70 كيلومترا إلى الشمال الشرقي منها بهدف دعم هذه القاعدة لإيجاد منطقة عدم اشتباك في المثلث الحدودي.
ما أهداف واشنطن في سوريا؟
أولاً: شرق الفرات يحتوي على غلة سوريا من النفط والقمح ومصادر المياه وغيرها من الثروات والموارد الطبيعية، لذلك نجد الولايات المتحدة تسخدم كامل نفوذها للبقاء هناك، وحرمان الشعب السوري من موارده الطبيعية، وهذا سبب ادعاء القوات الأمريكية الانسحاب ومن ثم العودة، فهي تريد سرقة خيرات سوريا بكل السبل الممكنة، دون ان تتعرض لضغوط دولية.
واشنطن تستغل ما يجري في سوريا، وتدعم المشروع الكردي الانفصالي لمصالحها الشخصية، وما تواجد “داعش” هناك الا خدمة للمشروع الامريكي، فهي تريد ان تعيد توزيع الديموغرافيا السورية، والدليل انها قامت بتهجير مئات الآلاف من العرب، هذا إذا لم يتجاوز العدد مليوناً وأكثر، من مناطق يشكلون فيها أغلبية مثل الحسكة والرقة وريف دير الزور وهدم بلدات وقرى عربية بأكملها وتسويتها بالأرض وتهجير أهلها في شمال وشرق سوريا؟ ولا أحد يتحدث عن مصير هؤلاء.
ولكي تكمل واشنطن شرها في سوريا، أصدرت قوانين بموجبها فرضت عقوبات على سوريا، وكما قال وزير الخارجية السوري الراحل، وليد المعلم، أن الولايات المتحدة تحاول حرمان الشعب السوري من “آخر كسرة خبز” مستخدمة العقوبات كسلاح أخير لتحقيق أهدافها في سوريا، مضيفاً بأن دمشق تعلمت بالفعل كيفية مقاومة عقوبات واشنطن واتخاذ إجراءات لمكافحة تداعيات هذه العقوبات.
ثانياً: للولايات المتحدة الامريكي اهداف استراتيجية من ابقاء قواتها شرق الفرات، اذ تستهدف هذه القواعد تحقيق عدّة أهداف، التهديد المباشر باستخدام القوّة ضد أيّة دولة تعارض الوجود الأميركي في المنطقة، والحفاظ على أمن الكيان “الإسرائيلي” ضد أيّة محاولة تهدف إلى دعم القضية الفلسطينية من أجل استعادة الحقوق المُغتَصبة في الأرض والوطن، والمراقبة والتجسّس والتدخّل في الشؤون الداخلية للدول وافتعال الأزمات المُستدامة.
اذا التواجد الأميركي العسكري في سوريا الممتد على طول الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا، الشمال الشرقي حيث يسيطر على غالبية هذه الحدود الكرد، يشير إلى نوايا أميركا في تعزيز مبدأ الانفصال والتقسيم والفيدرالية السوري، مع الأخذ بعين الاعتبار الذرائعية الأميركية اللامنطقية، تتذرّع أميركا في مكافحة الإرهاب الذي صنعته، وأن دور هذه القواعد مهم بالنسبة للعمليات العسكرية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا، تأمين طرقات سريعة للإمداد والتموين والخدمات الأخرى المختلفة للقوات الأميركية والغربية بحسب ما تزعمه، ولكن الواقع هو الدعم المباشر للإرهاب بغية تحقيق التنافُس مع الروسي في المنطقة وإعادة سيناريو أفغانستان.
المصدر/ الوقت